الأحد، 29 سبتمبر 2013

هذا هو المرشح الذى سأصوت له فى الانتخابات الرئاسية القادمة

وكأنه مكتوب علينا دائما ان نبدأ بالمعطيات الخطأ وننتظر النتائج الباهرة .. مع ان هذا لن يحدث لأنه ببساطة شديدة لاتوجد نتائج ناجحة لمقدمات او معطيات او مدخلات غير سليمة بالمرة ...
فعند الحديث عن انتخابات الرئاسة تقفز الاجابات لدى البعض فورا ... فلان الفلانى .. هو الأصلح ... لا لمرشح العسكر .. نعم لمرشح مدنى ... وهى اجابات جميعها فى رأيى تفتقر الى العمق اللازم للأجابة على سؤال مرشح الرئاسة .. ولأن السؤال نفسه يعانى من خلله المزمن .. فهو اولا يعتمد على تكريس الشخصانية فى التقييم والاختيار ... واقامة مواصفات لمرشح الرئاسة يغيب عنها الجوهر تماما
 وثانيا فالاجابة عليه بتلك الطريقة المترتبة عليه تستبعد تماما المعايير السياسية والاجتماعية والثقافية والعلمية التى يجب ان تكون اساسا للتقييم .. واللجوء لطرح اجابات من قبيل لا لمرشح على خلفية عسكرية ونعم لمرشح مدنى  ... تستبعد تماما معيارية أساسية   وأسئلة أهم واكثر جوهرية من تلك الشكلانية .. حول المطلوب  سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا من الرئيس القادم .. وماهى الاختيارات والأعباء والامال المطروحة على منصب رئيس الجمهورية ...
 لذا فأن المعيار الأساسى والجوهرى فى الحكم على اى مرشح هو مايتم وضعه عبر ثلاث أسئلة هى الأكثر صحة وملائمة وطرحا لمقدمات ومدخلات صحيحة لتلك القضية .. ألا وهو ...

ماهو المشروع السياسى للمرشح الرئاسى ؟

وماهى خياراته الاقتصادية والاجتماعية  والحداثية ؟

 ثم ماهو تصوره الاسترتيجى لعلاقات مصر بالعالم  العمق والعالم المحيط والعالم الاوسع بقواه المتعددة بناء على اختياراته الداخلية ورؤيته للخريطة السياسية العالمية ؟

وعليه فأتصور ان المفاضلة بين المرشحين للرئاسة وتسمية مرشح من بينهم .. والتصويت بنعم ستكون من وجهة نظرى المتواضعة هى لمن يطرح او يقترب من النقاط المحددة الاتية :

أولا : ان يكون مؤمنا  بتأسيس جمهورية مدنية ديمقراطية  تساوى بين جميع مواطنيها - على أساس من القانون  - وذلك فى جميع الحقوق والواجبات .. وألايكون هناك أى نوع من التمييز بينهم على أساس المكانة المالية أو الوظيفة الاجتماعية أو العقيدة الدينية أو المذهبية أو العقيدة الفكرية أو التصنيف الجغرافى ... فالكل يجب ان يكون سواء أمام القانون وأمام جميع فرص الترقى والارتقاء بالحياة و النجاح العلمى او الوظيفى  أو الثقافى والابداعى ....  

 ثانيا : ان يؤمن ايمانا كاملا باطلاق الحريات السياسية والحقوق المدنية والحياة الديمقراطية الصحية وان يعتمد مبدأ المشاركة الشعبية التى تضمن مشاركة عموم الشعب المصرى فى الحياة السياسية وفى التشريع ومتابعة السلطات التنفيذية من أسفل حيث المحليات ابتداء من مجالس القرى والمدن والمحافظات الى أعلى حيث البرلمان الذى يختص بالتشريع ويراقب اعمال السلطة التنفيذية والحكومة والرئاسة بصلاحيات غير محدودة 

 ويؤمن أيضا بحق جميع افراد وشرائح وفئات المجتمع المصرى فى تشكيل تنظيماتها السياسية ونقاباتها وروابطها وجمعياتها المستقلة  فى اطار من الالتزام المدنى .. وبألية قانونية تضمن فاعليتها فى مجتمع المشاركة الشعبية ...

 ثالثا : ان يكون موضوع العدالة الاجتماعية هو الهدف الذى يمكن تحقيقه من مشروعه الأقتصادى والاجتماعى والخدمى ضمن مايقدم من تصور شامل يتحقق عبر استراتيجية التنمية الشاملة ويكون حده الادنى يرتكز على مايلى :  

- منظومة كاملة من الاجراءات تضمن بها الدولة نظاما  لاعادة توزيع الناتج القومى العام على نحو يحقق القدر  المعقول من تضييق الفوارق بين الانصبة التى تتحصل من الناتج القومى العام من دخول وخدمات ورعاية صحية وتعليمية واجتماعية .. وذلك يتحقق عبر : 

1- بوضع تشريعات ضرائبية تضمن تلازم التصاعد الضريبى مع تعاظم الارباح والثروات للافراد , وتصاعد الاعفاء الضريبى مع تناقص ومحدودية النصيب من الدخل الى ان تصل الضريبة الى الصفر عند مستوى حد أقصى للأعفاء الضريبى يتحدد عند المقدار من الدخل الذى لاينتج تراكما متعينا للثروة وتصل وتتدرج نسبتها من 5% كحد ادنى  الى 50% ( تبدأ من عند شريحة الدخل الذى يصل الى  20 مليون جنيه سنويا )  ... يسهل تقديره عند وضع التشريع بالقياس على القدرة الشرائية الشاملة للفرد ...
 2-حد أقصى للدخول (الشاملة )  لايتجاوز 15 مثل الحد الادنى للأجر (الأساسى ) ويطبق على الأجور فى جميع القطاعات  .. 
3- رفع مستويات الدعم للاستهلاك المحدود للكهرباء والطاقة ومياه الشرب والخبز والدواء ومستلزمات الحياة الاساسية  ودعم الاسمدة والاعلاف والبذور والمبيدات لصغار ملاك الاراضى الزراعية ومربى الماشية ... والغاء دعم الطاقة للمصانع والشركات التى تبيع منتجاتها بأكثر من السعر العالمى للمنتج ... 
4- احداث تغيير شامل لسياسة الاعفاءات الجمركية بحيث يرتبط ذلك بحماية الصناعات المحلية وان يتزايد حجم الاعفاء فقط بالنسبة للسلع الضرورية ومستلزمات انتاجها . ويرتبط ذلك بزيادة التعريفة الجمركية على السلع عالية الرفاهية ...  
5- ان تقوم الدولة بضمان تسويق المحاصيل وان تدعم دور التعاونيات فى ذلك وفى توفير الاسمدة وكافة مستلزمات الانتاج الزراعى والأعلاف الحيوانية للفلاحين وكذا دعم مشروعات تنمية الثروة الحيونية واعادة تخطيط السياسات المتعلقة بانتاج الثروة الحيوانية بحيث تضمن زيادة فعلية متعينة ورعاية  لرؤوس الماشية المختلفة ..  
وتعويض صغار المزارعين من المستأجرين وصغار الملاك عن الخسائر التى تطرأ على المحاصيل نتيجة الاخطار والظروف الطبيعية او اخطار السوق العالمى او تعثر التسويق وكذا تعويض صغار مربى الماشية عن الاخطار التى تواجه الثروة الحيوانية كالنفوق والذبح الاضطرارى ...  
6- الحد من والقضاء على ظاهرة التمركز الشديد لخدمات الدولة الادارية فى العاصمة والمدن الرئيسية , وكذا ظاهرة التمييز الجغرافى للخدمات الصحية والتعليمية وخدمات الحكم المحلى والطاقة ومياه الشرب والصرف الصحى ... وتميز تلك الخدمات من حيث الكم والجودة فى القاهرة وعواصم الاقاليم واهمالها فى المدن الريفية والريف وجميع الاطراف الجغرافية ... 
7 - تطوير كافة العشوائيات سواء فى الاطراف الجغرافية او اشباه المدن فى القلب  اوالعشوائيات على اطراف الريف والتعامل معها فورا على اساس نقلها الى حيث الحياة الكريمة اللائقة بالانسان ..  

 رابعا : يؤمن هذا المرشح بأن تنهض الدولة بدورها فى التنمية الشاملة عبر توسيع قاعدة الانتاج والاتجاه نحو الانشطة الصناعية كثيفة الانتاج كثيفة العمالة كجزء من الحل للحد من البطالة وكذا الدخول فى المشروعات الاقتصادية للمساهمة فى ضبط الاسواق وتعظيم الناتج القومى  وان تدعم من دور التعاونيات وتشجع على التوسع فيه , كذلك دعم المشروعات الصغيرة وايجاد هياكل تمويلية ميسرة لأصحاب تلك المشروعات وتوفير الأسواق والأعفاءات المشجعة لهم وكذا خلق دور للقطاع الخاص فى التنمية الشاملة عبر تخطيط الاسواق وتوفير الحماية للانشطة الانتاجية التى تعبر عن احتياجات المجتمع وتوفير الحماية لها من المنتج الاجنبى ..واطلاق طاقات القطاع الخاص الانتاجى الجاد فى اطار خطة التنمية التى تعتمد على اشكال الملكية الثلاث العام والخاص والتعاونى ..  

ويتبنى سياسات اقتصادية تقلل من وطأة التبعية الاقتصادية للهيءات والمؤسسات المالية العالمية ويعمل على تحسين وضعية الاقتصاد المصرى فى اطار تقسيم العمل الدولى .. بحيث تتصاعد قوة هذا الاقتصاد مع تحسن وضعه النسبى فى السوق العالمى وهو مايرتبط بتحقيق الاستقلال النسبى عن التبعية لرأسمالية المركز العالمى .. عبر انتهاج سياسة واضحة لتوازن المصالح الاقتصادية وتبادل المنافع ... 

وهذا يجرنا الى النقطة التالية  

 خامسا : اتباع سياسة خارجية متوازنة تبنى على اساس ان مصر بلد عربى افريقى العمق ترتبط حياته بشريان وادى النيل وحياة مصر وامنها القومى يرتبط الاتساع الاولى العربى وهذا العمق المرتبط بعمق وادى النيل ومنابعه .. وعليه فأن علاقات التكامل ووحدة المصائر يجب ان ترتبط بهذا الامتداد العربى وهذا العمق النيلى .. ثم تأتى بعد ذلك علاقات تبادل المصالح مع دول البحرالمتوسط الاوربية ثم بقية العالم فى اطار من الاحترام المتبادل .. وهذا يستلزم عمل تغيير شامل فى السياسة الخارجية تلغى فيه المعيارية الالزامية الامريكية فى العلاقات الدولية والتى اتبعت منذ عهد السادات وحتى يومنا هذا . وفى اطار ان مصر  دولة لاتعادى دولة لاتهدد امنها القومى ولاتتمحور فى محاور وتجمعات دولية فى اطار التبعية لدولة ما وان علاقاتها مع الولايات المتحدة الامريكية والدول العظمى تقوم على اساس احترام السيادة الوطنية وتوازن المصالح وتبادل المنافع لا المخططات ولا المؤامرات الدولية على الدول الصغرى ..

سادسا : يؤمن هذا المرشح بأهمية ان تنهض الدولة بدورها فى توفير الحماية الاجتماعية وتعظيم الغطاء التأمينى للمواطن ورفع المعاشات وضمان رعاية صحية بمعيار الجودة لكل المواطنين عبر تطوير جميع المستشفيات العامة ومساواة كافة مستشفيات القطر بمستوى نصيب وحدات العاصمة من التطوير وكذا تطوير نظام التأمين الصحى وربطه بأعلى مستوى من الجودة فى جميع انحاء الجمهورية وعلى مستوى كافة التخصصات وزيادة الاعتمادات اللازمة له ولضمان توفر كافة سبل العلاج المجانى باعتباره حقا انسانيا أصيلا ..   

سابعا: يؤمن ايمانا تاما بأهمية تطوير انظمة التعليم والبحث العلمى والتوسع فيه كما بتوسيع اعداد المدارس والجامعات على كمل الامتداد الجغرافى للوطن وكيفا بتطوير المناهج الدرسية وتدريب المعلمين وخلق الكوادر العلمية  بحيث تتوافق  العملية التعليمية مع روح العصر والابتكار والابداع .. كما ينبغى ان تولى الدولة كل الدعم للعملية التعليمية بما يتناسي مع اهميتها من نصيب من اعتمادات الدولة ... 

ثامنا  : يؤمن بأهمية دعم ونشر الثقافة الوطنية ورفع الذوق العام عن طريق الاهتمام بالمبدعين ورعاية الموهوبين وضمان حرية الفكر والابداع .. وتشجيع مقاومة ثقافة الجهل والفقر والعشوائية .. عبر كل مؤسسات الدولة الاعلامية والثقافية والمراكز الاعلامية المنتشرة فى المحافظات وكذا الثقافة الجماهيرية ومراكز الشباب فى المدن والقرى وكذلك مراكز الابداع المختلفة وقصور وبيوت الثقافة .. 

تاسعا: اطلاق طاقات الشباب ودعم مشاركته فى ادارة كافة نواحى الحياة وضمان المساواة القانونية بين المرأة والرجل .. ورعاية الامومة والمرأة المعيلة وتمكين المرأة والشباب من المشاركة بفاعلية فى العمل العام وتولى المناصب القيادية ..

 هذه  مجرد نقاط  أتصور انه لامفر من التعرض لها وفق لحظتنا الراهنة ونحن نتابع ونقيم المعايير على مشروع المرشح لاشخصه ولا خلفيته الوظيفية ... اكرر .. مرشح اللحظة الراهنة بكل ماتحمل الكلمة من دلالات ...




 


السبت، 28 سبتمبر 2013

حمدى عبد العزيز - هدى شعراوى نموذجا لشيزوفرنيا الواقع الليبرالى المصرى

هدى شعراوى نموذجا لشيزوفرنيا الواقع الليبرالى المصرى

لاخلاف على الدور الوطنى  الذى قامت به رائدة الحركة النسائية المصرية  منذ خروجها فى مارس 1919 على رأس 300 امرأة مصرية  فى أول مظاهرة نسائية مصرية  فى تاريخ مصر الحديث  , مرورا بدورها فى تشكيل الوفد المصرى مع زوجها على باشا شعراوى .. انتهاء باخر كلماتها التى ارسلتها الى هيئة الأمم المتحدة فى احتجاج شديد اللهجة على قيام دولة اسرائيل عام 1948 وهو نفس عام وفاتها ..
هدى شعراوى التى بدأت نضالها من اجل تحرير المرأة المصرية بخروجها على رأس المظاهرات النسائية .. وخلعها للحجاب علنا فى احدى المظاهرات التى كانت  تقودها مطالبة بحق المرأة فى الخروج من البيت والعمل والمشاركة فى النشاط السياسى .. مما أحدث ضجة كبيرة فى  المجتمع المصرى واعتبر الكثيرون وقتها ان هذه دعوة للسفور والانحلال الخلقى  ( وكان ذلك فى اوائل عشرينيات القرن الماضى ) ..  ولم تعبأ هدى شعراوى وواصلت معاركها من اجل تحرير المرأة المصرية فأسست لجنة سيدات الوفد وأسست الاتحاد النسائى المصرى فى عام 1923 وواصلت جهودها ومطالباتها بحق المرأة فى التعليم والعمل , بل وشاركت فى عشرات المؤتمرات الدولية والعربية من أجل نصرة المرأة بشكل عام ...
تلك هى الصورة التى نعرف عن هدى شعروى  .. ولكن من يقلب فى الاوراق المنسية دائما يجد تاريخا فى الظل لم يكتب ولم يحكى عنه ... ودائما ماتكمن الدلالات الهامة فى تلك التفاصيل المخبأة ...
وحياة هدى شعراوى (الانسانية ) فيها من التفاصيل مايفسر لنا الكثير من اسباب تعثر المشروع الليبرالى المصرى دائما منذ نشأته على يد محمد على وحتى الان ..
بل ويلقى الضووء على اثر تشوه وتبعية الرأسمالية المصرية التى نشأت بأرادة مركزية من محمد على وبارتباط  أجنبى دشن نشأتها الفعلية فى عصر الخديوى اسماعيل بواسطة مجموعة من الاجانب والشوام والمصريين المتعاملين معهم وبالتالى انطبعت تلك النشأة اولا بالتشوه نتيجة لبدايتها (المصنوعة سياسيا واداريا بواسطة محمد على ) ..
وثانيا بالتبعية نتيجة النشأة الفعلية على ايدى الاجانب والمتمصرين فى عهد اسماعيل ..
............     ...........     ........
ولندخل فى مباشرة فى تلك القصة التى وردت  فى كتاب ( مسائل شخصية ) لمصطفى امين ..  وتضمنها كتاب قصة الثروة فى مصر (د. ياسر ثابت ) ... وكذلك كتاب د . نهاد صليحة (المرأة بين الفن والعشق والزواج : قراءة فى مذكرات فاطمه سرى )..

