الاثنين، 23 سبتمبر 2013

أقل من ثورتين فى حلقات الثورة المصرية

يبدو اننا مضطرين لأن نستخدم  اصطلاح (ثورة ) سواء كان ذلك ماأطلق على 25 يناير او 30 يونيو .. بالرغم من افتقاد الاثنتين لشروط الثورة بالمعنى العلمى الكلاسيكى من حيث كون الثورة انقلابا اجتماعيا .. يزيح نظاما بأكمله ويأتى بنظام جديدة لادارة الدولة تصحح توازنا كان قد اختل فى العلاقة بين الدولة والمجتمع  .. بعل استحالة ان تظل الطبقات المسيطرة فى الحكم واستحالة ان تظل الطبقات المنضغطة والمقهورة  على قهرها وعلى انضغاطها اسفل السلم الاجتماعى .....
 باختصار .. الثورة .. اى ثورة .. تبدأ فى ان تكون ثورة من حيث يحدث كنتيجة مباشرة لها تغييرا جذريا فى البنى التحتية والفوقية للمجتمع تتغير بمقتضاه كافة اشكال الحكم والسلطة والدولة ...
 ويبدوا انه بالفعل كانت الكتلة الاساسية من الشعب والتى خرجت فى 25 يناير هى كتلة الشباب المهمش اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وانضمت لهم شرائح واسعة من العمال و افراد الطبقة الوسطى وكل الفئات التى كانت قد انضغطت خلال العقود السابقة عن يوم 25 يناير وعانت من القهر الاجتماعى وكذلك القهر السياسى كمكمل فوقى لحالة الانضغاط الاجتماعى وكتعبير عن ازمة الطبقة المسيطرة نفسها التى ماعادت تستطيع ان تحكم دونما تشديد للقبضة البوليسية ...
وكان اهم شعار يلخص ويكثف  مطالب هذه الاغلبية الشعبية هو ( .. عيش  - حرية عدالة اجتماعية ) وكان لافتا للنظر ان غالبية الشعارات التى طرحت فى ميادين وشوارع 25 يناير كانت فى غالبيتها شعارات اليسار المصرى التى طرحت من قبل فى 18 ,19 يناير 1977 ... كان صوت الشيخ امام حاضرا فى 25 يناير وهو كان الصوت الرسمى ل 18 و19 يناير ... بل كانت اغانى محمد حمام ( المطرب اليسارى والمناضل الثورى ) تجلجل فى ميدان التحرير .... بينما كان اليسار ( الطليعة المنظمة والقيادة المؤهلة لذلك الدور ) حاضر بشعاراته غائب بجسده .. ولاتحسبن الشباب والفتيات الفرادى - وهم كانوا بالمئات فى الميادين - لاتحسبنهم هم القيادة والطليعة ... وللانصاف فاليسار كان خارجا لتوه من مطحنة نظام السادات ثم حالة التجريف الذى مارسها نظام مبارك على كل شئ بما فيها بعض قطاعات اليسار  ( و فى ظل رؤيتها لانخفاض الاسقف التى يتيحها النظام للعمل السياسى واعتمادها خط التناقض المتداخل كبديل للنضال بين جماهير اليسار العريضة التى كثيرا ماأرسلت اشارات متقطعة منذ 2004  وأشارات واضحة فى ابريل 2008 .. ولكن هذه القطاعات لم تكن للاسف مهيئة لتلقى تلك الاشارات والعمل وسط جماهير 2008 .. والتى  كانت الخميرة الاساسية لجماهير 25 يناير 2011 ...)  وللأسف اهدرت الفرصة التاريخية فالظروف الموضوعية للثورة والمتمثلة فى رفض الطبقات المنضغطة لحكم الطبقات المسيطرة وعجز الطبقات المسيطرة عن ان تحكم واصابة نظامها السياسى بالشيخوخة .. ولكن الظروف الذاتية المتمثلة فى وجود قيادة ثورية منظمة تحمل مشروعا ثوريا لاسقاط النظام واحلال نظام بديل .. كانت غير جاهزة وغير ناضجة .. كذلك فأن وعى الشباب الثائر لم يكن على مستوى الحدث .. هؤلاء الشباب الذين خرجوا للميادين وفوجئوا بشيخوخة النظام وامكانية اسقاطه فى الوقت الذى لم يكن لديهم توحد وتنظم حول مشروع سلطة بديلة وسياسات بديلة ورؤية بديلة لادارة الدولة الجديدة بعد اسقاط كامل النظام ... بل  ان هؤلاء الشباب الذين كانوا يتسمون بالجرأة وفى نفس الوقت بالكفر بالنخب السياسية وبممارسة القطيعة مع الاجيال السابقة - بفعل اخطاء النخب وتشوه فى الرؤى عند شباب الثورة - هؤلاء الشباب انصرفوا وتركوا الميادين بعد اعلان مبارك التنحى عن الحكم ... وتفرغوا للاحتفال بسقوط نظام لم يسقط بكامله .. بل سقطت رأسه فقط ... وكان ذلك الخطأ  تجسيدا لفكرة قصور الظروف الذاتية لانجاح الثورة واكتمالها وهو ما ظل قائما فى 30 يونيو ....
