الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

كهنة الدولة المصرية ودراويشها

بادئ ذى بدء انه كان ضروريا ان يصطف هذا الاصطفاف  السياسى الواسع من القوى الشعبية والقوى الليبرالية فى 30-6-2013   ولاضير ان يتواجد وقتها فى الميادين والشوارع كهنة الدولة كبار موظفى الدولة (  كبار خدم الدولة من البيروقراط والتكنوقراط ) ورجال الأعمال من شاربوا حليب الدولة ورضاع ثرواتها ... 

 وكذلك تحرك دراويش الدولة اولئك الذين لايحركون ساكنا فى اوقات الصراعات السياسية ولا يشاركون فى الاستحقاقات السياسية الا لمساندة رجال الدولة ( الحزب الحاكم بدأ من الوفد القديم - مرورا بالاتحاد الاشتراكى فحزب مصر العربى فالحزب الوطنى الديمقراطى .. وهلم جر ..)   

واولئك الدراويش هم عمد ومشايخ القرى وكبار العائلات من كبار الملاك الزراعيين ومن والاهم ... 

لاضير فى ان يتواجد كل هؤلاء فى 30 يونيو فأخطاء  الأخوان المسلمين بل وجرائمهم فى حق الوطن كانت كثيرة وقاتلة وكان حكمهم بالفعل يهدد الأمن القومى المصرى ويعرض البلاد لويلات خطر المجاعات والحروب الاهلية والانهيار الادارى العام لأركان الدولة المصرية ...  

والاخوان لم يدركوا .. ( وهذه خطيئتهم الكبرى التى ولدت كل الأخطاء من بعد ) انهم جاءوا ضمن صفقة ( استبدال  رأس طبقى ) أعقبت انتفاضة 25 يناير الشعبية وان هذه الصفقة كان كهنة الدولة جزء اساسى من صياغتها التى تمت عبر اطراف وأرادات أبرزها أرادة المركز الرأسمالى الدولى بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ...  

ولأن طرفا أساسيا من هذه الصفقة هم كهنة الدولة المصرية ( كبار موظفى الدولة من قادة الجيش والتكنوقراط  وكبار رجال الاعمال ) وكانت بدايات حكم الاخوان تشهد ذلك التحالف ( كان الجنزورى رئيسا للوزراء ورجال امانة سياسات الحزب الوطنى وزراء ونواب وزراء بالاضافة لاستقرار أوضاع ومميزات المجلس العسكرى الوظيفية والسياسية )  .. 

لذلك كانت خطيئة الاخوان الكبرى هى مناصبة العداء للكهنة وازاحة رموزهم واحدا بعد الاخر .. وكان مفهوم ان يتم ذلك فى اطار السعى لصنع كهنة جدد وكهانة جديدة للدولة ليفوز بها رضاع الاخوان وحلفائهم من رجال الاعمال ( الذين ينتمون لنفس التحالف الطبقى لحكم مبارك ) .. ويستحوزون على رضاعة أكبر حصة من الحليب السياسى والاقتصادى والاجتماعى للدولة المصرية .. ولكنهم أقدموا على الخطوة الأفدح وهى البدء فى اعادة تشكيل الدولة المصرية على أسس جديدة تضمن لهم الانفراد التام والنهائى بكافة اركان الدولة واجهزتها ...  والتكريس لدولة جديدة غير التى أسسها وأقام جدرانها محمد على  , وفرشها ونسقها وجددها جمال عبد الناصر ... 

وكان هذا هاجسهم وجل عملهم الاساسى دون الالتفات للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى اخرجت الكتلة الأساسية من الثائرين فى يناير 2011 مما عمقها وعقدها أكثر ...

وبالتالى تواجد الجميع فى الميادين والشوارع يوم 30 يونيو .. بل نستطيع القول مجازا ان كل الاطياف السياسية والمجتمعية المصرية قد نزلت الى الميادين والشوارع المصرية باستثناء اولئك المنضوون تحت لواء تيار الاسلام السياسى  ...

 وكانت 30-6-2013 انتفاضة شعبية ثانية ( ناهيك عن انها كانت تقريبا بنفس عيوب يناير 2011  اذ أن القوى الثورية لم تكن مهيكلة  أو صاحبة مشروع سياسى ثورى محدد للتغيير الحقيقى  يتجاوز الشعارات العامة والهتافات الاحتجاجية  ) ولايقلل تواجد كهنة الدولة ودراويشها من شرف هذه الانتفاضة شيئا اذا انه لم يكن منوطا بأحد ان يحدد من يتواجد فى الشوارع والميادين ومن لايتواجد ...     