فالمعروف ان هدى شعراوى هى ابنة رئيس مجلس النواب المصرى الاول (وكيبيديا هدى شعراوى ) ومحمد سلطان باشا كان صديقا مقربا للخديوى توفيق ... فأهداه جارية بيضاء تزوجها وانجب منه ولدا وبنتا ( كانت هى هدى ) ..وهذه هى اول المفارقات ,,
المفارقة الثانية .. ان هدى تزوجت من ابن عمتها ( على باشا شعراوى ) احد رفاق سعد زغلول واحد زعماء ثورة 19 والوفد المصرى فيما بعد ... والمفارقة تكمن فى ان هدى تزوجته وهى ابنة الرابعة عشرة عاما وهو فى سن الاربعة والخمسين .. هى انه كان يكبرها بحوالى اربعون عاما ... وكان قد طلق زوجته الاولى من قبل ...
اذن  نحن امام امرأة بنت نموذج معقد من القهر الاجتماعى والتمييز ضد المرأة .. والطبيعى عندما ينضج وعيها كامرأة ان تحس بماأصاب المرأة المصرية والعربية من ظلم فادح ...
ولكنها ايضا وهذا هام جدا .. هى ابنة الارستقراطية المصرية والتى بدأت بالاختلاط بالاجانب الأوربيون  الذين وفدوا الى مصر منذ عهد الخديوى اسماعيل وخلقوا جوا (كوزموبولتانى الطابع)فى محيط قصور البشوات والمتنفذين فى القاهرة والاسماعيلية ....
وبالتالى فان رؤيتها لقضايا المرأة ستتأثر حتما بهذا الجو وتلك النشأة .. وانها تأثرت برؤية المرأة الفرنسية والايطالية او الانجليزية وهى تشارك زوجها فى العمل فى ادارة مشروعاته التجارية .. وتشاهد بناتهن وهن يعزفن على البيانو فى حفلات القصور فى المساء .. ومقدار التعليم والثقافة التى عليها المرأة والفتاة الاوربية ..
هنا لابد  لمنطق المقارنة بين تخلف وجهل المرأة المصرية وتقدم وثقافة المرأة الاوربية - لابد له ان يشغل بال هدى شعراوى ...
ولابد انها تساءلت .. لماذا لاتصبح المرأة المصرية على هذا النحو من التحرروالتثقف والتحرر... فكان ارتباطها بقضية المرأة المصرية على النحو الذى لايمكن ان نزايد عليه .. ولكن لامفر ايضا من الدخول الى المفارقة الثالثة والاساسية فى حياة هدى شعراوى والتى سيتضح فيها اكثر ما نبغى الوصول اليه من دلالات ...
 هدى شعراوى كانت تقيم حفلات فى السراى التى تملكها .. فهى الان وريثة محمد سلطان باشا  والدها ... وعلى شعراوى باشا زوجها الذى كان قد توفى هو الاخر....وكان لها منه ولد هو محمد باشا شعروى ..
وكانت تحيى احد الحفلات مطربة اسمها فاطمه سرى .. فشاهدها ابنها  محمد وبدأ اعجابه به ثم توطدت صلات الحب بينهما بعد ذلك .. وحدث ان كتب لها شيكا  بمبلغا كبيرا من المال فغضبت منه وزقت الشيك وداسته تحت قدميها .. فكان ان تعلق بها اكثر وحاول ان يفاتح والدته هدى هانم فى امر الزواج من فاطمه سرى  فرفضت مجرد الحديث حوله .. فازداد تعلق محمد بفاطمه وحملت منه ابنتهما .. فاستشاطن هدى شعراوى غضبا وظلت تطاردها وتهددها وتتوعدها لدرجة انها هددتها باستخدام علاقاتها واتصالاتها لتحرير ملف دعارة لها  فى بوليس الاداب لها فتحدتها فاطمه سرى بانها ستتطلق النار من مسدسها على اى وزير داخلية سيقوم بتزوير هذا الملف (مذكرات فاطمه سرى )  ولجأت فاطمة للقضاء لاثبات زواجها بمحمد ابن هدى هانم .. واثبات ابوته لأبنتهما ..( وتكتب فاطمه سرى فى مذكراتها انها عادت الى  العمل فى المسرح لكى تربى وتطعم حفيدة  السيدة الجليلة هدى هانم شعراوى والمرحوم على باشا شعراوى ... هذا فى الوقت الذى رفضت فيه (فاطمه سرى ) مبلغ 20 ألف جنيها كلفت هدى هانم احد المحامين ان يعرضهم عليها بالاضافة لأى رجل تقبله كزوج يعترف قانونا بأبوته للبنت ويكتبها باسمه ...
وكتبت فاطمه سرى فى مذكراتها الاتى :
( ولايدهشنى انها تقف مكتوفة الذراعين امام ابنها وهى ترى سيدة تطالب بحقها وحق ابنتها فى حين انها تملأ الصحف المحلية والاجنبية بدفاعها عن حق المرأة , فى حين  انها تحمل نفسها عناء السفر كل عام الى الخارج لترفع صوتها مطالبة الرجل الاجنبى  الذى ليس لها عليه اى سلطان بالاعتراف بالابن الغير شرعى )
......
 وانتهى الامر بتنازل فاطمة سرى عن البنت (كان اسمها ليلى ) لتعيش مع ابيها فى قصر جدتها  رغم ان هناك حكم نهائى  كان قد صدر لصالح فاطمه قد نشرته احدى المجلات ...
وتزوج محمد ( استجابة لطلب  واختيار والدته هدى هانم ) من ابنة الوزير المفوض لمصر فى واشنطن  محمود سامى باشا  .. اما ليلى فقد تربت فى سراى جدتها .. وتزوجت من احد وكلاء النيابة فى حفل كبير لم تدع اليه والدتها ....
وهذه هى نهاية القصة او المفارقة الثالثة فى حياة هدى شعروى ... والتى تدلل على تأصل الازدواجية والتشوه والعجز عن الاتساق بين الفكر المعلن والعمل على ارض الوقع الذى اتسم به سلوك  الليبرالية المصرية متأثرة كما اوردنا مقدما بطبيعة النشأة والتشوه والتبعية التى وصمت الرأسمالية المصرية وجعلتها عاجزة عن انجاز مهامها التاريخية ...


الجمعة، 27 سبتمبر 2013

حمدى عبد العزيز - الغاء تهميش الانسان اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا .. هو الحل

حمدى عبد العزيز - الغاء تهميش الانسان اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا .. هو الحل

مدونة اليسارية: الرفيق مجيد كافوسيفار

مدونة اليسارية: الرفيق مجيد كافوسيفار: إسمي هو مجيد كافوسيفار , إيــــرانيّ الجنسيّة  لـم أنتظر أحدا في هذا العالم ليعطيني حقّي ... لم أرضى يومًا بالظّلم ... لم أرضى أن تستحو...

أحمد بهاء الدين شعبان - أحمد بهاء الدين شعبان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: مصر الثورة : التجربة والتحديات !

الخميس، 26 سبتمبر 2013

جيفارا سيظل ملهما لكل الاجيال ... فقد علمنا ان الثورة لاينبغى ان تتوقف . وان الثورى الحق هو الذى يعلى من شأن استمرارية الثورة وتعدد مراحل تطورها ... ايضا سنتعلم جميعا من التعثر الذى اصاب مسيرته الثورية وأدى الى استشهاده الا وهو الاصرار على التغيير الثورى بأدوات لم تكن ارض الواقع تسمح بها واستبعاد فكرة النضال المتدرج الذى يرفع الوعى بين الطبقات اصحاب المصلحة وينضج الظروف الذاتية للثورة ويضمن احتضان غالبية السكان للمشروع الثورى واصطفاف الطبقات صاحبة المصلحة خلف هذا المشروع والثورة .. قبل ذلك كله التأكد من نضج الظرف الموضوعى واهم عناصره الظرف المحلى والدولى .. لعل اخلاص جيفارا الشديد لفكرة الثورة العالمية وعدم الاكتفاء بالثورة فى بلد وحيد حتى لاتختنق الثورة وحرصه على مد خط المواجهة مع العدو الرئيسى وهو المركز الرأسمالى العالمى الى اكثر من بلد ... كل ذلك قد جعله يقفز فوق ظروف بوليفيا التى لم تكن قد نضجت بعد لذلك الوضع الثورى ( الحزب الشيوعى البوليفى مثلا لم يرحب بطريقة جيفارا وقتها - بغض النظر عن صحة ذلك او خطئه ) قفز جيفار باخلاصه الثورى . فحدثت مأساة استشهاده فى بوليفيا ... ولكننا كلنا تعلمنا منه وتعلمنا كيف يتصرف المناضل كالمسيح مضحبا بنفسه على صليب الفكرة .. ولهذا اصبح جيفارا هو مسيح الحركة الثورية العالمية وصورته اصبحت ايقونة الثورة فى كل مكان . عاش جيفار الحى الذى لم يمت بعد فى قلوب الملايين من البشر فى العالم

إن ما قدرتش تضحك .. ما تدمّعش ولا تبكيش وإن ما فضلش معاك غير قلبك إوعى تخاف !! مش هاتموت .. هاتعيش وإن سألوك الناس .. عن ضي جوا عيونك ما بيلمعشي ما تخبيش .. قولهم العيب مش فيا ده العيب م الضي...!!

الأربعاء، 25 سبتمبر 2013

محمد حمام الصوت الذى ارتبطت به منذ صباى كصوت انسانى عميق يعبر بصدق عن اشواق الغلابة وامالهم واحزانهم وافراحهم ... وهذه الاغنية بالتحديد .. عشقتها لكونها اغنية تضرب فى اعماق جذورنا المصرية العربية الافريقية .. وتعبر عن المكنون الوجدانى للانسان المصرى البسيط ..وصوت حمام صوت دافئ ممتزج بشجن وعذابات الانسان وهمومه اليومية .. وليس ذلك غريبا على حمام .. فقد كان ثوريا قبل ان يكون مطربا .. واول مرة كان يغنى الى جمهور كان يغنى لزملائه فى معتقل الواحات .. اثناء الاعتقالات التى تمت للشيوعيين فى مصر .. ثم خرج بعد ذلك وتم اكتشافه كموهبة كبيرة يعول عليها فى تاريخ العناء المصرى .. ولكن للاسف فانه لم يكن مطرب النظام ولم يكن المطرب الذى يرضى عنه النظام ووقف امامه مطربى النظام حائلين بينه وبين ان يتمكن من اخذ فرصته كاملة وحاربوه ومنعوا الكثيرين من المتنفذين فى عالم الاذاعة وشركات الاسطونات من التعامل معه .. لم ينقذ تراثه الذى نفذ من كل ذلك الا الاغانى التى غناها فى باريس واحتفاظبعض الهواة ببقية اغانيه المعدودة التى تغنى بها فى مقدمات مسلسلين اذاعيين او فى شريط الكاسيت الوحيد الذى انتجه بجهد خاص وعلى حسابه الخاص ... حمام سيظل بالنسبة لى كلويس ارمسترونج .. الصوت الانسانى الذى يعبر بعمق عن الشجن الانسانى النبيل

What a wonderful world - LOUIS ARMSTRONG.لويس ارمسترونج العظيم ... الصوت الملئ بالشجن الانسانى .. والذى يمتد بنا الى عذابات اجدادنا الافارقة الذين كانوا يغنون همومهم فى ارض العبودية تحت وطأة الأغتراب عن الوطن الاصلى وقسوة السيد المتحكم فى مصيره .. كان جدودنا يغنون فى المساء بعد يوم عمل طويل وقاس وحياة لاأنسانية - يغنون عن همومهم ووطنهم البعيد واهلهم الذين انقطعوا عنهم فى وطن المنشأ ... فنشأت موسيقى الجاز ... وكان ارمسترونج احد اهم روادها ومبدعيها .. انه صوت الانسانية المعذبة التى تحلم بعالم اكثر انسانية واكثر سعادة

مصائر المهمشين

الفرد المنضغط اجتماعيا ويؤمن بانه ضحية لتلك الفوارق الطبقية التى يعانيها المجتمع تحت تأثير اسئثار طبقة محدودة بامتلاك الثروة وباستهلاكها واعادة انتاجها بالطريقة وبالكيفية التى تخدم هذه الطبقة وحدها ...
هذا الفرد امامه ثلاث خيارات ...
1- ان لم يكن قد تعرض لعملية تزييف الوعى التى تمارسها تلك الطبقة لتكريس سيطرتها على الثروة والسلطة .. فأنه سينضم الى اولئك الذين يسعون الى تغيير هذا المجتمع والوصول لهدف القضاء على تلك الفوارق الطبقية .. وسيصبح مناضلا ثوريا بالمعنى الدقيق للكلمة ..
2- فى الحالة الثانية وتحت تأثير محدودية المعرفة او تحت تأثير تزييف الوعى -المشار اليه من قبل او فى حدود مايدركه - قد يؤمن بان هذا الوضع وتلك الفوارق قدرية وبفعل السماء وبالتالى يذهب الى المسجد او الكنيسة او المعبد .. ليصلى طلبا لاخرة تعوضه عن هذه الدنيا الظالمة الفانية وطلبا لأعانة من السماء ومددا يقوى احتماله لهذه الحياة التى تخلوا من المساواة لحكمة سماوية ..
3- فى الحالة الاخيرة وكناتج للاحباط والفقر الشديد والجهل ايضا او سوء التعليم وفقدان الامل وضعف الارادة و تحت وطأة الشعور بالهزيمة الاجتماعية وتراكم الاحساس بالحرمان داخله فى هذه الحالة يزداد حنقه ونقمته على هذا المجتمع ويجيز لنفسه تكفيره والخروج عليه اما بممارسة العنف الاجتماعى بشكل منفرد ومرتبط بان يتكسب بهذا العنف (حالات يطلق عليها البلطجة ) او ان يكفر هذا المجتمع دينيا ويكون ذراعا او وقودا لليمين الدينى المتطرف .. يسمع ويطيع وينفذ ....

ماحلاها عيشة الفلاح

الفلاح المصرى ( اتحدث عن الفلاح الحقيقى الذى يفلح الارض ) عندما يمرض لايذهب الى الطبيب ولا يجرى التحاليل لمجرد شعوره بالارهاق مثلنا نحن المثقفين .. بل عندما يمرض احد افراد اسرته يفعل ذلك ايضا ولايسرع به للطبيب الا بعد ان يرقد فى سرير المرض تماما ... 
لكنه حين تمرض جاموسته .. او بقرته .. فأنه يسرع الى استدعاء الطبيب البيطرى او يذهب اليه فى بيته .. يطلب العلاج لها ... وان تتطلب هذا الامر الاستدانة من جيرانه ...
لأن موت الجاموسة او البقرة هنا معناه خراب البيت والجوع .. فالارض تنتج المحصول الذى لايغطى تكلفته نتيجة ارتفاع اسعار مستلزمات الانتاج وتلاعب التجار به تحت اعين وسمع وبصر الدولة التى انسحبت تماما منذ عقود من ان تقوم بدورها فى تسويق المحاصيل وتوفير مستلزمات الأنتاج فضلا عن الرعاية الصحية والاجتماعية للفلاح المصرى ...
لم يبق للفلاح الا جاموسته او بقرته .. التى يعيش على البضع كيلوات من اللبن ومشتقاته التى يبيعها كزبد وجبن وسمن وخلافه .. فتصنع راتبا اسبوعيا له يسد به رمقه ورمق اسرته ويوفر بها مصاريف الزراعة وغذاء ماشيته ...
اما تكاليف الحياة من زواج وبناء ومصاريف مدارس وولادة الى اخره .. فالاستدانة عالية التكاليف والفوائد من بنك التنمية الزراعى تتكفل بها ..
وتكون النهاية اما ان يظل مدينا طوال حياته عبر تدوير مديونته لدى البنك .. او التوقف النهائى عن السداد الذى يعنى الوقوع فى براثن السجن ..
عرفتم لماذا تكون اولوية العلاج عند الفلاح للجاموسة او البقرة .. عن العلاج لنفسه او اولاده او امرأته ؟

فلاح كان فايت بيغنى .. من جنب السور ....