 اذن نحن امام احداث هى اكثر من انتفاضة شعبية وأقل من ثورة .. لذا كان من السهل ان ينقض اليمين الدينى المتطرف على السلطة سارقا دماء وتضحيات الشعب المصرى مستغلا حالة تزييف الوعى التى مورست على الشعب المصرى منذ سبعينيات القرن الماضى باسم الدين ... لقد وثبت الرأس الدينية لليمين  الفاشى بمساعدة المجلس العسكرى ( الذى كان من اختيار مبارك نفسه ).. بدلا من الرأس المدنية الملتبسة بسطوة المال والقبضة البوليسية  .. وهى وصفة تاريخية معروفة ومجربة  لوئد الثورات ( دائما ماقطعت الفاشية الطريق على الثورات الشعبية -موسلينى فى نموذج ايطاليا وهتلر المانيا وفرانكو اسبانيا )
وانتفض الشعب المصرى ثانية فى 30 يونيو 20013 وثار ضد الحكم الدينى .. الا انه عانى من نفس الاشكالية  .. اشكالية التنظيم والقيادة والمشروع البديل ..
 والمقدمات دائما لاتنتج سوى مايتوافق منها ومايتوازن معها ... بمعنى ان هناك فارق بين رغبة وارادة الشعب المصرى وبين مقدرته على الحسم والتى لم يجد امامه سوى الجيش بقوته وتنظيمه الهائل لينفذ تلك الارادة وبالتالى فمن الطبيعى ان تأت النتائج محدودة ...
فالجيش ليس تنظيما ثوريا  .. ومن غير المقبول ان نعتبره كذلك ولاهو كان اداة الرجعية لظروف تاريخية تخص جيشنا الوطنى منذ انشأه محمد على وابنه ابراهيم مرورا بأحمد عرابى وجمال عبد الناصر وامتدادا  بشهدائه عبد المنعم رياض والرفاعى وغيرهم ..
 لكنه لم يكن هو ايضا( على قوته وقدرته على حسم مسألة اخراج الاخوان من السلطة ) مؤهلا لانجاز مشروع السلطة الوطنية الديمقراطية ...
لذلك فنحن امام نتاج  لم يبرأ بعد من ضعفه  ... وامام حلقتان من حلقات الثورة التى لم تكتمل بعد .... ولن تكتمل فى ظل اصطفاف وطنى تغلب عليه قوى ليست صاحبة مصلحة فى تغيير حقيقى ... وهى سترفض ان تجيب على سؤال العدالة الاجتماعية الجوهرى ولن تجيب على سؤال التنمية الشاملة لأن اغلبها قوى تعبر فى حقيقتها عن ذات الطبقة الكمبرادورية المسيطرة اجتماعيا ولازالت ...
 فهناك حقيقة هامة وهى ان تناقضات هذه اللحظة المأزومة بين اليمين المدنى واليمين الدينى هى تناقضات ليست اساسية ... بل ان التناقضات الظاهرة على السطح هى مجرد تناقضات سياسية (سيتم حلها سياسيا ) وليدة لحظة غبش سياسى مؤقت يحيط ببصيرة اليمين المدنى وخشية من تمرد القواعد الشعبية لهذه الاحزاب ..
 وبالتالى اذا لم يخرج اليسار من هامش الموقف السياسى مندفعا الى المتن بدأبه المعهود وبرؤاه الثورية الحاسمة .. فالأمر سيظل الى امد غير قليل يتأرجح بين حالات العنف الاجتماعى والاحتجاجات وبين الاحباطات .. وسقوط المشاريع السياسية الاصلاحية ..

هناك تعليقان (2):

  1. حمدى عبدالعزيز من اجمل وانبل من عرفت بالبحيرة
    انسان باحث ويناضل من اجل الانسانية.دمت رفيق بكل الخير مناضلااشتراكيا بامتياز

    ردحذف
    الردود
    1. اشكرك صديقى المناضل الثورى الاشتراكى عبد الرؤوف بطيخ ... أسعدنى جدا حضورك على مدونتى .. ولعلها تعجبك وتستحق ان تأخذ من وقتك بعض الوقت للقراءة وابداء الرأى (سواء بلمخالفة او القبول ) .. يأهتم جدا بملاحظتك على ماأكتبه .. لأننى اعرف قيمتك وقيمة ارائك .... تحياتى

      حذف