ولكن هناك دلائل لابد من الاشارة اليها فى هذا الصدد :   

اولا : انه لم تترسخ جيدا . لدى الجموع الثائرة فى 25 يناير و30 يونيو المفاهيم حول الفارق بين الرئيس والنظام (فاسقاط الرئيس كان معناه عند الأكثرية منهم ان النظام قد سقط وانتهت مهمتنا )  وكذلك الفارق بين السلطة والنظام بمعناه الشامل ومدلولاته الطبقية والسياسية والاجتماعية ( فمجرد تعيين وزارة عصام شرف الذى كان متواجدا بميدان التحرير لظروف غير ثورية ارضى هؤلاء .. )  

وهذا الوضع ظل قائما مع اسقاط محمد مرسى فى 30 يونيو ( فبمجرد اعلان عزل مرسى  ورجاله انصرف الجميع الى الاحتفال  وتركوا مهمة استبدال السلطة الجديدة وتعيينها للفريق السيسى .. وهذا طبيعى جدا فى ظل انه فى المرتين كان هناك ثوار ولكن لم يكن هناك تنظيم ثورى واعى وقادر على احداث التغيير الحقيقى الذى يتمناه الشعب ..  

ثانيا : انه على الرغم من حالة الزخم التاريخى لانتفاضت الشعب المصرى المجيدة فى 18 و19 يناير 1977 و25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 وبالرغم من سقوط حواجز الخوف لدى الاجيال الجديدة وتوفر الامكانات الحديثة فى الحركة الجماهيرية الا ان هناك مفاهيم لم تترسخ بعد مفاهيم ضرورية لتحديد الفوارق  بين الدولة ( ذلك الجهاز الوظيفى  والرمز والشعار و محتوى النظام السياسى والاجتماعى ) وبين الوطن ( ذلك  العمق والموضع التاريخى ) .. ففى الوعى الشعبوى التراثى والتاريخى ايضا لايزال هناك خلط بين النظام والدولة والدولة والوطن .. ممايسهل الارض لكهنة الدولة  ان يلعبوا لعبتهم القديمة فى تكريس سيطرتهم على الاوضاع وتفعيل الاستبدال الذى يتم الان داخل لرأس جديد الطبقات المسيطرة ..

وللحق فالعامل الرئيسى فى هذا الخلط المعطل لأكساب الطبقات المستغلة ( بفتح حرف الغين ) وعيها اللازم لتغيير هذا الوضع .. هو راجع لقدم وعمق الدولة المصرية المركزية باعتبارها ليست فقط وفق المفاهيم الماركسية اللينينية التقليدية اداة للقمع وجهازا لاحتواء الصراع الطبقى .. ولكنها أيضا كانت عبر تاريخها مصدرا للأستحواز والملكية  و خلق الثروة ومصنعا للاستبدال الطبقى عبر عمليات الترقى الاجتماعى التى تباشرها جنبا الى جنب مع القمع والاحتواء المركزى .. ولنراجع التاريخ الحديث على الاقل ونقف امام سنوات 1811 مذبحة المماليك و 1812 ومصادرة التزاماتهم وجميع اراضى الملتزمين وبدأ توزيع الملكيات و وبداية خلق الطبقة الرأسمالية المصرية بقرار من الدولة ...  

تقدست الدولة كقبلة للثروة فخلقت كهانها وفرضتهم عبر كل التواريخ وكانت معبدهم الذى لايفارقون لكسب الثروة وتملك الاراضى والعقارات والاموال والترقى الاجتماعى ... فلماذا اذن لايقاتلون من اجل ابقاء تلك القبلة على حالها والبقاء والحفاظ على كهانتهم لها وليجعلونها ايضا قبلة مقدسة يدور حولها من خارجها دراويشها  من ابناء الطبقات الكادحة من العمال والفلاحين واجراء المدن والريف وكل من يبيع قوة عمله وكذا الشرائح الوسطى من المجتمع كجزء من أكبر عملية تزييف للوعى الطبقى عبر التاريخ المصرى ..  