-
شأنى شأن كثير من أهل البندر .. أصولى ريفية وأهلى فلاحين ولكن لم يكونوا من ذوى الاملاك .. واغلبيتهم فلاحين بسطاء منهم من يمتلك قطعة ارض مساحتها نصف فدان ومنهم من يمتلك اقل ومنهم من يستأجر الارض ليفلحها ومنهم من يعمل باليومية او كما يقولون (على دراعه ) واكثرهم تملكا كان يمتلك فدانين او ثلاثة وعدد يعد على اصابع اليد الواحدة يمتلك فى حدود الخمسة افدنة او اكثر قليلا ..
وكنت اقضى اجازة الصيف كاملة فى الريف بين اهلى واقاربى بحكم اننا (كمغتربين عن اهلنا فى المدينة ) تكون لنا حجرة فى بيت العائلة تغلق عند بدأ الدراسة وتفتح عندما تنتهى الدراسة لنقضى اجازتنا فيها ( لم أكن اعرف بعد المصايف او خلاف ذلك ككل ابناء محدودى الدخل فى مصر ) ومع ذلك كنت انتظر انتهاء الدراسة بفارغ الصبر ليأخذنا ابى بالقطار من امبابة الى المحمودية بحيرة ليضعنا هناك طوال فترة الاجازة نأكل ونشرب عند الاهل فنوفر له عناء المصاريف ( ويبدو ايضا انه كان ينتهزها فرصة لتحقيق قدر من الحرية والهدوء خلا الشهور الثلاثة سنويا بعيدا عن صخبنا وهمنا اليومى ) ..
وهذا ماجعلنى اتعرض عن قرب لحياة الفلاح المصرى واعرفه اكثر من أصدقائى فى المدينة الذين كانوا يرون فيه كائنا ساذجا يفغر فاه طوال الوقت .. وعندما تحدثه لايخرج حديثه عن كلمة (هيه )او (ايوه )او (يانهار ابيض ) او (هم يا ولا )وخلافه من تلك الصورة النمطية للفلاح التى تعرضها موجات الراديو عبر المسلسلات والصور الغنائية او حتى رسائل برنامج همسة عتاب الشهير فى اواخر الستينيات الى اواسط السبعينيات .. وكذا مسلسلات التلفزيون المصرى وافلام السينما العربية (عدا اسثناءات لاتكاد ان تذكر من التناول الجاد )
لذلك كنت اندهش جدا وانا اسمع المطربة الشهيرة شريفه فاضل وهى تتحدث عن فلاح اخر غير الذى اعرفه ( فلاح كان فايت بيغنى .. من جنب السور .. شافنى وان باجمع كام ورده .. من جنب السور .. قطع الموال .. وضحكلى وقال .. ياصباح الخير ياهل البندر .. ياصباح النور ...).الخ .. الى ان تصل الى الكوبليه الذى تسأل فيه الكورس (ياهل البندر .. حدش شاف جدع اسمر دمه خفيف ؟) ..
مازالت الاغنية تتردد فى ذهنى حتى اليوم كنموذج للفهم الخاطئ لمثقفى اهل البندر للفلاح المصرى .. ولازلت اردد فى نفسى .. ( ايوه ياست شريفه .. شفناه .. بس مش جدع اسمر دمه خفيف ... انه شفته ياشريفه هانم جدع اصفر وشه مايل للزرقه وملامحه بتقول انه استوى من البلهارسيا ودخل على مرحلة تمكن فيرس الكبد الوبائى ( اغلب فلاحى منطقة الدلتا على الخصوص يعانون من انتشار فيروس الكبد الوبائى نتيجة البلهارسيا التى تسللت اليهم اثناء عملية الرى والصرف , وأيضا نتيجة اسلوب الحياة المرتبط بالخلل والشح فى خدمات مياه الشرب والصرف الصحى وعدم توفر الرعاية الصحية فى الريف وسوء توزيع الخمات المزمن فى مصر واللا مساوة التى تتم فى هذا المضمار لصالح العاصمة والمدن الكبيرة ) ..
ارتبطت منذ صغرى بالفلاحين وتعلقت بهم واخذت البلهارسيا شأنى شأن اى فلاح ولكن لحسن الحظ تعالجت منها سريعا ولم تدخل جسدى مرة اخرى .. اكلت أكلهم ( المش والمخلل وخضروات الارض احيانا واحيانا اخرى البط والدجاج وخيرات الريف عندما كان الفلاح المصرى حتى اواسط السبعينيات يستطيع ان ينتج اغلب غذائه ) واستقر بى المطاف لأقيم نهائيا فى مدينة المحمودية الريفية فى منتصف السبعينيات ولأعمل ايضا بعد انتهاء دراستى هناك بين أهلى وأقاربى وأترابى من اصدقاء الطفولة والصبا .. ولم ينقطع تواصلى الانسانى بهم .. رغم مشاغلى واقامتى بالمدينة .. المهم اننى ادركت جيدا مدى احباطهم وانصرافهم عن اهل البندر ..وعميق فقدان الثقة التى يكنون تجاه هؤلاء الأفندية من اهل البنادر ( والغريب انهم لايبدون هذه المشاعر ولا يصلون بها الى درجة اعلان النوايا ) . فنحن افندية البندر منا من كان مهندس الرى الذى دوخهم وامر ونهى وتحكم فى مفاتيح ترع الرى .. وكان منا مدير الجمعية الزراعية الذى عامل المزارع البسيط بتعال يصل الى درجة الاستهانة .. ومنا كان مهندس الارشاد وطبيب الوحدة البيطرية وتومارجيه الذى يشخط وينطر ويقبض ايضا ليمشى الحال .. ومنا من كان امين مخازن الجمعية الذى يقوم بتوصيل السماد للاحباب من كبار الملاك ويعامل اصحاب الحيازات الصغيرة باستهانة ويستبيح جزء من نصيبهم فى السماد او المبيدات مستغلا عدم درايته بالقراءة والكتابة او قلة حيلته .. ليبنى بعد ذلك العمارات والبيوت وتظهر عليه مع مرور الوقت امارات النعمة ... انكوى الريف المصرى وخصوصا فلاحيه الفقراء من سرقات واختلاسات البعض من سكان البندر الافندية وطلباتهم الغير مبررة سواء فى اوخر الستينيات او السبعينيات والثمانينيات .. وحتى الان مع ظهور اجيال متعلمة بين فقراء اهل الريف الا ان ظاهرة استغفال بعض الافندية أهل البندر للفلاحين الفقراء والملاك الزرعيين الصغار مازالت عالقة فى الازهان .. مازالت صورة السياسى لدى الفلاح هى صورة الافندى الذى يأت فى الانتخابات ليرفع الشعارات ويغنى على الفلاح بالحديث عن مشاكله وضرورة حلها ثم يأخذ اصوات القرية ويذهب الى البرلمان ويختفى ...الى ان تأتى الانخابات التالية .. مازالت ذاكرتى مليئة بصور استخفاف الافندية اهل البندر المتثاقفين بأهل الريف .. حتى عندما كنا نذهب بأحدنا الى الطبيب فى المدينة الكبرى كان يعاقب الفلاح المريض على مايسميه هو اهماله فى صحته بطريقة مهينة دونما تفهم ان الفلاح لايذهب الى الطبيب الا عندما ينام فى الفراش ويعجز عن الحركة تماما .. لقلة ذات اليد .. وربما لتكاثر الامراض على جسده المتعب من جراء سوء الخدمات الصحية فى القرية وسوء التغذية وقلة الحيلة .. فالمحاصيل لاتتكفل بسداد ديونه لدى البنك .. وأعلاف الماشية مرتفعة الاسعار .. والسماد والمبيدات وسائر مستلزمات الانتاج الزراعى اصبحت غير متوفرة وان توفرت فهى مرتفعة الثمن .. اعرف بعض المستأجرين .. يبقون فى ارض المالك ويدفعون الايجار بالدين .. لأنهم لن يجدوا مأوى ولا عمل خارج هذه الارض التى اصبحت لاتنتج محصولا مربحا فى ظل تحايل التجار وغل يد الدولة عن تسويق المحاصيل ... ربما اقتنع هؤلاء الافندية بما تغنى به عبد الوهاب ( محلاها عيشة الفلاح .. متهنى ومرتاح البال ) ولكن تظل صورة الفلاح الحقيقية مختلفة تماما عن صورته الموجودة فى أزهان أهل البندر المتثاقفين .. وتظل صورة الأفندى ابن البندر لدى الفلاح هى صورة الذى اذا تحدث كذب واذا وعد أخلف واذا اؤتمن خان .. وهذه ثقافة تكونت عند الفلاح منذ ان كان يسمع الافندى عضو الاتحاد الاشتراكى فى الستينيات وهو يردد الشعارات الاشتراكية بطريقة مدرسية (طبعا هناك اسثناءات مخلصة لكنها لم تؤثر للأسف ) للأسف بعضهم كان يشارك فى سرقة ونهب الفلاحين ..سواء فى الجمعيات الزراعية او فى بنك التسليف وجاء افندية الحزب الوطنى ليكملوا حلقة المرار الذى ذاقه هذا الفلاح المسكين على يد افندية البندر ... وفضلا عن تدهور اوضاع الريف المصرى اصبح الفلاح المصرى عبارة عن سبوبة سياسية لهؤلاء البهاوات .. كل ذلك يجرى على انغام اغنى كثيرة كأغنية (الست) شريفه فاضل ( فلاح كان فايت بيغنى ) وعبد الوهاب (محلاها عيشة الفلاح ) واغانى اخرى كانت تقدم الفلاح كأنسان ساذج وعبيط ( ياحضرة العمده .. ابنك حميده حدفنى بالسفنديه .. اهيه .. واغنية الثلاثى المرح الشهيرة (مسعود ) والذى يرد فيها الفلاح الساذج (ايوه ) ناهيك عن افلام السبعينيات والثمانينيات الكوميدية التى قدمها عادل امام .. واحمد بدير .. وسيف الله مختار ... وهى نماذج توضح مدى سخرية الافندية من الفلاح المصرى وتقديمه اياه بهذه الطريقة المهينة ... طبعا هناك اعمال جادة وخصوصا عمل العملاق محمود المليجى فى رائعة الارض ليوسف شاهين ولكن للاسف كانت العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة التى هى اقل القليل ...
عرفتم لماذا يفشل السياسيون والمثقفون فى الريف ويتفوق اصحاب العمامات واللحى من ابناء تلك القرى ؟

حمـدى عـبد العـزيز: احمد السيد النجار .. يكشف اسرار جريمة كبرى ارتكبت...

حمـدى عـبد العـزيز: احمد السيد النجار .. يكشف اسرار جريمة كبرى ارتكبت...: Ahmed El-Naggar منذ 3 ساعات بناء على طلب الأصدقاء أعيد نشر نص عقد منح الأرض للوليد بن طلال وتعديله وقراءتي النقدية لكليهما. وما...

انين الاطراف وصراخها وصخبها ونقمتها

العنف الذى اتخذ شكل الارهاب المسلح فى سيناء ومطروح والصعيد يفسر لنا كيف ان عملية الاقصاء والتهميش الاجتماعى التى تتم للاطراف الجغرافية البعيدة عن العاصمة والمدن الرئيسية وبعد خدمات الدولة وندرة رعايتها ....قد فرخت على مر العقود اما من هم وقود للتيار الدينى المتطرف من ابناء الفقراء والمهمشين الذين وقعوا ضحية الاحباط من الدولة والاحساس بالحرمان الاجتماعى الذى دفعهم دفعا الى الارتماء فى احضان التنظيمات الدينية المتطرفة ... والاستثناء من ذلك منهم اخذه الاحباط والحرمان الاجتماعى الى معادة المجتمع والوقوع فى اسر البلطجة كطريقة للتكسب وسلوك وثقافة للحياة يعيشون بها ... تسأل الدولة الغائبة عن اطرافها فى الشرق والغرب والشمال والجنوب عن ذلك هذه الدولة التى بدأت فى المغيب منذ اواخر السبعينيات وغابت تماما منذ الثمانبنيات ومابعدها عن توفير الحماية والرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية والثقافية لأبنائها وتركتهم فريسة للسلوك غير المسئول اجتماعيا من قبل الرأسمالية المصرية التى سيطرت على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ( ومازالت تسيطر وان تعددت الاسماء وأشكال الذقون ملتحاة وغير ملتحاة ) .. فذهب خيرة شبابنا اما فريسة للتطرف الدينى واما فريسة للبلطجة واما فريسة للثقافة الفوضوية العدمية ...

فى فقه المنخار

ما اشبه الليلة بالبارحة .... عندما اغتيل الرئيس السادات وكنا من بين معارضيه .. وكانت احد اسباب المعارضة القوية له انقلابه على المشروع الوطنى الناصرى .. وقيادته عملية التحول الاقتصادى والاجتماعى التى اودت الى مانحن فيه اليوم ... وجاء حسنى مبارك فبدأ رئاسته باطلاق سراح زعماء القوى الوطنية المعتقلين ( ميلاد حنا - ابو العز الحريرى - فتحى رضوان - قبارى عبدالله - فؤاد سراج الدين - محمد حسنين هيكل - احمد نبيل الهلالى .... وغيرهم من القامات الوطنية ) ..
فبدأ الحديث حول مبارك فى الاروقة وعلى الموائد الحزبية .....
كان البعض يتحدث عن دراسة مبارك العسكرية فى الاتحاد السوفيتى وان ذلك سيقربه من فكرة الاقتراب من الطبقات الشعبية ... بل ان الحزب الشيوعى المصرى -بجلالة قدره وقتها - تحدث فى بعض تقاريره المكتوبة عن اقتراب مبارك من الطبقة العاملة - لمجرد انه تحدث فقط عن اهمية القطاع العام وانه يقود التنمية وحدثت ازمة كبيرة داخل حزب التجمع ( سبقتها ازمة داخل الحزب الشبوعى المصرى ) بدأ من طرح لطفى الخولى لورقة التوافق الوطنى والتى كانت تعبر عن مجموعة القيادة داخل التجمع الا قليلا - بمجرد هذا الحديث وبمجرد عقد المؤتمر الاقتصادى وقتها ... بدأ الحديث عن شبه ما بين مناخير عبد الناصر ومناخير حسنى مبارك .. تصوروا هذا قد حدث .. ولكن على رأى نجيب محفوظ ( افة حارتنا النسيان )..
اتذكر هذا اليوم لأن هناك حديث مشابه لدى البعض يشبهون به السيسى بعبد الناصر ... دونما ان نقرأ شيئا عن افكاره ودونما ان يعلن هو شيئا عن اجندته السياسية ..
الايام دروس ياسادة .. وعلينا ان نستوعبها ...
------------------------------------

ماحلاها عيشة الفلاح

الفلاح المصرى ( اتحدث عن الفلاح الحقيقى الذى يفلح الارض ) عندما يمرض لايذهب الى الطبيب ولا يجرى التحاليل لمجرد شعوره بالارهاق مثلنا نحن المثقفين .. بل عندما يمرض احد افراد اسرته يفعل ذلك ايضا ولايسرع به للطبيب الا بعد ان يرقد فى سرير المرض تماما ... 
لكنه حين تمرض جاموسته .. او بقرته .. فأنه يسرع الى استدعاء الطبيب البيطرى او يذهب اليه فى بيته .. يطلب العلاج لها ... وان تتطلب هذا الامر الاستدانة من جيرانه ...
لأن موت الجاموسة او البقرة هنا معناه خراب البيت والجوع .. فالارض تنتج المحصول الذى لايغطى تكلفته نتيجة ارتفاع اسعار مستلزمات الانتاج وتلاعب التجار به تحت اعين وسمع وبصر الدولة التى انسحبت تماما منذ عقود من ان تقوم بدورها فى تسويق المحاصيل وتوفير مستلزمات الأنتاج فضلا عن الرعاية الصحية والاجتماعية للفلاح المصرى ...
لم يبق للفلاح الا جاموسته او بقرته .. التى يعيش على البضع كيلوات من اللبن ومشتقاته التى يبيعها كزبد وجبن وسمن وخلافه .. فتصنع راتبا اسبوعيا له يسد به رمقه ورمق اسرته ويوفر بها مصاريف الزراعة وغذاء ماشيته ...
اما تكاليف الحياة من زواج وبناء ومصاريف مدارس وولادة الى اخره .. فالاستدانة عالية التكاليف والفوائد من بنك التنمية الزراعى تتكفل بها ..
وتكون النهاية اما ان يظل مدينا طوال حياته عبر تدوير مديونته لدى البنك .. او التوقف النهائى عن السداد الذى يعنى الوقوع فى براثن السجن ..
عرفتم لماذا تكون اولوية العلاج عند الفلاح للجاموسة او البقرة .. عن العلاج لنفسه او اولاده او امرأته ؟

فى شأن مسألة انتشار ارتداء الحجاب والعباءة النسائية والنقاب

مسألة انتشار ارتداء الحجاب ومن بعده النقاب والازياء التى تندرج تحت مسمى الزى الاسلامى لم تكن صدفة على الاطلاق فالأمر يتعلق بمستجدات على المجتمع المصرى .. اولها .. تزامن ذلك مع استدعاء السادات فى اواسط السبعينيات لقيادات الاسلام السياسى من دول الخليج العربى وهى قد رجعت بانماط الزى الخليجى كنموذج تتطال المرأة المصرية بارتدائه .. وكذلك مع ارتفاع اسعار الملابس العادية وارتفاع تكاليف الزى المتناسب مع خطوط الموضة الى مستوى مستفز ....وتقديم المولات الاسلاموية للازياء الخليجية الاصل باسعار مناسبة لبنات الطبقات المتوسطة والاقل اجتماعيا .. كذلك صاحب هذا سيادة الخطاب الدينى الذى يرى فى وجه المرأة عورة وتبنى ابناء الطبقة الوسطى البادئة فى الانهيار الاقتصادى والاجتماعى والقيمى لهذا الخطاب ضمن تبنيهم للزوق الخليجى فى الملبس ( شهدت اوائل الثمانينيات نفوذ كبير للسعودية ودول الخليج العربى فى الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية المصرية ) .. وتبنيهم للنموزج المقترح للحياة الاسلامية .. وهو مقترح مفضل لدى المحبطين اجتماعيا والخارجين من هزائم حضارية كبرى الى المزيد من الفقر وسوء التعليم والرعاية وتهميش الدولة لهم واحباطهم منها وانكفائهم الى النموذج المناسب لعشوائية الحياة وسقوط الاحلام وتكسرها على ارض الهزائم المتتالية لابناء الطبقات المهمشة .. ففى العشوائيات اصبحت البنات تفضل النقاب عن الحجاب كتطور طبيعى و الشباب اصبحوا اما كثيفوا اللحى فى الغالب او بلطجية يرتزقون من البلطجة لحسابهم او حساب الكبار من المتنفذين ..