ثالثا : ان مايصطلح عليه بالقوى الثورية فى 25 يناير و30 يونيو ( وبدون الدخول فى اختبار للمعنى او التدقيق فيه ) يفتقر البعض منهم للوعى الطبقى وبعضهم هم من ضحايا التباس المفاهيم حول حقيقة فكرة الثورة والعمل الثورى من حيث كونه عمل منظم تراكمى مخطط لاحداث الثورة التى تعنى ببساطة تغيير نظام بمعناه الشامل واقامة نظام بديل ... ونحن لانستطيع ان ننكر بالمرة دور وسائل التكنولوجيا الحديثة وتفاعلهم معها من وسائل اتصال سهلت لهم التنظيم والالتقاء فى الميادين ومن فضائيات ووسائل رقمية للمعلومات والمعرفة .. الا ان كل ذلك لم يوفر بعد التراكم المعرفى الذى يؤدى الى امتلاك ادوات معرفية للتحليل وتكوين ثقافة الرؤيا  المجتمعية الشاملة والوعى الطبقى  والاهم من ذلك كشف ومقاومة تزييف الوعى ... كل ذلك لأن هذه الوسائل الحديثة على اهميتها فأن الكثير من محتواها يستهدف تزييف الوعى ولايستهدف اكساب الطبقات وعيها ..

رابعا : هناك مجموعات سياسية وشعبية ووظيفية  وقفت موقف الرفض للمشاركة  فى انتفاضة 25 يناير من منطلقين المنطلق الاول كان منطلق المصلحة مع حكم مبارك وبالتأكيد كان هؤلاء أغلبهم من كبار موظفى الدولة ورجال الأعمال وقيادات وأعضاء الحزب الوطنى المنحل . والمنطلق الثانى كان الخوف من انهيار الدولة ( اذا كان الحاكم فى نظرهم هو عماد الدولة ان سقط سقطت ).. وكانت هذه المجموعات طوال الوقت ( وحتى بعد سقوط مبارك وحل الحزب الوطنى  ) تحاول لملمة صفوفها على استحياء حتى جاءت انتخابات الرئاسة 2012  فوقفت وراء الفريق شفيق ... ثم توارت عن الانظار بعد ذلك الى ان ظهرت بقوة فى يونيو 2013 ...وهؤلاء هم الكتلة الغالبة من كهنة الدولة المركزية وسدنتها وامتداد لخدامها الأوفياء لحليب الدولة عبر تاريخها الغارق فى القدم والعمق .. هم امتداد طبيعى لهؤلاء الذين توزعت عليهم العهد والعطايا من محمد على واسماعيل وسعيد وتوفيق وفاروق فى شكل اطيان واملاك واسهم فى بنوك وشركات وخلافه .. من امثال الشريف والهوارى والجيار والاتربى ومحمود والبدراوى والفقى وابوسحلى واباظة ورشوان وسلطان وقطاوى واورلو وسوارس وغيرهم ممن كانت الدولة مصدرا  لثرواتهم وامتدادهم من بعض ضباط يوليو  الذين تمكنوا فى الفترة الناصرية من استغلال النفوذ والترقى الاجتماعى  والذين ساهموا هم ومديرى ورؤساء شركات الدولة والقطاع العام من تكوين ثروات غير مشروعة (  وهذا النوع كان رضاعة غير مشروعة من حليب الدولة ) كل هؤلاء انضموا فى الفترة الساداتية الى ملوك قطاع المقاولات والمهربين الى الطبقة التى ارتبطت بالتحول الاجتماعى الذى تم فى اواسط السبعينيات والذى كان فى حقيقته عملية استبدال طبقى تمت عبر الدولة ترقى فيها كل هؤلاء بالاضافة لشرائح كبار الملاك الزراعيين الذين افلتوا بأموالهم من التأميمات والأصلاح الزراعى الى الخارج واعادهم السادات ومبارك من بعده لتكتمل مسيرة كهنة الدولة والمستظلين بظلها والمطبقين باسنانهم على أثدائها ... احفاد خونة عرابى الذين خذلوه ووقفوا مع الدولة التى اختارت تأكيد التبعية للمستعمر البريطانى وتكريسها رسميا فى 1881.. هؤلاء منهم من كان فاعلا فى 30 يونيو ومنهم من كان ينتظر ويحرك رجاله فى الشوارع والميادين .. ( توفيق عكاشه  ووزراء سايقين وقيادات فى الحزب الحاكم المنحل الاسبق كانت موجوده وفاعلة كمثال لذلك ) .. 