حمـدى عـبد العـزيز: المواجهة الحاسمة لليمين الدينى المتطرف

حمـدى عـبد العـزيز: المواجهة الحاسمة لليمين الدينى المتطرف: انطلاقا من كونى اقف دائما ضد فكر اليمين الدينى المتطرف باعتباره احد المحاور الرئيسية _ عبر تاريخنا الوطنى الحديث لتزييف الوعى الاجتماعى...

حمـدى عـبد العـزيز: أقل من ثورتين فى حلقات الثورة المصرية

حمـدى عـبد العـزيز: أقل من ثورتين فى حلقات الثورة المصرية: يبدو اننا مضطرين لأن نستخدم  اصطلاح (ثورة ) سواء كان ذلك ماأطلق على 25 يناير او 30 يونيو .. بالرغم من افتقاد الاثنتين لشروط الثورة بالمعنى ...

احمد السيد النجار .. يكشف اسرار جريمة كبرى ارتكبت فى حق الشعب المصرى ولايمكن السكوت عنها

بناء على طلب الأصدقاء أعيد نشر نص عقد منح الأرض للوليد بن طلال وتعديله وقراءتي النقدية لكليهما. وما كتبته منشور من قبل الثورة في صحيفة العربي الناصرية، وفي كتاب "مياه النيل ..القدر والبشر"، وبعد الثورة أعدت نشره في كتاب "برنامج اقتصادي لمصر الثورة"

نص العقد بين الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية
وبين وليد طلال لبيع 100 ألف فدان بأرض توشكا من الهيئة إلى المذكور
أبرم هذا العقد فى يوم الأربعاء الموافق ١٦ من سبتمبر ١٩٩٨ فيما بين كل من:
١- الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية (GARPAD)، والمشار إليها فيما بعد بالطرف الأول والكائن مقرها الرئيسى بالقاهرة ويمثلها الدكتور محمود أبوسديره، وهو المفوض قانونا فى التوقيع على هذا العقد.
( طرف أول – بائع)
٢- شركة المملكة للتنمية الزراعية – مصر شركة مساهمة مصرية والمشار إليها فيما بعد بالطرف الثانى والكائن مقرها الرئيسى بالجيزة – مصر، ويمثلها فى التوقيع على هذا العقد صاحب السمو الملكى الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود.
(طرف ثانى – مشترى)
تمهيد
اعتمد مجلس الوزراء بتاريخ ١٢ مايو ١٩٩٧ مذكرة وزارة الزراعة بشأن الطلب المقدم من صاحب السمو الملكى الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود بشأن تخصيص قطعة أرض مساحتها ١٠٠.٠٠٠ (مائة ألف) فدان بأراضى جنوب الوادى بمنطقة توشكا بهدف استصلاحها واستزراعها.
قام ممثل صاحب السمو الملكى الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود بعمل جميع الإجراءات اللازمة لتأسيس شركة المملكة للتنمية الزراعية وقد أصدرت الهيئة العامة للاستثمار ١٢/٨/١٩٩٧ قرارها الذى يقضى بالموافقة على تأسيس الشركة المذكورة.
لذلك وتأسيساً على ما تقدم أعلاه تم الاتفاق على ما يلى:
التعريفات:
١- الدولة: وتعنى الحكومة المصرية (GOE).
٢- الأرض: وتعنى الأرض الصحراوية فى جنوب الوادى بمنطقة توشكا والتى تقع فيما بين الإحداثيات ٣١ درجة و٣٠ دقيقة و٣١ درجة و٤٥ دقيقة شرق خط الطول و٢٢ درجة و٥٥ دقيقة و٢٣ درجة و٢٥ دقيقة شمال خط العرض، وفقا للإحداثيات المبينة على الخرائط المسلمة بواسطة وزارة الزراعة المصرية والمركز الزراعى للأبحاث ومعهد أبحاث البيئة والمياه والأراضى.
٣- طرق الرى الحديثة: وتعنى استخدام وسائل الرى والمعدات والممارسات التى تعد من وجهة نظر الطرف الثانى أكثر ملاءمة وذات جدوى اقتصادية، وكافية لأداء الغرض المستعملة من أجله وذلك باستخدام المعدات المتاحة والمستخدمة فى إعداد لا بأس بها من المزارع التجارية فى العالم فى وقت التوقيع على هذا العقد.
٤- المشروع: يعنى مشروع التنمية الزراعية المزمع تنفيذه بواسطة الطرف الثانى فى جنوب الوادى بمنطقة توشكا بجمهورية مصر العربية.
٥- الفرع رقم ١: يعنى فرع من فروع قناة الشيخ زايد والممتد عبر الأرض لإحداثيات تبلغ حوالى ٣١ درجة و٤٠ دقيقة شرق خط الطول و٢٣ درجة و١٨ دقيقة شمال خط العرض.
٦- المياه الكافية: تعنى الحد الأدنى من المياه التى يضمنها الطرف الأول للطرف الثانى، والذى تم تحديده بواسطة الطرف الثانى والمقدر بـ ٧٠٠٠ متر مكعب سنويا لكل فدان من صافى الأراضى المزروعة والأشجار الواقية من الرياح التابعة له ويتم قياسها عند نقاط التوزيع على امتداد القنوات الثانوية المخصصة لخدمة الأرض، ويمكن تخفيض الحد الأدنى من المياه الموفرة إلى ٦٠٠٠ متر مكعب من المياه لكل فدان فقط فى حالة الجفاف الأقصى حيث ينخفض مستوى بحيرة ناصر لأقل من 150.9 أمتار فوق سطح البحر.
المادة الأولى:
يقر طرفا هذا العقد أنهما قاما بمراجعة جميع محتويات هذا العقد وأنهما على علم بكل ما ورد فيه، وأن توقيعهما على هذا العقد يعد دليلا على اطلاعهما على جميع محتوياته.
المادة الثانية:
قام الطرف الأول بصفته المذكورة فى العقد ببيع قطعة أرض صحراوية للطرف الثانى الذى قبل بها على حالتها، وتقع خارج الزمام بجنوب الوادى بمنطقة توشكا، وقد وافق مجلس الوزراء المصرى فى جلسته المنعقدة فى ١٢ مايو ١٩٩٧ على تخصيص قطعة الأرض المذكورة لشركة المملكة للتنمية الزراعية بغرض استصلاحها واستزراعها وتنمية الأراضى فى جنوب الوادى.
ويحد الأرض المذكورة الحدود الآتية:
٣١ درجة و٣٠ دقيقة شرق خط الطول و٢٢ درجة و٥٥ دقيقة و٢٣ درجة و٢٥ دقيقة شمال خط العرض وفقا للإحداثيات المبينة على الخرائط المسلمة بواسطة وزارة الزراعة المصرية والمركز الزراعى للأبحاث ومعهد أبحاث البيئة والمياه والأرض والمرفقة مع هذا العقد.
قام الطرف الثانى باختيار قطعة الأرض على أساس الخريطة المتعلقة بالتربة، وتصنيف التربة المعد من قبل الحكومة المصرية، وبناء على هذه المعلومات فإن الأرض تحتوى على عدد كبير من النوعية (١) و(٢) من التربة باستخدام قياس من ١ – ٦ على اعتبار (١) هى ذات الجودة العالية والملائمة لمساحات واسعة من الزراعة المرورية.
المادة الثالثة:
لقد تم بيع الأرض على النحو التالى:
- ٥٠ جنيهاً مصرياً لكل فدان من المساحة المزمع تطويرها ضمن الإحداثيات المذكورة والمقدرة بـ ١٠٠.٠٠٠ (مائة ألف) فدان.
- فى حالة قيام الطرف الثانى بتطوير أكثر من ١٠٠.٠٠٠ فدان من الأرض مستقبلا فإنه سيدفع إلى الطرف الأول ٥٠ جنيها مصريا لكل فدان من الأراضى الإضافية التى تتم زراعتها.
- ٢٠% من قيمة الشراء الإجمالى دُفعت عند التوقيع على هذا العقد، والباقى يتم دفعه حسب اتفاق الطرفين.
يقوم الطرف الأول فور سداد كامل ثمن الشراء بمنح الطرف الثانى حق الامتلاك المطلق لكامل المنطقة الواقعة فيما بين الإحداثيات المذكورة فى المادة الثانية من هذا العقد وتسجيلها باسمه، وسيقوم الطرف الأول بتقديم ضمانات خطية ضد نزع الملكية أو مصادرة الأرض المذكورة.
بالإضافة إلى ذلك فإن الأرض لن تكون خاضعة لأى أعباء حكومية أو أتعاب أو رسوم أو ضرائب من أى نوع كانت، بما فى ذلك على سبيل المثال لا الحصر رسوم التسجيل ورسوم التوثيق وضريبة الدمغة والضرائب العقارية وضرائب رأس المال المتعلقة بالأرض أو بملكيتها.
لن تكون الأرض خاضعة لأى أنظمة تخطيط أو إنشاء فى المنطقة كما لن تخضع لأنظمة تقسيم المناطق، سواء فى الحاضر أو المستقبل.
المادة الرابعة:
يكون الطرف الأول مسؤولا عن توفير المياه لمنطقة المشروع، وبالتالى يكون ملتزما بتشييد الفرع رقم ١ المتفرع من قناة الشيخ زايد والممتد عبر الأرض على نفقة الطرف الأول. وسيمتد الفرع رقم ١ الذى سيقوم الطرف الأول بإنشائه داخل الأرض إلى إحداثيات تقريبية تصل إلى ٣١ درجة و٤٠ دقيقة شرق خط الطول و٢٣ درجة و١٨ دقيقة شمال خط العرض. وسيقوم الطرف الأول بتوفير المياه للطرف الثانى عند مستوى رفع هذه النقطة وبمعدلات قصوى للتدفق تحدد من قبل الطرف الثانى.
وتستند القيم المشار إليها رقم ٠ – ٣٦ – ٩١ المأخوذة من المؤسسة المصرية العامة لمسح وتعمير الصحراء، وقد يستلزم الأمر إجراء تعديلات فى طول القناة، وفى نقطة الرفع النهائية وذلك للتعويض عن أخطاء الخريطة، وسوف يتحمل الطرف الأول تكلفة أى تعديلات تتم بهذا الشأن.
يلتزم الطرف الأول كذلك فى حالة الحاجة إلى الضخ بتوفير المضخات الضرورية، وهيكل البنية الأساسية الأخرى عند نقطة التقاطع فيما بين القناة المسماة بقناة الشيخ زايد والفرع رقم ١ لرفع المياه على امتداد الطول الكلى للقناة الفرعية، وذلك طبقا لمواصفات ومعدلات تدفق المياه التى يطلبها الطرف الثانى،
يكون الطرف الأول مسؤولا من الناحية المالية، والنواحى الأخرى عن تشغيل وصيانة قناة الشيخ زايد والفرع رقم (١) والمضخات الأساسية ويلتزم الطرف الثانى بدفع المبالغ التالية للطرف الأول مقابل إدارة وصيانة وتشغيل محطة الضخ والقناة والفروع.
- أول ٥.٠٠٠ متر مكعب لكل فدان: ٤ قروش مصرية عن كل متر مكعب.
- الـ ١.٠٠٠ متر مكعب التالية لكل فدان: ٥ قروش مصرية عن كل متر مكعب.
- الأمتار المكعبة التالية لكل فدان: ٦ قروش مصرية عن كل متر مكعب.
يوافق الطرف الأول على تصميم الأنظمة الفرعية للقناة الممتدة من الفرع رقم ١ إلى كل ٥٠٠٠ فدان من المساحة الزائدة على المنطقة المزمع تطويرها وتعميرها بواسطة الطرف الثانى، بالمشاركة الفنية مع الطرف الثانى، وسيكون الطرف الثانى مسؤولا عن تشييد الأنظمة الفرعية.
وسيقوم الطرف الأول بتعيين ممثل للعمل بتنسيق تام مع خبير وممثل يعينه الطرف الثانى خلال مراحل التصميم والبناء، بما فى ذلك مراحل تصميم وبناء الفرع رقم ١ لضمان علم كلا الطرفين بكل ما يجرى من أعمال طوال الوقت.
يتضمن هذا التنسيق على سبيل المثال لا الحصر مشاركة ممثل الطرف الثانى الفنية وموافقته على طريقة رسم الخرائط للمنطقة، ومسار واتجاه الفرع رقم ١ لضمان علم كلا الطرفين بكل ما يجرى من أعمال طوال الوقت.
يتضمن هذا التنسيق على سبيل المثال لا الحصر مشاركة ممثل الطرف الثانى الفنية وموافقته على طريقة رسم الخرائط للمنطقة، ومسار واتجاه الفرع رقم ١ والتصميم والمواصفات وطرق البناء ومواد البناء والجدول الزمنى للتنفيذ.
يوافق الطرف الأول على أن تصميم الفرع رقم ١ يتم ويجرى العمل به والانتهاء منه بمشاركة الممثل الفنى للطرف الثانى وموافقته على جميع المراحل خلال العملية.
المادة الخامسة:
يضمن الطرف الأول للطرف الثانى القيام بإمداده بالمياه الكافية للأرض لرى صافى المنطقة المزروعة، بالإضافة إلى احتياجات المياه الزراعية الموضحة أعلاه، فإن على الطرف الأول تزويد الطرف الثانى بمياه إضافية تكفى للاحتياجات المحلية والصناعية بما فى ذلك على سبيل المثال لا الحصر المياه اللازمة للمنتجات الزراعية بالكمية والمواصفات التى يتعين الاتفاق عليها فيما بين الطرفين.
سيقوم الطرف الأول بإمداد الطرف الثانى بالمياه المشار إليها أعلاه دون تكلفة على الطرف الثانى.
يقوم الطرف الأول بمنح الطرف الثانى حقا مطلقا وغير مقيد فى الوصول إلى المياه من الفرع رقم ١، التى تغذيها قناة الشيخ زايد وذلك على مدار ٢٤ ساعة فى اليوم ولمدة ٣٦٥ يوماً فى السنة وينبغى عدم إيقاف أو قطع هذا الإمداد من المياه فى أى وقت، ولأى سبب مهما يكن إلا فى حال وجود موافقة خطية مسبقة قبل شهرين من حدوث واقعة الانقطاع، أو الإيقاف عن إمداد المياه.
سيكون الطرف الأول مسؤولا عن إدارة وقياس مستويات وكميات المياه التى يتم ضخها من القناة الرئيسية وفروعها.
المادة السادسة:
يقوم كل من الطرف الأول والطرف الثانى بتعيين شخص يمثل حلقة اتصال لتمكين كلا الطرفين من متابعة العمل ومراجعة المستندات الضرورية للتأكد من تحقيق كلا الطرفين جميع التزاماتهما المحددة فى العقد وتسهيل الشرط الخاص باستمرارية تمرير المعلومات بين الطرفين فى الوقت المحدد.
سيتم تزويد الطرف الثانى بنسخة من خطة الطرف الأول الرئيسية لتطوير جنوب الوادى بالكامل، وبالأخص المنطقة التى تقع بها الأرض المبيعة.
المادة السابعة:
يزمع الطرف الثانى البدء فى تطوير وتنمية الأرض قبيل انتهاء الطرف الأول من مشروع القناة وإمداد المياه والكهرباء، وهياكل البنية الأساسية الأخرى، والمقرر توفيرها بجنوب الوادى بمنطقة توشكا والأرض المجاورة والملحقة بها.
إن جدول تنفيذ تطوير المشروع سيكون بناءً على مطلق إرادة الطرف الثانى، وسيتم إعلان الطرف الأول بهذا الجدول فى الوقت المناسب.
المادة الثامنة:
يتعهد الطرف الثانى بعدم استخدام الأرض المبيعة لأى غرض آخر غير الغرض الذى خُصصت من أجله، ما لم يتم الاتفاق بين الطرفين على خلاف ذلك.
كذلك يلتزم الطرف الثانى بحماية أى مناجم أو مقالع للحجارة أو أى ثروات معدنية أو بترولية أو آاثار تاريخية يمكن أن توجد فى هذه الأرض، وذلك وفقا للقوانين والأنظمة المطبقة بخصوص هذه المسألة، وسيكون للطرف الثانى حرية الوصول إلى المياه السطحية أو الجوفية والحق فى استخدام جميع المياه الجوفية والسطحية المتوفرة على أراضى المشروع.
للطرف الثانى الحق فى تصميم وبناء وتأسيس وتشغيل وإدارة مرافق صناعية وتشغيلية على الأرض، وأن على الطرف الأول منح الطرف الثانى جميع تراخيص البناء الضرورية وغيرها من الموافقات الأخرى عندما يطلبها الطرف الثانى دون تأخير أو تقييد.
المادة التاسعة:
لا يسمح للطرف الثانى التصرف فى هذه الأراضى المخصصة له أو فى أى جزء منها، أو التنازل عنها لأى جهة سواء كانت شركات أو أفراد من غير الجنسية المصرية دون الحصول على موافقة من الطرف الأول، وذلك طبقا لأحكام القوانين سارية المفعول.
للطرف الثانى الحق فى إدخال شركاء آخرين فى ملكية الشركة، وذلك طبقا لأحكام القوانين سارية المفعول عدا ما هو وارد أعلاه فى المادة الثامنة، أن يكون الطرف الثانى خاضعا فى أى وقت لأى قيود تنظيمية أو إدارية أو أى شكل من أشكال الحظر، وذلك فيما يتعلق بحقه فى التأجير من الباطن أو التقسيم الجزئى أو بيع الأرض فى حالة موافقة الطرف الأول على بيعها، ولن يكون الطرف الثانى خاضعا لضرائب إعادة بيع الممتلكات أو أى رسوم أخرى أو ضرائب ترتبط بتأجير أرضه أو تقسيمها جزئيا أو بيعها.
المادة العاشرة:
يوافق الطرف الثانى على شراء الأرض بحالتها دون الحق فى الرجوع على الطرف الأول فى حالة وجود أى عيوب بها، ولا يخل هذا الإقرار بحق الطرف الثانى فى الرجوع على الطرف الأول فى حالة إخلال الأخير بأى من التزاماته الواردة فى هذا العقد.
المادة الحادية عشرة:
يقر الطرف الثانى بأنه ملتزم باتباع أحدث وسائل الرى فى زراعة وفلاحة الأرض المخصصة له.
المادة الثانية عشرة:
وكشرط ضرورى لاستمرار صلاحية وسريان مفعول هذا العقد، على الطرفين إنهاء الأمور المدرجة فى الملحق رقم ١ لهذه الاتفاقية قبل ٣١ ديسمبر ١٩٩٨.
إن كلا الطرفين يعلم أن هذه الأمور، التى تلزم الطرف الأول باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذها، إنما هى أمور مهمة وحساسة للتطوير الناجح والمثمر للمشروع، وبالتالى تم الاتفاق بموجب هذه الوثيقة على تحديد تاريخ أقصى هو ٣١ ديسمبر ١٩٩٨ يتم فيه الاتفاق نهائيا على حل هذه الأمور، وفى حال عدم التوصل إلى اتفاق حولها يتفق الطرفان على اعتبار هذا العقد لاغيا وباطلا.
المادة الثالثة عشرة:
إن صياغة وصلاحية وأداء هذا العقد ستكون من جميع النواحى خاضعة لقوانين جمهورية مصر العربية. إن أى خلاف ينشأ من جراء تطبيق أو تفسير هذا العقد ولم يتم حله بطريقة ودية خلال شهر سيتم إحالته لتحكيم ملزم ونهائى لحله، وذلك طبقا لقوانين المصالحة والتحكيم الخاصة بالغرفة التجارية الدولية وبواسطة ٣ محكمين باللغة العربية وذلك فى القاهرة بمصر.
وفى حالة توقف أى من أحكام هذا العقد عن السريان أو تعرضها لأى شىء من ذلك، فإن باقى أحكام العقد تظل سارية وملزمة للطرفين.
إن أى تعديل أو تغيير أو تنازل عن أى شرط من الشروط الواردة فى هذا العقد لن يكون نافذا ما لم يكن مكتوبا وموقعا عليه من الطرفين.
سيكون هذا العقد سارى المفعول لمصلحة طرفيه وخلفائهم والمتنازل لهم بموافقة الطرف الأول.
حرر هذا العقد باللغة العربية ومن أربع نسخ أصلية متطابقة، وفى حال ترجمة هذا العقد إلى الإنجليزية فإنه ستتم إعادة النسخة العربية وستكون هى النسخة السائدة عندئذ.
حرر هذا العقد من أربع نسخ، نستختان لكل طرف للعمل بموجبهما فى حالة الضرورة.
وإشهادا بذلك، قام كل طرف بتنفيذ هذا العقد بواسطة ممثلة المخول حسب الأصول.
الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية GARPAD.
يمثلها فى هذا العقد: الدكتور محمود أبوسديرة.
شركة المملكة للتنمية الزراعية «مصر».
يمثلها فى هذا العقد: صاحب السمو الملكى الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود.
ملحق (١):
الضرائب:
يقوم «الطرف الأول» بمنح «الطرف الثانى» إعفاء شاملاً وكاملاً من جميع الضرائب، والأتعاب والرسوم أو ما يعادلها، بما فى ذلك على سبيل المثال لا الحصر ضريبة الشركات، والرسوم الجمركية أيا كانت، ورسوم الخدمات، على أن يشمل هذا الإعفاء المقاولين الذين ينفذون المشروع وموظفى الطرف الثانى وفقاً لأحكام القوانين الصادرة.
ويكون الإعفاء لفترة عشرين عاماً تبدأ من السنة التى تلى إنتاج كل ١٠.٠٠٠ فدان إضافية من أراضى المشروع، بما فى ذلك نظام تشغيل للرى. هذا وإن كل «١٠٠٠٠ فدان» إضافية من الأرض سوف تستفيد من إعفاء ضريبى مدته ٢٠ سنة كاملة يعقب تنفيذ الزراعة الحقلية لهذه المساحة.
الكهرباء والاتصالات:
سيقوم «الطرف الأول» بتوفير شبكة توزيع كهربائية ضرورية لتلبية متطلبات المشروع الكامل وفق ما هو مصمم وبالتعاون مع «الطرف الثانى» وتمتد هذه الشبكة على طول الفرع رقم ١ بالكامل وستكون على نفقة «الطرف الأول».
وستكون مسؤولية شبكة التوزيع الكهربائية الداخلية الأخرى على نفقة الطرف الثانى.
سيقوم «الطرف الأول» بتوفير إمداد مستمر من الطاقة الكهربائية للطرف الثانى تتكون من «تلاتة فاز»، وتكفى لتشغيل المضخات اللازمة لتكثيف الضغط على أنظمة توزيع مياه الرى واستخدامها لأغراض عمرانية وصناعية.
وتكون تكلفة الكهرباء كل كيلو ط/ساعة المدفوعة من قبل الطرف الثانى مساوية لأقل المعدلات المدفوعة من قبل أى من المستخدمين فى مصر من مصريين أو غير مصريين.
للطرف الثانى الحق فى إنشاء واستخدام مرافق الاتصال اللاسلكى بالموقع، وكذلك تأسيس محطة أرضية GPS لتغطية الموقع دون قيد أو رسم.
الطرق:
سيقوم «الطرف الأول» وعلى نفقته بإنشاء خط سريع بمسارين يتحمل الكثافة المرورية العالية، وذلك على طول الامتداد الكامل للفرع رقم ١ وسيتم ربط هذا الطريق بطريق أبوسنبل – أسوان عند نقطة واحدة. وسيقوم «الطرف الأول» بإنشاء الطريق فى الفترة الزمنية المحددة ووفقاً للمواصفات المحددة من قبل «الطرف الثانى».
الصرف:
للطرف الثانى الحق فى تصريف مياه الرى أو أى مياه جارية فى منخفض توشكا أو أى منخفض آخر من اختيار الطرف الثانى وسيقوم الطرف الأول بتعويض الطرف الثانى وحمايته وعدم تحميله آى مسؤولية فيما يتعلق بجميع المطالبات أو الضرائب أو الدعاوى أو التكاليف أو الخسائر التى يمكن أن تنشأ كنتيجة لذلك.
كل تطوير خارج أو بجانب المساحة المبيعة لابد أن يتوافق ويخضع لبروتوكول الصرف كما هو متفق عليه مع الطرف الثانى.
العمليات الزراعية:
سيكون للطرف الثانى حق غير مقيد فى اختيار أنواع المحاصيل وتشكيلاتها المتنوعة «البنية الوراثية» وبرامج المحاصيل بدون موافقة رسمية مسبقة.
وكذلك للطرف الثانى حق غير مقيد لاستخدام المدخلات الزراعية والمعدات، بما فى ذلك الطائرات، والتطبيقات الزراعية دون موافقة رسمية مسبقة.
لن يخضع الطرف الثانى لأى قيود تتعلق بالحجر الصحى وسيكون له حق غير مقيد فى استيراد أى من فصائل أو أنواع النباتات والبذور أو الحيوانات أو أى مدخلات أخرى مطلوبة دون موافقة رسمية مسبقة.
سيمنح الطرف الأول الطرف الثانى كل الشهادات أو سجلات القيد الضرورية للبذور أو أى مدخلات أخرى مباشرة بناء على طلب خطى من الشركة ودون أى رسوم.
المواصلات والجمارك:
يمنح الطرف الأول الطرف الثانى الحق فى شحن ونقل صادراته مستخدما أى خطوط طيران يختارها الطرف الثانى. فى أى وقت يقوم فيه الطرف الثانى بتشغيل طائرات شحن مستقلة لن يطالب الطرف الثانى بدفع رسوم لشركة الطيران المصرية أو للطرف الأول أو أى طرف آخر.
يضمن الطرف الأول أن تكون رسوم النقل وأجور الشحن الجوى التى تفرضها الخطوط الجوية المصرية الأهلية أو من يخلفها على الطرف الثانى مماثلة ومنافسة للرسوم المفروضة على الشحن فى البلدان المجاورة الأخرى فى المنطقة.
يمكِّن للطرف الأول الطرف الثانى من الحصول على الأرض الملائمة كما هو محدد من قبل الطرف الثانى لتشييد مرافق ومنشآت العمل والتعبئة والشحن والإدارة فى مناطق مطارات أبوسمبل وأسوان والقاهرة، وفى واحد أو أكثر من الموانئ البحرية. كما يسمح للطرف الثانى بالاستخدام غير المحدود «باستثناء تقيده بحركة المرور» والإعفاء من الرسوم «فيما عدا رسوم الهبوط الاعتيادى» لمطار أبوسمبل، وينطبق ذلك أيضاً على تسهيلات الميناء المصرى، وكذلك الاستخدام المجانى لشبكة الطرق المصرية لنقل لوازم وإنتاج المشروع.
يقوم الطرف الثانى والطرف الأول بتأسيس بروتوكول رسمى للجمارك والتخليص الجمركى والالتزام به، ويشمل ذلك قيام الطرف الأول بتعيين إدارة أو مسؤول للتخليص الجمركى مخصص لواردات الطرف الثانى وتكون له الصلاحية المباشرة فى كل إجراءات الجمارك وتقديم كل الموافقات المطلوبة للطرف الثانى.
السكن والخدمات:
سيقوم الطرف الثانى بتوفير السكن للإداريين والمهنيين والعمال المهرة الدائمين فقط.
يقوم الطرف الأول بتوفير الخدمات الأمنية والاجتماعية متضمنة الشرطة والخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية والمساجد ومياه الشرب وأنظمة الصرف الصحى، لجميع المقيمين فى المناطق المدنية فى وقت يتناسب مع خطط التنمية الخاصة بالمشروع.
شؤون الموظفين:
لن يتقيد الطرف الثانى سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بتحديد عدد الموظفين الأجانب الذى يعملون لديه، بما فى ذلك المديرون ومساعدوهم والفنيون والإداريون وغيرهم من الموظفين الذين يمكنه توظيفهم فى أى وقت.
سيتم التعامل مع الطلبات المقدمة لتأشيرات العمل وغيرها الخاصة بالطرف الثانى خلال أسبوعين من تاريخ تقديم الطلب.
يتم منح الموظفين الأجانب العاملين مع الطرف الثانى تصاريح عمل غير مقيدة لمدة ثلاثة أعوام «أو أى وثائق أو تأشيرات أو تصاريح لازمة للعمل بصورة قانونية بجمهورية مصر العربية»، على أن تكون صالحة للتجديد بصورة دائمة لنفس الفترة دون قيود أو تأخير.
دعم الحكومة للمشروع:
ستبذل حكومة جمهورية مصر العربية قصارى جهدها لدعم المشروع فى إطار النظم والقواعد المعمول بها فى مشروعات تنمية جنوب الوادى.
البيئة:
سيقوم الطرف الثانى بالتقيد بالقوانين والأنظمة الخاصة بحماية البيئة فى جمهورية مصر العربية، وسيتعاون الطرفان على حماية البيئة ويبذلان قصارى جهدهما للمحافظة عليها فى المنطقة التى تقع فيها الأرض.

قراءة تحليلية للعقد
وقعت الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة برئاسة الدكتور محمود أبو سديرة، في 16 سبتمبر 1998، عقدا مع شركة "المملكة للتنمية الزراعية" ويملكها شخص يدعى "الوليد بن طلال" من المملكة العربية (الحجاز ونجد والإحساء) بشأن الاتفاق على تخصيص 100 ألف فدان بمشروع توشكا لشركته بسعر 50 (خمسون) جنيها للفدان، بإجمالي ثمن قدره 5 ملايين جنيه سُدد 20% منها عند التوقيع، وعند السداد يمنح المذكور، حق الامتلاك المطلق لكامل المنطقة بين الإحداثيات التي تحدد مساحة الأرض التي تم منحها أو "بيعها" له، وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء فى 12 مايو 1997، أثناء تولى الدكتور كمال الجنزورى رئاسة الحكومة على تخصيص هذه الأراضى (١٠٠ ألف فدان)، فضلا عن ١٢٨ ألفا أخرى كحرم للمساحة الأولى. ورغم ما يقال عن تعرض الدكتور محمود أبوسديرة، لضغوط قوية للإسراع بتوقيع العقد، إلا أنه يتحمل المسئولية المباشرة هو والدكتور يوسف والي وزير الزراعة آنذاك، ورئيس الوزراء الأسبق الدكتور كمال الجنزوري، والديكتاتور المخلوع مبارك، عن هذا العقد المُهدر للمال العام ولأهم الموارد الطبيعية من أرض ومياه. كما أنه يكشف عدم وجود رقابة حقيقية من الأجهزة الرقابية أو السلطة التشريعية على تصرفات الحكومة في المال العام والموارد الطبيعية، حيث لم يصدر عن أي جههاز رقابي أي اعتراض على هذا العقد المهدر للمال العام.
والحقيقة أن ملكية أي شخص غير مصري للأراضي عموما والأراضي الزراعية خصوصا في مصر، هي مسألة مرفوضة وتفتح باب تكرار مأساة ملكية الأجانب للأراضي في مصر والمصائب التي حطت بها على الفلاحين والقطاع الزراعي بداية من الربع الأخير من القرن التاسع عشر عندما صدر الفرمان العثماني الذي يعطي الأوروبيين والأتراك الحق في امتلاك الأراضي في البلدان العربية عام 1876. ونتيجة لذلك الفرمان بلغت ملكيات الأجانب من الأراضي الزراعية المصرية نحو 713 ألف فدان عام 1917. كما كان هناك في مصر عام 1930، نحو 3.4 مليون فدان مرهونة للبنوك العقارية والزراعية وبنوك الأراضي، وغالبيتها كانت مرهونة لصالح مؤسسات اجنبية، ولولا أن قانون الخمسة أفدنة الذي صدر عام 1913، كان يحظر الحجز على الملكيات الزراعية التي تقل عن خمسة أفدنة وعلى أراضي الوقف أيضا، لكان جانبا كبيرا من الأراضي الزراعية المصرية قد خضع للحجز والبيع لصالح الأجانب. ولم تنته هذه الدائرة الجهنمية من سعي الأجانب إلى الاستحواذ على الأراضي الزراعية في مصر إلا بصدور قانون تحريم ملكية الأجانب للأراضي الزراعية المصرية عام 1951، أي في العهد الملكي.
وإذا كان الوليد بن طلال قد أدخل الملياردير الصهيوني روبيرت ميردوخ كشريك بنسبة 9.1% في مجموعة قنواته التلفزيونية (روتانا)، فما الذي سيمنعه من إدخال الصهاينة إلى أرض مصر ليمتلكوها من خلال شركته التي أصبحت تمتلك 100 ألف فدان في منطقة توشكا، خصوصا وأن عقد بيع الأرض من مصر للمذكور، يتضمن في المادة التاسعة، حق الطرف الثاني أي وليد بن طلال، في إدخال شركاء آخرين في ملكية شركته. كما أن حصوله على الأرض بشروط خارج العقل والمنطق الاقتصادي والوطني، تشير إلى أنه لديه الطريقة والإمكانيات التي يمكن أن تفتح له سبل البيع لأطراف أجنبية، علما بأن العقد ينص على أنه لا يخضع لضرائب إعادة بيع الممتلكات أو أية رسوم أخرى.
وإذا كان سعر فدان الأرض الممنوحة لبن طلال قد بلغ 50 جنيها في وقت بلغ فيه نصيب كل فدان من البنية الأساسية في هذه المنطقة نحو 11 ألف جنيه، أي أكثر من 220 ضعف السعر الذي بيع به الفدان للمذكور، فإن هذا العقد يشكل في حد ذاته وثيقة فساد مروع. وللعلم فإن سعر الأراضي المستصلحة حديثا في الصحراء الغربية في المنطقة الواقعة على بعد يزيد على 40 كيلومتر غربي طريق القاهرة-الإسكندرية الصحراوي، يبلغ نحو 60 ألف جنيه للفدان المروي بمياه الآبار، أي 1200 ضعف سعر الفدان الممنوح لبن طلال، ولو أضفنا تكلفة الاستصلاح لأرض بن طلال، فإن سعر الفدان فيها شاملاً كافة التكاليف سيظل أقل من خمس سعر الفدان في المنطقة المذكورة، مع فارق جوهري هو أن أرض توشكا تروى بمياه النيل في أنقى حالاتها، بينما تروى منطقة غرب الطريق الصحراوي بمياه الآبار المقيدة لأنواع المحاصيل التي يمكن زراعتها والمُهددة مع الوقت بزيادة معدلات التملح وحتى النضوب.
وينص عقد بيع الأرض في توشكا للوليد بن طلال على التزام الحكومة المصرية بتشييد الفرع رقم 1 أي الترعة الرئيسية ومحطات الرفع اللازمة، وتحمل تكاليف تشغيلهما وصيانتهما. كما تلتزم بتوفير المياه لشركة المدعو الوليد بن طلال بالكميات التي تحددها الشركة، على أن يستمر التدفق على مدار اليوم وطوال أيام السنة، ولا ينبغي إيقاف أوقطع المياه في أي وقت ولأي سبب مهما يكن إلا في حالة وجود موافقة خطية من الشركة يتم الحصول عليها قبل شهرين من إيقاف إمدادات المياه. وإذا كان الفلاحون المصريون في وادي النيل ودلتاه يحصلون على المياه بالتناوب، ويتم ضخ المياه في الترع الفرعية التي يتم الري منها لمدة عشرة أيام يليها قطع المياه لمدة عشرة أيام، لاعتبارات تتعلق بحفظ المياه وتوفيرها بالتناوب للترع الفرعية المختلفة، فإن هذه الاعتبارات لا تسري على وليد بن طلال في تمييز فج لصالحه على حساب الفلاحين المصريين أصحاب أرض مصر والأحق بمياهها.
وفيما يتعلق بسعر بيع المياه لشركة بن طلال فإنه يبلغ أربعة (4) قروش لكل متر مكعب من الخمسة آلاف متر الأولى التي يستهلكها كل فدان، أي تكون تكلفة المياه لكل فدان نحو 200 جنيه طوال العام. ويرتفع سعر المتر المكعب إلى خمسة (5) قروش لكل متر مكعب من الألف السادسة التي يستهلكها الفدان، وبذا تصبح تكلفة المياه للفدان الذي يستهلك ستة آلاف متر مكعب نحو 250 جنيها. أما إذا تجاوز استهلاك الفدان هذه الكميات، فإن سعر المياه التي تزيد عن ستة آلاف متر مكعب للفدان يصبح ستة (6) قروش لكل متر مكعب. ولو قارنا هذه التكلفة بتكلفة حفر وصيانة بئر المياه للحصول على المياه الجوفية للمزارعين المصريين الذين يقومون باستصلاح واستزراع أراضي الصحراء الغربية وغيرها من المناطق، سنجد أن تكلفة حصول وليد بن طلال على المياه لا تزيد عن 5% من تكلفة حصول المصريين الذين يزرعون على مياه لآبار في مختلف المناطق الصحراوية، فضلا عن أن نوعية مياه الآبار أقل كثيرا من مياه النيل التي يمكن استخدامها في زراعة كافة المحاصيل.
ويسمح العقد الفاسد لبن طلال بزراعة أي نوع من المحاصيل دون موافقة رسمية مسبقة من مصر، ويعطيه الحق في استيراد أي نوع من البذور وفصائل النباتات وسلالات الحيوانات دون موافقة رسمية مسبقة، ودون خضوع لأي قيود تتعلق بالحجر الصحي. وهذه مأساة حقيقية، لأنه لو قرر مثلا أن يزرع محاصيل شرهة للمياه مثل الأرز أو قصب السكر في منطقة مدارية شديدة الحرارة ومعدل البخر والنتح فيها مرتفعان، فإنه سيدمر رصيد مصر من المياه وسيتسبب في كارثة للمزارعين المصريين الذين يحصلون على المياه بشق الأنفس. كما أنه لو قرر زراعة بعض المحاصيل التي يمنع زراعتها في مصر مثل الدخان أو حتى محاصيل المخدرات بدعوى أنها ستستخدم في الأغراض الطبية، فإنه لا يمكن منعه من ذلك.
وفوق كل ما سبق فإن وليد بن طلال الذي يستفيد مشروعه من بنية أساسية عالية التكلفة تم تمويلها من قوت الشعب المصري، معفي من جميع الضرائب والرسوم والأتعاب لمدة 20 عاما، تبدأ بعد بدء إنتاج 10 آلاف فدان من الأرض المخصصة للشركة، أي أنها لم تبدأ بعد. ويسري هذا الإعفاء على المقاولين الذين يستخدمهم بن طلال في تنفيذ المشروع، كما يسري على العاملين في المشروع الذين لن يضطروا لدفع الضرائب التي يدفعها كل العاملين في عموم مصر. ويضاف إلى ذلك أن العقد ينص على حق بن طلال وشركته في استقدام عمالة أجنبية والحصول لها بدون تأخير أو تقييد على تصاريح عمل غير مقيدة لمدة 3 سنوات يتم تجديدها بصورة دائمة لنفس الفترة دون تأخير. ووفقا لهذا البند فإنه يمكنه استقدام عمالة إسرائيلية أو غير إسرائيلية على حساب فرص تشغيل العمالة المصرية. ويتضمن العقد أيضا أن تحصل شركة بن طلال على الكهرباء بتكلفة مساوية لأقل المعدلات المدفوعة من قبل أي مستخدمين في مصر من مصريين أو أجانب. وهذا يعني أنه سيظل يحصل على الكهرباء بأدنى سعر مدعوم طالما استمر دعم الكهرباء للشرائح الدنيا في الاستهلاك المنزلي للكهرباء، ولن ينطبق عليه أي إلغاء للدعم يتم تطبيقه على الشركات.
وينص العقد الفاسد أيضا على حرية بن طلال في وضع جدول تنفيذ المشروع بناء على إرادته المطلقة والوحيدة، فإنه تصريح رسمي له بـ"تسقيع" الأرض وتعطيل زراعتها رغم كل ما أنفقته مصر من بنية أساسية عليها تم تمويلها من الإيرادات العامة التي دفعتها الطبقة الوسطى المصرية، ومن إيرادات الموارد الطبيعية والمشروعات والهيئات العامة التي تعود غالبية الحقوق فيها للفقراء والطبقة الوسطى في مصر. وإذا كانت عقود التنقيب عن النفط واستكشافه واستخراجه هي من أسوأ أنماط العقود التي تنتهك حقوق الدول صاحبة الموارد الطبيعية من النفط لصالح الشركات التي تملك القدرات التقنية على التنقيب عن النفط واستخراجه، فإنها تضع حدا زمنيا لفترة الامتياز التي تتمتع بها أي شركة نفطية للتنقيب والاستكشاف في أي منطقة، يتم بعدها نزع هذه المنطقة منها إذا لم تقم بالتنقيب والاستكشاف وإنفاق ما تم الاتفاق عليه من أموال على هذه العمليات. أما في حالة شركة بن طلال فإنها غير ملزمة بأي سقف زمني لزراعة الأرض التي خصصت لها، وهو أمر من قبيل العبث المطلق بموارد مصر ومقدراتها التي تبقى مرهونة بإرادة هذا الشخص غير المصري وغير المعروف عنه أي التزامات وطنية عروبية، بل على العكس هو حليف مالي لأحد الرموز الصهيونية، وأعني روبيرت ميردوخ.
ويحق لبن طلال، تصريف مياه الصرف الزراعي أو أي مياه جارية (يمكن أن تكون مياه صرف صناعي) في منخفض توشكا، أو أي منخفض آخر من اختيار بن طلال، على أن تقوم الحكومة المصرية بحماية بن طلال وعدم تحميله أية مسئولية فيما يتعلق بجميع المطالبات أو الضرائب أو الدعاوى أو التكاليف أو الخسائرالتي يمكن أن تنشأ نتيجة لذلك، بما يعني أن العقد يعطيه حق تدمير البيئة بلا أي تبعات مالية!!
وينص العقد في المادة 13 على اللجوء للتحكيم الدولي طبقا لقوانين المصالحة والتحكيم الخاصة بالغرفة التجارية الدولية في حالة الفشل في حل الخلافات وديا خلال شهر، وهو ما يجعل بنود العقد المجحف والمهين لمصر ولحقوق شعبها، هو الفيصل في العلاقة بين الحكومة المصرية وشركة بن طلال.
وبشكل واضح فإن الطريقة الوحيدة لمعالجة الآثار المأساوية لمثل هذا العقد الفاسد، هو التقصي وراء الأساب والمصالح والعلاقات التي أدت لإبرامه، وتمحيص الذمة المالية لكل من شارك في إبرامه، لكشف أي عمليات فساد وإفساد يمكن أن تكون وراء إبرام هذا العقد، وعندما يكشف ذلك فإنه من السهل محاسبة بن طلال باعتباره راشي ومُفسد، ومحاسبة محمود أبو سديرة ويوسف والي والجنزوري ومبارك، باعتبارهم أهدروا المال العام، وعندها يمكن لمصر أن تسترد أرضها المنهوبة من قبل بن طلال في توشكا. ولابد من التراجع عن جريمة السماح بملكية الأجانب للأرض في مصر، والعودة للقانون الذي تم سنه في العهد الملكي لمنع هذه الملكية.
لقد قامت الدولة المصرية بتنفيذ استثمارات هائلة لإقامة البنية الاساسية فى توشكا، ومولت تلك الاستثمارات من الموازنة العامة للدولة أي من أموال الشعب بما يجعل المنطق والمشروعية يقتضيان منح الاراضى فى تلك المنطقة لابناء الشعب المصرى من الفلاحين المعدمين ومن صغار المزارعين سواء كانوا فلاحين أو من خريجى النظام التعليمى المتوسط وبالذات الدبلومات الزراعية، او خريجي التعليم الزراعي العالي بالذات من أبناء المحافظات الريفية، مع إعطاء أولوية مطلقة لأبناء النوبة يليهم أبناء محافظات الجنوب، يليهم أبناء محافظات الدلتا، مع ضرورة وجود مساندة قوية من الدولة لهم، من خلال البنوك والحضانة القومية للمشروعات الصغيرة والتعاونية المقترحة في هذه الدراسة.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد الضغوط الإعلامية الكبيرة بشأن العقد الفاسد لمنح بن طلال أرض توشكا، والضغوط المتواصلة لمحاسبة من منحوه تلك الأرض وأهدروا المال العام وكرامة مصر وحقوقها كما أوردنا آنفا، قام المذكور بتقديم عرض بتسوية ودية "يتنازل" بموجبها عن 75 ألف فدان، على أن يحتفظ بـ 25 ألف فدان، منها 10 آلاف فدان تُصبح ملكية له، و 15 ألف فدان بنظام حق الانتفاع الذي ترى وزارة الزراعة المصرية ألا يتجاوز 5 سنوات حتى تكون هناك جدية في زراعة الأرض، بينما طلب بن طلال أن تكون مدة حق الانتفاع للـ 15 الف فدان التي طلب الحصول عليها وفق هذا النظام هي 49 سنة، مهددا عبر محاميه باللجوء للتحكيم الدولي المنصوص عليه في العقد الأصلي الفاسد، إذا لم يتم توقيع العقد الجديد في الأسبوع الأول من مايو، وهو ما لم يحدث. لكنه انتظر ولم يتوجه للتحكيم الدولي، وعبر كل الطرق المعلنة والمستترة، مارس الضغوط حتى تم إبرام تسوية وتوقيع عقد جديد يقضي بتنازل وليد طلال عن 75 ألف فدان للحكومة المصرية، وتمليكه 10 آلاف فدان، وحصوله على 15 ألف فدان أخرى بنظام حق الانتفاع لمدة 3 سنوات، يتم تمليكها له إذا زرعها في تلك المدة. وهذه التسوية خفضت حجم فساد العقد لأصلي لكننها لم تقض عليه، لأن قيمة الـ 25 ألف فدان التي حصل عليها المذكور، تساوي ما يتراوح بين 1.5، 2 مليار جنيه مصري، بينما بلغ كل ما دفعه رسميا للحكومة المصرية في العقد الأصلي وعقد التسوية 5 ملايين جنيه فقط. ولم يكن وليد طلال ليتقدم بالتسوية إلا لخوفه من أن تؤدي هذه القضية التي تحولت لقضية رأي عام مصري وعربي وعالمي، وتحولت إلى قضية إضرار فاسد بحقوق أبناء النوبة في أراضيهم.. تؤدي إلى محاكمة الفاسدين الذين منحوه الأرض بشروط فاسدة كليا بما قد يؤدي لجره معهم كطرف مُفسد، وهو ما سُيضعف موقفه في أي تحكيم دولي، ويحوله لمتهم. وينبغي وضع قواعد قانونية تمنع نهائيا تملك الأجانب للأراضي من أي نوع في مصر، وتمنع كل من هو غير مصري من حق الانتفاع أو الإيجار للأراضي الزراعية باستثناء الدول العربية التي تمنح هذا الحق للمصريين مثل السودان. وتقتصر علاقة الأجانب أو العرب بالأرض في مصر، على حق الانتفاع بالأراضي للأغراض الصناعية والخدمية فقط، على أن يكون هذا الحق محدد زمنيا، وأن يقترن بعدم التصرف في الأرض بالبيع أو المشاركة أو استخدامها في غير الأغراض المُخصصة لها مطلقا وتحت أي ظرف، مع استبعاد المناطق الاستراتيجية مثل سيناء من أي وجود أجنبي أو عربي بأي صورة. وبشكل محدد فإن وجود وليد طلال على أرض مصر من خلال العقد الفاسد لمنحه أرض توشكا بنحو 0.5% من قيمة ما أنفقته الدولة على البنية الأساسية اللازمة لها، سواء في صورته الأولى، أو في التسوية الفاسدة التي تمت معه مؤخرا، هو أمر غير مقبول وينبغي اتخاذ كل الإجراءات والأساليب الممكنة لإنهائه، لتبقى ملكية الأراضي الزراعية المصرية أو الانتفاع بها حقا مطلقا للمصرين فقط.

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

أقل من ثورتين فى حلقات الثورة المصرية

يبدو اننا مضطرين لأن نستخدم  اصطلاح (ثورة ) سواء كان ذلك ماأطلق على 25 يناير او 30 يونيو .. بالرغم من افتقاد الاثنتين لشروط الثورة بالمعنى العلمى الكلاسيكى من حيث كون الثورة انقلابا اجتماعيا .. يزيح نظاما بأكمله ويأتى بنظام جديدة لادارة الدولة تصحح توازنا كان قد اختل فى العلاقة بين الدولة والمجتمع  .. بعل استحالة ان تظل الطبقات المسيطرة فى الحكم واستحالة ان تظل الطبقات المنضغطة والمقهورة  على قهرها وعلى انضغاطها اسفل السلم الاجتماعى .....
 باختصار .. الثورة .. اى ثورة .. تبدأ فى ان تكون ثورة من حيث يحدث كنتيجة مباشرة لها تغييرا جذريا فى البنى التحتية والفوقية للمجتمع تتغير بمقتضاه كافة اشكال الحكم والسلطة والدولة ...
 ويبدوا انه بالفعل كانت الكتلة الاساسية من الشعب والتى خرجت فى 25 يناير هى كتلة الشباب المهمش اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وانضمت لهم شرائح واسعة من العمال و افراد الطبقة الوسطى وكل الفئات التى كانت قد انضغطت خلال العقود السابقة عن يوم 25 يناير وعانت من القهر الاجتماعى وكذلك القهر السياسى كمكمل فوقى لحالة الانضغاط الاجتماعى وكتعبير عن ازمة الطبقة المسيطرة نفسها التى ماعادت تستطيع ان تحكم دونما تشديد للقبضة البوليسية ...
وكان اهم شعار يلخص ويكثف  مطالب هذه الاغلبية الشعبية هو ( .. عيش  - حرية عدالة اجتماعية ) وكان لافتا للنظر ان غالبية الشعارات التى طرحت فى ميادين وشوارع 25 يناير كانت فى غالبيتها شعارات اليسار المصرى التى طرحت من قبل فى 18 ,19 يناير 1977 ... كان صوت الشيخ امام حاضرا فى 25 يناير وهو كان الصوت الرسمى ل 18 و19 يناير ... بل كانت اغانى محمد حمام ( المطرب اليسارى والمناضل الثورى ) تجلجل فى ميدان التحرير .... بينما كان اليسار ( الطليعة المنظمة والقيادة المؤهلة لذلك الدور ) حاضر بشعاراته غائب بجسده .. ولاتحسبن الشباب والفتيات الفرادى - وهم كانوا بالمئات فى الميادين - لاتحسبنهم هم القيادة والطليعة ... وللانصاف فاليسار كان خارجا لتوه من مطحنة نظام السادات ثم حالة التجريف الذى مارسها نظام مبارك على كل شئ بما فيها بعض قطاعات اليسار  ( و فى ظل رؤيتها لانخفاض الاسقف التى يتيحها النظام للعمل السياسى واعتمادها خط التناقض المتداخل كبديل للنضال بين جماهير اليسار العريضة التى كثيرا ماأرسلت اشارات متقطعة منذ 2004  وأشارات واضحة فى ابريل 2008 .. ولكن هذه القطاعات لم تكن للاسف مهيئة لتلقى تلك الاشارات والعمل وسط جماهير 2008 .. والتى  كانت الخميرة الاساسية لجماهير 25 يناير 2011 ...)  وللأسف اهدرت الفرصة التاريخية فالظروف الموضوعية للثورة والمتمثلة فى رفض الطبقات المنضغطة لحكم الطبقات المسيطرة وعجز الطبقات المسيطرة عن ان تحكم واصابة نظامها السياسى بالشيخوخة .. ولكن الظروف الذاتية المتمثلة فى وجود قيادة ثورية منظمة تحمل مشروعا ثوريا لاسقاط النظام واحلال نظام بديل .. كانت غير جاهزة وغير ناضجة .. كذلك فأن وعى الشباب الثائر لم يكن على مستوى الحدث .. هؤلاء الشباب الذين خرجوا للميادين وفوجئوا بشيخوخة النظام وامكانية اسقاطه فى الوقت الذى لم يكن لديهم توحد وتنظم حول مشروع سلطة بديلة وسياسات بديلة ورؤية بديلة لادارة الدولة الجديدة بعد اسقاط كامل النظام ... بل  ان هؤلاء الشباب الذين كانوا يتسمون بالجرأة وفى نفس الوقت بالكفر بالنخب السياسية وبممارسة القطيعة مع الاجيال السابقة - بفعل اخطاء النخب وتشوه فى الرؤى عند شباب الثورة - هؤلاء الشباب انصرفوا وتركوا الميادين بعد اعلان مبارك التنحى عن الحكم ... وتفرغوا للاحتفال بسقوط نظام لم يسقط بكامله .. بل سقطت رأسه فقط ... وكان ذلك الخطأ  تجسيدا لفكرة قصور الظروف الذاتية لانجاح الثورة واكتمالها وهو ما ظل قائما فى 30 يونيو ....
 اذن نحن امام احداث هى اكثر من انتفاضة شعبية وأقل من ثورة .. لذا كان من السهل ان ينقض اليمين الدينى المتطرف على السلطة سارقا دماء وتضحيات الشعب المصرى مستغلا حالة تزييف الوعى التى مورست على الشعب المصرى منذ سبعينيات القرن الماضى باسم الدين ... لقد وثبت الرأس الدينية لليمين  الفاشى بمساعدة المجلس العسكرى ( الذى كان من اختيار مبارك نفسه ).. بدلا من الرأس المدنية الملتبسة بسطوة المال والقبضة البوليسية  .. وهى وصفة تاريخية معروفة ومجربة  لوئد الثورات ( دائما ماقطعت الفاشية الطريق على الثورات الشعبية -موسلينى فى نموذج ايطاليا وهتلر المانيا وفرانكو اسبانيا )
وانتفض الشعب المصرى ثانية فى 30 يونيو 20013 وثار ضد الحكم الدينى .. الا انه عانى من نفس الاشكالية  .. اشكالية التنظيم والقيادة والمشروع البديل ..
 والمقدمات دائما لاتنتج سوى مايتوافق منها ومايتوازن معها ... بمعنى ان هناك فارق بين رغبة وارادة الشعب المصرى وبين مقدرته على الحسم والتى لم يجد امامه سوى الجيش بقوته وتنظيمه الهائل لينفذ تلك الارادة وبالتالى فمن الطبيعى ان تأت النتائج محدودة ...
فالجيش ليس تنظيما ثوريا  .. ومن غير المقبول ان نعتبره كذلك ولاهو كان اداة الرجعية لظروف تاريخية تخص جيشنا الوطنى منذ انشأه محمد على وابنه ابراهيم مرورا بأحمد عرابى وجمال عبد الناصر وامتدادا  بشهدائه عبد المنعم رياض والرفاعى وغيرهم ..
 لكنه لم يكن هو ايضا( على قوته وقدرته على حسم مسألة اخراج الاخوان من السلطة ) مؤهلا لانجاز مشروع السلطة الوطنية الديمقراطية ...
لذلك فنحن امام نتاج  لم يبرأ بعد من ضعفه  ... وامام حلقتان من حلقات الثورة التى لم تكتمل بعد .... ولن تكتمل فى ظل اصطفاف وطنى تغلب عليه قوى ليست صاحبة مصلحة فى تغيير حقيقى ... وهى سترفض ان تجيب على سؤال العدالة الاجتماعية الجوهرى ولن تجيب على سؤال التنمية الشاملة لأن اغلبها قوى تعبر فى حقيقتها عن ذات الطبقة الكمبرادورية المسيطرة اجتماعيا ولازالت ...
 فهناك حقيقة هامة وهى ان تناقضات هذه اللحظة المأزومة بين اليمين المدنى واليمين الدينى هى تناقضات ليست اساسية ... بل ان التناقضات الظاهرة على السطح هى مجرد تناقضات سياسية (سيتم حلها سياسيا ) وليدة لحظة غبش سياسى مؤقت يحيط ببصيرة اليمين المدنى وخشية من تمرد القواعد الشعبية لهذه الاحزاب ..
 وبالتالى اذا لم يخرج اليسار من هامش الموقف السياسى مندفعا الى المتن بدأبه المعهود وبرؤاه الثورية الحاسمة .. فالأمر سيظل الى امد غير قليل يتأرجح بين حالات العنف الاجتماعى والاحتجاجات وبين الاحباطات .. وسقوط المشاريع السياسية الاصلاحية ..

مصائر المهمشين

الفرد المنضغط اجتماعيا ويؤمن بانه ضحية لتلك الفوارق الطبقية التى يعانيها المجتمع تحت تأثير اسئثار طبقة محدودة بامتلاك الثروة وباستهلاكها واعادة انتاجها بالطريقة وبالكيفية التى تخدم هذه الطبقة وحدها ...
هذا الفرد امامه ثلاث خيارات ...
1- ان لم يكن قد تعرض لعملية تزييف الوعى التى تمارسها تلك الطبقة لتكريس سيطرتها على الثروة والسلطة .. فأنه سينضم الى اولئك الذين يسعون الى تغيير هذا المجتمع والوصول لهدف القضاء على تلك الفوارق الطبقية .. وسيصبح مناضلا ثوريا بالمعنى الدقيق للكلمة ..
2- فى الحالة الثانية وتحت تأثير محدودية المعرفة او تحت تأثير تزييف الوعى -المشار اليه من قبل او فى حدود مايدركه - قد يؤمن بان هذا الوضع وتلك الفوارق قدرية وبفعل السماء وبالتالى يذهب الى المسجد او الكنيسة او المعبد .. ليصلى طلبا لاخرة تعوضه عن هذه الدنيا الظالمة الفانية وطلبا لأعانة من السماء ومددا يقوى احتماله لهذه الحياة التى تخلوا من المساواة لحكمة سماوية ..
3- فى الحالة الاخيرة وكناتج للاحباط والفقر الشديد والجهل ايضا او سوء التعليم وفقدان الامل وضعف الارادة و تحت وطأة الشعور بالهزيمة الاجتماعية وتراكم الاحساس بالحرمان داخله فى هذه الحالة يزداد حنقه ونقمته على هذا المجتمع ويجيز لنفسه تكفيره والخروج عليه اما بممارسة العنف الاجتماعى بشكل منفرد ومرتبط بان يتكسب بهذا العنف (حالات يطلق عليها البلطجة ) او ان يكفر هذا المجتمع دينيا ويكون ذراعا او وقودا لليمين الدينى المتطرف .. يسمع ويطيع وينفذ ....

عن عامل النظافة الذى صفعته يد الدولة

‏18 سبتمبر، 2013‏، الساعة ‏07:12 مساءً‏

الواقعة تتلخص فى انه أثناء مرور محافظ البحيرة المفاجئ لمتابعة أعمال النظافة فى مدبنة دمنهور اكتشف ماأعتبره تقصيرا من عامل النظافة فى عمله فنهره .. ولماكان سيادة الوزير المحافظ متخفيا على طريقة هارون الرشيد المعروفة .. فرد عليه عامل النظافة مدافعا عن نفسه فقام المحافظ بالاعتداء عليه بالضرب .. هكذا .. وكأنه لايملك سلطة توقيع الجزاء على عامل النظافة الذى تجرأ ولم يقبل نهر الشخص ( الذى اتضح انه سيادة الوزير محافظ البحيرة ) ..
حدث ماحدث .. وأعلنت الصحف بعد ذلك ان المحافظ استقبل العامل وطيب خاطره ...
وبغض النظر عن ان سيادة الوزير المحافظ كان لايجب ان ينحدر أصلا الى درجة استخدام يده فى معاقبة عامل نظافة رأى فى حينها انه مهمل فى عمله (وقد يكون ذلك صحيحا ) ..ثم كان عليه باعتبار انه اخطأ فى حق مواطن يتساوى معه من حيث الكرامة الانسانية ان يعفر قدميه بتراب الطريق الى منزل هذا الانسان المواطن ليعتذر له فى وسط أولاده وأسرته (ناهيك انه لم يكن سيعتذر الا بعد ان فضحته الصحافة وضبطته متلبسا بفعلته ) .. أو على الأقل كان قد طلب حضور عمال النظافة فى المدينة والقيادات الشعبية فى المحافظة وأعتذر علنا للعامل امامهم ......
ناهيك عن كل ذلك ... ولأيجب ان نتعامل مع الموضوع بمنطق (أقرا الحادثه ) الذى لجأ اليه الكثيرون من ذوى الرؤى السطحية وصحفيوا السبوبة السياسية (البابراتزى )...
الموضوع هو موضوع عامل النظافة وعلاقته بالدولة والمجتمع وحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والقانونية .. موضوع تلك الفئات المهمشة من البشر التى لاينصفها الظرف الاجتماعى ولا الدولة فتبيت يوميا على سرير الفقر والاحباط وفقدان الامل فى حياة انسانية كريمة .. دعنا من هذا الكلام العام ولنحدد الموضوع كالاتى :
1- ان عمال النظافة لايحصلون على اجور تتوازن مع طبيعة أعمالهم .. وهى أجور شديدة التدنى ولاتضمن حياة كريمة انسانيا ... وهذا نموذج للاتساوى الغير مقبول الذى تمارسه الدولة على شرائح وفئات عديدة من المجتمع ..
2- ان عمال النظافة - مع التدنى الشديد فى دخولهم - محرمون من الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية هم وأولادهم شأنهم شأن الكثيرون من سكان العشوائيات وأطراف المدن الريفية ...
3- ان الغالبية الساحقة من هؤلاء العمال لايملكون تنظيما نقابيا يدافع عنهم ولا روابط تتحدث بأسمهم بالرغم من المخاطر الصحية الشديدة للتلك النوعية من المهن وكذا رداءة ظروف وشروط العمل ..
4- ان حالة القهر الاقتصادى والتهميش الاجتماعى التى تمارسها الدولة على هؤلاء الناس ساهمت فى ثقافة اجتماعية تتعالى عليهم وتشعرهم انهم مواطنين من الدرجة الأدنى وتشعرهم بأنهم (هم الحائط الواطئ بالنسبة للجميع ) وفى اطار هذا فأننى ارى تصرف المحافظ قد جرى فى نفس السياق ..
فيد المحافظ التى صفعت عامل النظافة هى يد الدولة التى تميز بين ابنائها على اساس الوضع الاجتماعى والاقتصادى للمواطن .. وهو احد انواع التمييز الذى يمارسه مجتمعنا للاسف ضمن اصناف اخرى من التمييز على اساس الدين والعقيدة والجنس والموضع الجغرافى داخل الوطن .... الوطن القاسى على ابنائه الا قليلا من المتنفذين اجتماعيا من الرأسماليين وأصحاب الوظائف العليا فى الدولة والبنوك وقطاع الاعمال ..

دونما ذلك سنكون خارج التاريخ

لا مستقبل لنا الا بالتفاعل الجدلى مع التراث الانسانى العام والحضارة الانسانية ...ولابد فى هذه الحالة من تجاوز التابوهات والاوهام والمحرمات المبنية على العداء الثقافى للغرب ولابد من التعامل بروح الجدل لا بروح الدونية التى تنتج ثقافة مشوهة وابنية اجتماعية مشوهة وثقافة نقلية تابعة ... ولا هى روح العداء الذى ينتج تقوقعا وكسلا حضاريا .... ولا بروح المنهزمون حضاريا فنقع فى براثن تكريس التخلف واعادة انتاج التطرف الدينى وانما بروح الجدل التى تعنى ان نأخذ ونعطى وتتجادل ثقافتنا بالثقافات الانسانية المتعددة والتعامل الايجابى مع المنجزات العلمية والحضارية بغض النظر عن جهة الانتاج الجغرافى لهذا وذاك لأنها فى النهاية منجزات انسانية ملك جميع البشر وحق جميع البشر ..
والحضارة الانسانية فى النهاية واحدة المصدر ومتعددة الثقافات فهى نتاج تفاعل جميع الخبرات والرؤى الانسانية على مر التاريخ .. تماما مثلما تطرت الموسيقى الجنائزية الفرعونية الى موسيقى المارش على ايدى الاوربيين ثم تخاجت منها موسيقى الفالس والتانجو وكما كان ابناء افريقيا الذين تم جلبهم عبيدا الى امريكا يغنون احزانهم ويعبرون عن استلابهم وغربتهم وعناءهم كل مساء بالموسيقى فكانت فى النهاية موسيقى الجاز ..وهذا على صعيد الموسيقى وقد اخترتها لأنها مثالا يتعلق بالروح الانسانية ولايقل عن ذلك انسانية اننا لانعرف فى اى بلد تم انتاج الاسبرين لكن الانسانية جمعاء تعالج به الى الان ..ولكى تكون لنا مشاركاتنا وعطاؤنا الانسانى فى الحضارة لابد لنا من نقطة اولية تمثل فى الاستنارة بمعنى نشر ثقافة تغليب العقل والبحث والتجريب العلمى على ثقافة التناص السلفى التى كرستها الوهابية والاسلام الاسيوى ..ولا أستنارة بدون تنوير  يخوض معاركه مثقفون من النوع العضوى المرتبط بجسم المجتمع والملتحم به لا المثقف النخبوى الذى يبحث عن مستقر دائم له فى عالم الصفوة لتكون  تراكماته العلمية والمعرفية سبيلا لضمان المركز الاجتماعى المرموق وفقط .... يتلاحق مع ذلك العمل  على معالجة وتجاوز اشكاليات ثنائية شهيرة مثل الاصالة والمعاصرة ..الشرق والغرب ..الحداثة والهوية ..وخلافه من اشكاليات وضعناها امامنا لا لنحل معضلاتها ولكن لنضعها كعصا تعرقل دورة الترس ..فوقفنا محلك سير ...

الأحد، 22 سبتمبر 2013

2- نقطة نظام


لايجب ان يتخيل احد ان التأسلم السياسى وتجارة الدين بالسياسة قد تم القضاء عليها بمجرد المواجهة الامنية ... كل الذى جرى من مواجهات أمنية اذا ماتم على أكمل وجه ..هو مجرد معركة فى حرب طويلة يجب ان نخوضها جميعا عبر القضاء على المنابع والمصانع الحقيقية لأنتاج الفكر الدينى وتزويد اليمين الدينى بالوقود البشرى اللازم لحركته الرجعية عبر التاريخ ..
وهى .. باختصار شديد .. الفقر والتهمش الاجتماعى والاقتصادى والشعور بظلم الدولة عبر الفوارق الطبقية ومظاهرها القاسية والمهينة للنفس البشرية ودفع الناس للحياة فى عشوائيات بشرية تخلق عشوائية الفكر فى ظل تعليم متخلف يجب تحديثه وتطويره كجزء من اليات المعركة ضد الارهاب الفكرى والتطرف الدينى بل والبلطجة والعنف الاجتماعى .. اننا فى حاجة الى مشروع حقيقى للتنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية الحقيقية (وليست العدالة الاجتماعية وفق المفهوم الرأسمالى الليبرالى والقائمة على تقديم الفتات الى الفئات المهمشة )لمقاومة هذا الفقر والجهل والظلم الذى يدفع الانسان للكفر بالدولة والوطن وعدم احترام المجتمع وتكفيره واستباحة العنف والبلطجة فى مواجهته ....

نقطة نظام


العنف الذى اتخذ شكل الارهاب المسلح فى سيناء ومطروح والصعيد يفسر لنا كيف ان عملية الاقصاء والتهميش الاجتماعى التى تتم للاطراف الجغرافية البعيدة عن العاصمة والمدن الرئيسية وبعد خدمات الدولة وندرة رعايتها ....قد فرخت على مر العقود اما من هم وقود للتيار الدينى المتطرف من ابناء الفقراء والمهمشين الذين وقعوا ضحية الاحباط من الدولة والاحساس بالحرمان الاجتماعى الذى دفعهم دفعا الى الارتماء فى احضان التنظيمات الدينية المتطرفة ... والاستثناء من ذلك منهم اخذه الاحباط والحرمان الاجتماعى الى معادة المجتمع والوقوع فى اسر البلطجة كطريقة للتكسب وسلوك وثقافة للحياة يعيشون بها ... تسأل الدولة الغائبة عن اطرافها فى الشرق والغرب والشمال والجنوب عن ذلك ....
هذه الدولة التى بدأت فى المغيب منذ اواخر السبعينيات وغابت تماما منذ الثمانبنيات ومابعدها عن توفير الحماية والرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية والثقافية لأبنائها وتركتهم فريسة للسلوك غير المسئول اجتماعيا من قبل الرأسمالية المصرية التى سيطرت على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ( ومازالت تسيطر وان تعددت الاسماء وأشكال الذقون ملتحاة وغير ملتحاة ) .. فذهب خيرة شبابنا اما فريسة للتطرف الدينى واما فريسة للبلطجة واما فريسة للثقافة الفوضوية العدمية ...
------------------------------------------ 

محلاها عيشة الفلاح

الفلاح المصرى ( اتحدث عن الفلاح الحقيقى الذى يفلح الارض ) عندما يمرض لايذهب الى الطبيب ولا يجرى التحاليل لمجرد شعوره بالارهاق مثلنا نحن المثقفين .. بل عندما يمرض احد افراد اسرته يفعل ذلك ايضا ولايسرع به للطبيب الا بعد ان يرقد فى سرير المرض تماما ...
لكنه حين تمرض جاموسته .. او بقرته .. فأنه يسرع الى استدعاء الطبيب البيطرى او يذهب اليه فى بيته .. يطلب العلاج لها ... وان تتطلب هذا الامر الاستدانة من جيرانه ...
لأن موت الجاموسة او البقرة هنا معناه خراب البيت والجوع .. فالارض تنتج المحصول الذى لايغطى تكلفته نتيجة ارتفاع اسعار مستلزمات الانتاج وتلاعب التجار به تحت اعين وسمع وبصر الدولة التى انسحبت تماما منذ عقود من ان تقوم بدورها فى تسويق المحاصيل وتوفير مستلزمات الأنتاج فضلا عن الرعاية الصحية والاجتماعية للفلاح المصرى ...
لم يبق للفلاح الا جاموسته او بقرته .. التى يعيش على البضع كيلوات من اللبن ومشتقاته التى يبيعها كزبد وجبن وسمن وخلافه .. فتصنع راتبا اسبوعيا له يسد به رمقه ورمق اسرته ويوفر بها مصاريف الزراعة وغذاء ماشيته ...
اما تكاليف الحياة من زواج وبناء ومصاريف مدارس وولادة الى اخره .. فالاستدانة عالية التكاليف والفوائد من بنك التنمية الزراعى تتكفل بها ..
وتكون النهاية اما ان يظل مدينا طوال حياته عبر تدوير مديونته لدى البنك (والتى تظل على الورثة فيما بعد) .. او التوقف النهائى عن السداد الذى يعنى الوقوع فى براثن السجن ..
عرفتم لماذا تكون اولوية العلاج عند الفلاح للجاموسة او البقرة .. عن العلاج لنفسه او اولاده او امرأته ؟
-------------------------------------

فلاح كان فايت بيغنى .. من جنب السور ....

-
شأنى شأن كثير من أهل البندر .. أصولى ريفية وأهلى فلاحين ولكن لم يكونوا من ذوى الاملاك .. واغلبيتهم فلاحين بسطاء منهم من يمتلك قطعة ارض مساحتها نصف فدان ومنهم من يمتلك اقل ومنهم من يستأجر الارض ليفلحها ومنهم من يعمل باليومية او كما يقولون (على دراعه ) واكثرهم تملكا كان يمتلك فدانين او ثلاثة وعدد يعد على اصابع اليد الواحدة يمتلك فى حدود الخمسة افدنة او اكثر قليلا ..
وكنت اقضى اجازة الصيف كاملة فى الريف بين اهلى واقاربى بحكم اننا (كمغتربين عن اهلنا فى المدينة ) تكون لنا حجرة فى بيت العائلة تغلق عند بدأ الدراسة وتفتح عندما تنتهى الدراسة لنقضى اجازتنا فيها ( لم أكن اعرف بعد المصايف او خلاف ذلك ككل ابناء محدودى الدخل فى مصر ) ومع ذلك كنت انتظر انتهاء الدراسة بفارغ الصبر ليأخذنا ابى بالقطار من امبابة الى المحمودية بحيرة ليضعنا هناك طوال فترة الاجازة نأكل ونشرب عند الاهل فنوفر له عناء المصاريف ( ويبدو ايضا انه كان ينتهزها فرصة لتحقيق قدر من الحرية والهدوء خلا الشهور الثلاثة سنويا بعيدا عن صخبنا وهمنا اليومى ) ..
وهذا ماجعلنى اتعرض عن قرب لحياة الفلاح المصرى واعرفه اكثر من أصدقائى فى المدينة الذين كانوا يرون فيه كائنا ساذجا يفغر فاه طوال الوقت .. وعندما تحدثه لايخرج حديثه عن كلمة (هيه )او (ايوه )او (يانهار ابيض ) او (هم يا ولا )وخلافه من تلك الصورة النمطية للفلاح التى تعرضها موجات الراديو عبر المسلسلات والصور الغنائية او حتى رسائل برنامج همسة عتاب الشهير فى اواخر الستينيات الى اواسط السبعينيات .. وكذا مسلسلات التلفزيون المصرى وافلام السينما العربية (عدا اسثناءات لاتكاد ان تذكر من التناول الجاد )
لذلك كنت اندهش جدا وانا اسمع المطربة الشهيرة شريفه فاضل وهى تتحدث عن فلاح اخر غير الذى اعرفه ( فلاح كان فايت بيغنى .. من جنب السور .. شافنى وان باجمع كام ورده .. من جنب السور .. قطع الموال .. وضحكلى وقال .. ياصباح الخير ياهل البندر .. ياصباح النور ...).الخ .. الى ان تصل الى الكوبليه الذى تسأل فيه الكورس (ياهل البندر .. حدش شاف جدع اسمر دمه خفيف ؟) ..
مازالت الاغنية تتردد فى ذهنى حتى اليوم كنموذج للفهم الخاطئ لمثقفى اهل البندر للفلاح المصرى .. ولازلت اردد فى نفسى .. ( ايوه ياست شريفه .. شفناه .. بس مش جدع اسمر دمه خفيف ... انه شفته ياشريفه هانم جدع اصفر وشه مايل للزرقه وملامحه بتقول انه استوى من البلهارسيا ودخل على مرحلة تمكن فيرس الكبد الوبائى ( اغلب فلاحى منطقة الدلتا على الخصوص يعانون من انتشار فيروس الكبد الوبائى نتيجة البلهارسيا التى تسللت اليهم اثناء عملية الرى والصرف , وأيضا نتيجة اسلوب الحياة المرتبط بالخلل والشح فى خدمات مياه الشرب والصرف الصحى وعدم توفر الرعاية الصحية فى الريف وسوء توزيع الخمات المزمن فى مصر واللا مساوة التى تتم فى هذا المضمار لصالح العاصمة والمدن الكبيرة ) ..
ارتبطت منذ صغرى بالفلاحين وتعلقت بهم واخذت البلهارسيا شأنى شأن اى فلاح ولكن لحسن الحظ تعالجت منها سريعا ولم تدخل جسدى مرة اخرى .. اكلت أكلهم ( المش والمخلل وخضروات الارض احيانا واحيانا اخرى البط والدجاج وخيرات الريف عندما كان الفلاح المصرى حتى اواسط السبعينيات يستطيع ان ينتج اغلب غذائه ) واستقر بى المطاف لأقيم نهائيا فى مدينة المحمودية الريفية فى منتصف السبعينيات ولأعمل ايضا بعد انتهاء دراستى هناك بين أهلى وأقاربى وأترابى من اصدقاء الطفولة والصبا .. ولم ينقطع تواصلى الانسانى بهم .. رغم مشاغلى واقامتى بالمدينة .. المهم اننى ادركت جيدا مدى احباطهم وانصرافهم عن اهل البندر ..وعميق فقدان الثقة التى يكنون تجاه هؤلاء الأفندية من اهل البنادر ( والغريب انهم لايبدون هذه المشاعر ولا يصلون بها الى درجة اعلان النوايا ) . فنحن افندية البندر منا من كان مهندس الرى الذى دوخهم وامر ونهى وتحكم فى مفاتيح ترع الرى .. وكان منا مدير الجمعية الزراعية الذى عامل المزارع البسيط بتعال يصل الى درجة الاستهانة .. ومنا كان مهندس الارشاد وطبيب الوحدة البيطرية وتومارجيه الذى يشخط وينطر ويقبض ايضا ليمشى الحال .. ومنا من كان امين مخازن الجمعية الذى يقوم بتوصيل السماد للاحباب من كبار الملاك ويعامل اصحاب الحيازات الصغيرة باستهانة ويستبيح جزء من نصيبهم فى السماد او المبيدات مستغلا عدم درايته بالقراءة والكتابة او قلة حيلته .. ليبنى بعد ذلك العمارات والبيوت وتظهر عليه مع مرور الوقت امارات النعمة ... انكوى الريف المصرى وخصوصا فلاحيه الفقراء من سرقات واختلاسات البعض من سكان البندر الافندية وطلباتهم الغير مبررة سواء فى اوخر الستينيات او السبعينيات والثمانينيات .. وحتى الان مع ظهور اجيال متعلمة بين فقراء اهل الريف الا ان ظاهرة استغفال بعض الافندية أهل البندر للفلاحين الفقراء والملاك الزرعيين الصغار مازالت عالقة فى الازهان .. مازالت صورة السياسى لدى الفلاح هى صورة الافندى الذى يأت فى الانتخابات ليرفع الشعارات ويغنى على الفلاح بالحديث عن مشاكله وضرورة حلها ثم يأخذ اصوات القرية ويذهب الى البرلمان ويختفى ...الى ان تأتى الانخابات التالية .. مازالت ذاكرتى مليئة بصور استخفاف الافندية اهل البندر المتثاقفين بأهل الريف .. حتى عندما كنا نذهب بأحدنا الى الطبيب فى المدينة الكبرى كان يعاقب الفلاح المريض على مايسميه هو اهماله فى صحته بطريقة مهينة دونما تفهم ان الفلاح لايذهب الى الطبيب الا عندما ينام فى الفراش ويعجز عن الحركة تماما .. لقلة ذات اليد .. وربما لتكاثر الامراض على جسده المتعب من جراء سوء الخدمات الصحية فى القرية وسوء التغذية وقلة الحيلة .. فالمحاصيل لاتتكفل بسداد ديونه لدى البنك .. وأعلاف الماشية مرتفعة الاسعار .. والسماد والمبيدات وسائر مستلزمات الانتاج الزراعى اصبحت غير متوفرة وان توفرت فهى مرتفعة الثمن .. اعرف بعض المستأجرين .. يبقون فى ارض المالك ويدفعون الايجار بالدين .. لأنهم لن يجدوا مأوى ولا عمل خارج هذه الارض التى اصبحت لاتنتج محصولا مربحا فى ظل تحايل التجار وغل يد الدولة عن تسويق المحاصيل ... ربما اقتنع هؤلاء الافندية بما تغنى به عبد الوهاب ( محلاها عيشة الفلاح .. متهنى ومرتاح البال ) ولكن تظل صورة الفلاح الحقيقية مختلفة تماما عن صورته الموجودة فى أزهان أهل البندر المتثاقفين .. وتظل صورة الأفندى ابن البندر لدى الفلاح هى صورة الذى اذا تحدث كذب واذا وعد أخلف واذا اؤتمن خان .. وهذه ثقافة تكونت عند الفلاح منذ ان كان يسمع الافندى عضو الاتحاد الاشتراكى فى الستينيات وهو يردد الشعارات الاشتراكية بطريقة مدرسية (طبعا هناك اسثناءات مخلصة لكنها لم تؤثر للأسف ) للأسف بعضهم كان يشارك فى سرقة ونهب الفلاحين ..سواء فى الجمعيات الزراعية او فى بنك التسليف وجاء افندية الحزب الوطنى ليكملوا حلقة المرار الذى ذاقه هذا الفلاح المسكين على يد افندية البندر ... وفضلا عن تدهور اوضاع الريف المصرى اصبح الفلاح المصرى عبارة عن سبوبة سياسية لهؤلاء البهاوات .. كل ذلك يجرى على انغام اغنى كثيرة كأغنية (الست) شريفه فاضل ( فلاح كان فايت بيغنى ) وعبد الوهاب (محلاها عيشة الفلاح ) واغانى اخرى كانت تقدم الفلاح كأنسان ساذج وعبيط ( ياحضرة العمده .. ابنك حميده حدفنى بالسفنديه .. اهيه .. واغنية الثلاثى المرح الشهيرة (مسعود ) والذى يرد فيها الفلاح الساذج (ايوه ) ناهيك عن افلام السبعينيات والثمانينيات الكوميدية التى قدمها عادل امام .. واحمد بدير .. وسيف الله مختار ... وهى نماذج توضح مدى سخرية الافندية من الفلاح المصرى وتقديمه اياه بهذه الطريقة المهينة ... طبعا هناك اعمال جادة وخصوصا عمل العملاق محمود المليجى فى رائعة الارض ليوسف شاهين ولكن للاسف كانت العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة التى هى اقل القليل ...
عرفتم لماذا يفشل السياسيون والمثقفون فى الريف ويتفوق اصحاب العمامات واللحى من ابناء تلك القرى ؟