خامسا: هناك كتلة شعبية كبيرة  وغالبيتها فى الريف المصرى ( الذى كدنا لانلمحه فى ميادين يناير 2011)  وجزء منها فى المدن من أبناء الشرائح العليا للطبقة الوسطى وبعض الحرفيين  الذين لم يكونوا مشاركين أصلا فى انتفاضة يناير منهم من كان مرحبا بها ولكنه غير متحمس وخائف على مصير الدولة ومنهم من كان يرفضها لنفس المنطق ايضا .. هؤلاء  قد أصطلح عليهم أحيانا بحزب الكنبة .. وأغلبهم كان يعلن استهجانه للفعاليات التى كانت تنظم فى عهد المجلس العسكرى وكذا كانوا يعبرون عن استهجانهم للوقفات الاحتجاجية للشباب والمطالب وما أطلق عليه وقتها بالمطالب الفئوية  ... هؤلاء كانوا دائما يعبرون عن استهجانهم هذا للمتظاهرين فى المدن اثناء فترة المجلس العسكرى بل وفى الاشهر الاولى من حكم محمد مرسى وحتى الأعلان الدستورى واقالة الجنزورى ثم طنطاوى وعنان  ... هؤلاء هم الكتلة التى توزعت اصواتها  فى انتخابات الرئاسة ما بين محمد مرسى  ( وخاصة الجزء الريفى  من هذه الكتلة (ضحايا الوعى المزيف ) فيماعدا كبار ومتوسطى الملاك الزراعيين والعمد والمشايخ الذين توزعت اصواتهم بين احمد شفيق وعمرو موسى ثم احمد شفيق فى الجولة الثانية  ) وفى المدن كان احمد شفيق يحصد غالب أصوات تلك الكتلة التى لم تكن قليلة العدد وهى كتلة دراويش الدولة  (من حيث الفاعلية السياسية ) هؤلاء هم الذين لم يكن يعنيهم سوى وهم الأستقرار . استقرار الدولة التى تحميهم من خوف ومن قلق .. بأحساس ووعى امتد عبر تاريخ طويل للدولة التى كانت مصدر الحياة ثم كانت مصدر توزيع الأملاك والثروة فى عهد محمد على وأسرته ثم مصدر الامن والمكانة الاجتماعية بعد يوليو 52 ثم الدولة التى انتصرت فى حرب اكتوبر وأصبحت تعطى فرص التخطى والحراك الاجتماعى  للبعض والبطش للبعض الاخر  ابان حكم السادات الى الدولة التى تملك الامن والخوف ايضا عبر العنف البوليسى وتملك فرص التوظف و الترقى الاجتماعى عبر المحسوبية والفساد فى عهد مبارك  ... هؤلاء أعطوا أصواتهم وعادوا الى منازلهم فقد فعلوا ماعليهم بمجرد التصويت والبقية على الحاكم الذى سينتخب ... كما ان هناك اعداد من هذه الكتلة المشار اليها لم تشارك فى انتخابات الرئاسة ايضا  ( مع ملاحظة اننا هنا لانتكلم عن الذين اعطوا اصواتهم لحمدين صباحى واخرين )  ...هؤلاء خرجوا بكثافة وتم حشد البعض منهم من القرى الى الميادين فى 30 يونيو بل وان بعض رجال الاعمال تولوا عمليات النقل لذويهم وعمالهم وعملائهم وحتى شراء الاعلام وصور الفريق السيسى كان بعضها منظما ومرتبا وسط هذه الكتلة .. وكان العمد والمشايخ فى الريف ومعهم كبار الملاك الزراعيين يقومون بنقل بعض ابناء القرى الى اقرب ميادين المدن الريفية .. . 

كل هذا لم يكن ليقلل من قيمة انتفاضة 30 يونيو .. التى كان فى القلب منها الثوار اصحاب المصلحة فى التغيير الحقيقى من القوى  والحركات والتنظيمات السياسية (سواء تلك التى انضوت تحت لواء جبهة الانقاذ ام غيرها ) والنقابات المعبرة عن العمال والفلاحين والمستخدمين والطبقات الوسطى وغيرها  والتى كان تأثيرها على متسع حشدها لم يكن مؤثرا التأثير الذى يجعلنا أن نعتبرها قيادة لكل ماحدث فى 30 يونيو .. وكان هناك الحشود الهائلة المؤثرة من شباب فقراء المدن وشباب الطبقة الوسطى بشرائحها  وكذا حشود النساء الذى كان له وجود لافت سواء فى يناير او يونيو .. وان كان اللافت فى يونيو ان ربات البيوت قد نزلن بكثافة فى كل الميادين ... ولكن كل ذلك هؤلاء لم يكن لديهم القدرة والأداة لاسقاط حكم الاخوان واحياء اهداف 25 يناير .. فكان للمدافعين عن الدولة من داخل معبد الدولة (الجيش   ومعه الشرطة ) موقفهما الحاسم   وهذا مايشجع كهنة الدولة ودراويشها ومعها قناعات اخرى من بعض المثقفين والسياسيين من خارج معبد الدولة  الان على المناداة بضرورة تولى السيسى للحكم وقبل ان يتضح للرجل اى ملامح لأى مشروع سياسى او وطنى معين   .. ولكن السؤال هو لصالح أى الخيارات الوطنية والاحتمالات المستقبلية  ؟  

 من المؤكد ان 30 يونيو قد ازاحت كابوسا رهيبا هو كابوس الاخوان المسلمين واسقطت حكمهم بل وفرصهم للحكم مرة اخرى ولكن فلنكن صرحاء .. ايضا اذا كانت 30 يونيو قد جاءت لصالح مرحلة تتم فيها لملمة مؤسسات الدولة وجهازها ويتم اصلاح العطب الذى اصاب الأمن القومى ( بمفهومه التقليدى الذى يعنى حماية حدود الاراضى المصرية وعمقها الداخلى ) .. ولكن الأصطفاف السياسى الحالى ليس هو اصطفاف تحقيق امانى ومطالب الشعب المصرى فى النهوض بالدولة الوطنية الديمقراطية .. دولة الاستقلال الوطنى ( بمعناه الذى يعنى التحرر من أسر التبعية للمركز الرأسمالى العالمى ) دولة العدالة الاجتماعية والتقدم والمشاركة الشعبية والحداثة بغض النظر عن ان هناك دستورا من المنتظر والمأمول ان تتم صياغته ليعبر عن طريقة جديدة لادارة المؤسسات السياسية فى اطار دولة مدنية ديمقراطية .. ولكنه ايضا يحتاج الى النص على ضمانات اجتماعية للعمال وكل من يؤجر قوة عمله فى المدن والريف  والفلاحين وفقراء الريف والمدن  والشباب والمرأة وان ينص على ضمانات للحق فى التعليم الجيد والرعاية الصحية وفقا لمعايير الجودة وحد مقبول للعدالة الاجتماعية بالنسبة للاجور والضرائب والتوزع الجغرافى لخدمات الدولة  على انحائها بحد مقبول من التساوى .. قد تكون موضعا لخلاف داخل الاصطفاف المكون للجنة الخمسين .. 

وهكذا فالخوف كل الخوف من ان نكون قد أصبحنا امام قطف جديد لثمار الانتفاضة الثانية لغير صالح الشرائح والطبقات التى شكلت صلب الفعل الثورى فى 25 يناير 2011 وكذا 30 يونيو 2013 ...  فيما لو وجد راضعى حليب الدولة وثرواتها من كهنتها فى وصول السيسى للحكم تدفق لهم من حصان طروادة الى حيث يتمكنون من احكام سيطرة الرأسمالية الكمبرودورية على مؤسسات الحكم والدولة ... ولا عزاء عندئذ لدراويش الدولة الملتبسى الوعى أو مزيفيه  وقتها ... وعندئذ .. على القوى الشعبية ان تعى الدرس وان تنظم صفوفها خلف قيادة تعبر بحق عن مصالحه ولاتزيف وعيها وتدلس عليها مثلما فعلت تيارات الاسلام السياسى وستفعل ان تكررت الفرصة قيادة تحمل مشروعا وطنيا ديمقراطيا ثوريا .. تكمل به حلقات الثورة المصرية المتعثرة .. صاحبة الهمة بعض الوقت والمتعثرة بعض الاوقات ...قيادة تؤمن بالعمل الثورى المنظم المرتب التراكمى لانضاج فعل ثورى مصاحب لمشروعه الذى يحمل فى طياته معالما محددة لتغيير حقيقى عبر عمل جاد وحقيقى يكسب الطبقات والشرائح الاجتماعية صاحبة المصلحة الأكيدة فى التغيير الحقيقى  وعيها الطبقى وينظم صفوفها كنوع من الارتقاء بهذا الوعى لانتزاع هذا التغيير 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق