الجمعة، 27 ديسمبر 2013

عن أمى أحدثكم

فى هذه الأيام تحديدا .. أتذكر أمى - المرأة الريفية البسيطة التى نزحت مع أبى ( الرجل الصعيدى ) الى القاهرة حيث مقر عمله  (عقب أدائه الخدمة العسكرية ) ككمسارى فى النقل العام ثم شرطى مرور - وكنا نقيم فى المساكن الشعبية  بإمبابه التابعة لمحافظة الجيزة ( حجرة وصالة وحمام ومساحة ضئيلة لمنضدة يوضع عليها وابور الجاز وأوانى الطبخ تسمى مطبخ ) .. 

كانت تجمعنا ليالى الصقيع فى إمبابة وكانت أمى تجمعنا أنا وأخوتى الأربعة البنات فى الصالة - التى هى غرفة نومنا نحن الصغار - وتاتى لنا بوابور الغاز بعد ان تشعله ونتحلق حوله جميعا متسابقين فى فرد أكفنا -التى تتوق الى الحرارة - الى أقرب مسافة ممكنة من شعلة الوابور .. أتذكر أننى أحيانا  كنت أقف مفسحا ساقى بحيث تتوسطنى شعلة الوابور وأتبادل أنا واخوتى تلك اللعبة الخطرة وسط تحذيرات أمى .. كنا نفعل الكثير من الألعاب مع هذا الوابور المشتعل فى تلك الليالى الشتائية الشديدة البرودة كى مانختطف أقصى مايمكن من الدفء ..كنا أحيانا نتحلق حول عيدان القصب التى كان والدى يحضرها معه أحيانا وهو عائد من وردياته المسائية .. وندخل فى حالة مص جماعى محموم لأعواد القصب ..

وكانت أمى تجهز لنا فى أحيان أخرى شيئا نأكله أو مشروبا ساخنا نشربه ( قدر ماتسمح به الظروف ) كانت أكثر أكلة تجهزها لنا هى أكلة ( سد الحنك ) وهى عبارة عن خليط من الدقيق والسمسم والسمن المسوى .. أو تغلى لنا مسحوق الحلبة التى تكون قد جلبتها لنا من عطارة ما فى الغورية أثناء تسوقها بالنهار هى وجارتنا الجنوبية أم حياة .. 

لم يكن كل ذلك سيدفئنى إلا إذا كانت أمى - على بساطتها الريفية -هى الدفء الحقيقى بالنسبة لى .. وهى التى لم تكن تحمل أية شهادة تعليمية  ولم تكن تفك الخط كما يقولون .. ( كثيرا ما كنت أسمع والدى متهما أياها بالجهل ) , ولكنها كانت تمتلك القدرة على إشعال خيالاتى بحكاياتها التى لم تكن تنتهى عن أمنا الغولة التى أمرت ست الحسن والجمال بتنقية شعرها من القمل وأكله وكانت ست الحسن والجمال تلجأ الى حيلتها فى أن تضع فى جيبها حبات السمسم وتأكله على أنه القمل الذى أصطادته من رأس أمنا الغولة .. وبذلك أمنت شر هذه المخلوقة ذات العينين الحمراويتين التى تخرجان شررا من النار  .. كنت ألهس حتى أصل مع أمى إلى النقطة التى عفت فيها أمنا الغولة عن ست الحسن والجمال وأطلقت سراحها بشرط أن تأتى كلما أحتاجتها لتصطاد لها القمل من شعرها الطويل ووجدت ست الحسن والجمال خلاصها فى حبات السمسم التى تحتفظ بها دائما فى جيب جلبابها .. وكلمات أمنا الغولة الشهيرة ..( لولا سلامك سبق كلامك لكلت لحمك قبل عظامك )   

وكانت تجئ بعدها حكايات أمى عن أولئك الجنيات اللواتى يظهرن كحوريات جميلات على أسطح مياه ترعة قرية أمى فى الليل بشعورهن الطويلات السائحات المنسدلات ذات اللون الذهبى وعيونهن الخضراوات الجميلات الفاتنات الناعسات ووجهوهن الفاتنة وكيف انهن يجذبن بعض رجال القرية ويأخذنهم الى قاع المياه ليختفين بهم الى أبد الآبدين ..  

وكذلك قصص الزواج التى كانت تتم بين هؤلاء الجنيات الجميلات وبين بعض الرجال فى السر .. ثم أختفاء هؤلاء الرجال فيما بعد الى ماتحت الأرض فى زواج أبدى يتم بين أهل الأرض من الأنس وأهل ماتحت الأرض من الجن ..  

كثيرا ماكلمتنى أمى عن رجال من أقاربها وقد نادتهم بعض الكائنات الأنثوية الليلية الجميلة فى ظلام القرية وسرعان ماسحبتهم من أياديهم التى كانوا يمدونها فى الماء للأغتسال أو التوضؤ وأنجذبوا بقدرة قادر الى ماتحت المياه الى الأبد ..  

كنت عندما أقول لأمى متسائلا (غرقوا ؟ ) ترد هى مؤكدة بحسم أنهم قد أخذتهم المعجبات بهم الى ماتحت المياه وانهم تزوجوا تلك الخليلات وأنجبوا بنات جميلات يظهرن من حين الى آخر- حين يأتى ليل القرية الحالك - وأنهن أحيانا يعرين سيقانهن الجميلة جدا والتى تنتهى من أسفل بأقدام كأقدام الماعز السوداء ..

 أقسمت أمى أنها رأت كل هؤلاء وانها كانت ترى أرانبا بيضاء تجرى من أمامها وعندما تقترب منها تنشق الأرض وتبلعها .. وكم حدثتنى عن بكاء السواقى المهجورة الذى هو عبارة عن نحيب البنات اللاتى قتلن بواسطة أبائهن أو أشقائهن بعد أن أكتشفوا علاقاتهن الغرامية بشباب من قريتهم أو القرى المجاورة  ..

فى البداية كانت هذه الحكايات تسبب لى رعبا وفزعا فادحين ووصل إعتمال الخيال الى درجة أننى بدأت أرى معطف أبى الأسود المعلق على شماعة الحجرة أمامى فى ظلام الغرفة عندما يحين وقت النوم واسرح بخيالى القلق الذى تشبع بحكايات أمى أرى هذا المعطف يبدأ عرضه اليومى بالتحرك ببطئ ثم التجول على حائط الغرفة (  ويبدوا أن أنوار السيارات المارة ليلا على طريق إمبابة الأسفلتى والذى كان يطل عليه مسكننا كان يساهم فى تجسيد هذا المشهد المتحرك أمامى ويفتح آفاقا لحركة المعطف الأسود الذى دبت فيه تلك الحياة الشيطانية  - كما أراه فعلا وقتها - وعرفت فيما بعد أن نضجت أن ذلك كله كان خيالا أو هلاوس بصرية نتيجة التعاطى العقلى مع حكايات أمى ) وينتهى ذلك المشهد بإقتراب المعطف الأسود فى نهاية جولته الدائرية على الحائط من أقرب نقطة الى وجهى فأقفز صارخا من سريرى لتتلقفنى أمى فى صدرها الحنون وتطبطب على قائلة (ماتخفشى ياحبيبى .. مافيش حاجه .. أنا معاك أهوه ) وتهدئ من روعى قارئة بعض الأذكار والأدعية التى أتت بها من الريف الى المدينة ... 

ولكننى مع الوقت أكتشفت أننى أصبحت مولعا بحكايات أمى التى لاتنتهى عن الجن والعفاريت ومشاهداتها - هى كشاهد عيان ودليل إثبات - لبعض من هؤلاء المخلوقات وأصبحت لاأخشى أن تأتينى هذه المخلوقات حيث أنام ( لم تعد تأت ولم يعد معطف والدى ومتعلقاته تتحرك أمامى مع الوقت ) ..

 لم أبرح حكايات أمى حتى بعد أن كبرت وكنت كثيرا ما أناقشها فى تفاصيل بعد الحكايات والح عليها بالأسئلة ولم تكن تمل .. 

هى أمرأة جاءت ككل الريفيات التى ينزحن الى البنادر لم يكن لديه أى حظ من التعليم المدرسى ( القراءة والكتابة ) فقد كان أهل الريف لايرغبون فى تعليم البنات على أساس أن مآلهم الى الزواج وخلفة الأولاد وخدمتهم هم وأبيهم وربما أتسع الأمر الى كامل العائلة ( فالدور كانت فى الريف تتسع الى ثلاثة أجيال فى دار واحدة وكانت البنت تتطلب لنسبها ولمهارتها فى الطبخ والغسيل والى ماشابه ذلك ) ..

 عرفت أن أمى لاتجيد القراءة والكتابة من لقب (جاهلة ) الذى أطلقه عليها ( بأعتبار أنه كان يحمل شهادة الإعدادية ) .. كان دائما مايعايرها بإفتقارها للقراءة والكتابة ودائما مكان يتفاخر بشهادة الأعدادية  وبعد ذلك أنكب على الحصول على شهادة الثانوية فأصبح أمينا للشرطة وقت أن غنت سعاد حسنى (ماتقولشى أمين شرطه اسمالله .. ولا دبلوماسى ) .. وبالرغم من أنه ( أى أبى رحمة الله ) حصل على دبلوم المعهد التعاونى الزراعى وانتقل بعد ذلك الى العمل فى بنك التسليف الزراعى  بالبحيرة التى انتقلنا للأقامة معه نهائيا فيها بعد حرب أكتوبر - لم يؤثر فى ثقافتى ولا فى معارفى العامة قدر ماأثرت بسيمه أحمد قطب دويدار تلك المرأة الخالدة فى مكنون روحى ... 

فقد وسعت  من خيالى وإدراكى مبكرا وعلمتنى كيف ألهث وراء المعارف والحقائق فى هذا العالم .. هى التى كلمتنى عن الظلم وعن المظلومين فى حكاياتها وعن الخير والشر .. هى  التى علمتنى كيف أتعلم من البشر

 وللحديث بقية لن تنتهى ....

السبت، 21 ديسمبر 2013

الحق أقول لكم , وقد تندهشون لقولى ... أذا ما دققنا جيدا فى أوزان القوى السياسية المدنية ليبرالية كانت أو يسارية على أرض الواقع السياسي الفعلى ... لأعتبرنا ان الدستور الذى تم انجازه الآن هو أنسب وافضل مايمكن التوافق عليه ... على العكس فأنا أرى انه - لظروف تتعلق بطبيعة تعقيدات اللحظة الراهنة - قد أتى بما هو أكبر نسبيا من الأوزان السياسية للقوى المدنية الديمقراطية مجتمعة وأكبر من محصلة التنوير الذى تم انجازه من قبل النخب الفكرية والثقافية والسياسية منذ أوائل القرن التاسع عشر وحتى الآن ... وهذا ليس له علاقة بالدستور الذى أتمناه ويتمناه من على شاكلتى والذى لم تسمح طبيعة الظروف التى ذكرتها - بتحققه حتى الآن ... لذا فليس لدى كشخص خيار آخر سوى ان أقول نعم .. لأن لجنة الخمسين هذه أى لجنة خمسين ستجلس فى الوقت الراهن لن تنجز ماهو أفضل من هذا الدستور , ولأن اللحظة الحالية قد لاتسمح لنا برفاهية رفض هذا الدستور


ملاحظات على هامش مشروع دستور 2014

يجب أن نقرأ مشروع الدستور المقدم للأستفتتاء العام عليه - كقوى إشتراكية - ونحن لايساورنا أى وهم أن هذا الدستور سيأتى معبرا عن الأمانى والتطلعات المستقبلية للطبقات المستغلة (بفتح الغين ) والتى نكرس جهدنا كاشتراكيين من أجل الدفاع عن مصالحها .. بقدر مايعبر عن رؤا وأمانى وتطلعات كل أطراف المجتمع المصرى فى اللحظة الراهنة بتوازاناتها السياسية والطبقية والثقافية, وبإعتبارها وثيقة تعاقد ‘إجتماعى عام يجب أن يلقى قبول جميع أطياف المجتمع المصرى وجميع فئاته وشرائحه .. الطبقة العاملة والفلاحين وصغار الملاك وكبار الملاك الزراعيين والطبقات المتوسطة والرأسمالية الكبيرة والصغيرة والشباب والنساء والشيوخ والصغار واهل الريف أهل المدن وفقراء الريف  واغنياءه وفقراء المدن واغنيائها وكافة طوائفها من مسيحيين ومسلمين وأصاحاب ديانات أخرى ولادينيين وسياسيين من أقصى اليسار الى أقصى اليمين .. 

إذا لايجب - ونحن فى غنى عن بيان توازنات القوى فى اللحظة التى نعيشها - أن نتوهم أنه لأننا أشتراكيون فلايجب أن نتقبل دستورا غير أشتراكى ,, بإعتبار ان هذا الدستور فى حقيقته هو دستور مجتمع يصطبغ بالصبغة الرأسمالية ( أوليست علاقات الإنتاج السائدة هى علاقات رأسمالية ؟ ) وعلى من يحلم بدستور يصطبغ بالصبغة الإشتراكية أن يناضل اولا من أجل مجتمع ذات صبغة إشتراكية على الأرض ليأتى الدستور معبرا عن رضا المجتمع بذلك .. فالحقائق السياسية والأجتماعية على الأرض هى التى تصنع الدستور وليس العكس , فضلا عن الدستور لا يحسم صراعا اجتماعيا وسياسيا بل أنه تعبير عن ميزان قوى المتصارعين والمتوافقين والمتنافسين والمختلفين والمتفقين من القوى السياسية والإجتماعية فى اللحظة التى يكتب فيها هذا الدستور ولايعبر هذا الدستور عن أمانى أى طرف فى المستقبل إلا بقدر الوزن المجتمعى والسياسى من زاوية القدرة على التأثير السياسى فى تلك اللحظة .. وفى النهاية تبقى وثيقة الدستور إطارا للصراع السياسى وطريقة لإدارة قواعد ذلك الصراع وموقفنا من الوثيقة يتحدد بمدى تلك الإمكانات التى توفرها هذه الوثيقة لنضالاتنا ونضالات الشرائح والطبقات الإجتماعية التى نحمل فكرا يعبر عن مصالحها والمساحة التشريعية التى تتسع امامنا لتتطوير نضالنا السياسى وتحقيق مكاسب تراكمية هنا وهناك تقربنا بمقدار مانخطو تجاه أهدافنا الاستراتيجية وليس بمقدار ماتعبر عن أفكارنا نحن ... فالدستور ليس برنامجا سياسيا , وهو ليس بديلا عن النضال الإجتماعى والسياسى والديمقراطى ... بل أن مواده الإيجابية يظل تفعيلها رهنا بممارسة كافة أشكال النضال السياسى .. أما غير ذلك فستظل وثيقة ورقية لاقيمة لها وتنفصل عن حقيقة مايجرى على الأرض ,, فدستور 71 كان ينص على أن نظام المجتمع هو النظام الاشتراكى ومع ذلك تمت تحت ظلاله عملية التحول الى النظام الرأسمالى وتمت تصفية القطاع العام فى الوقت الذى كان الدستور ينص على انه الركيزة الأساسية للتنمية .. 

اللحظة التى نعيشها الآن ويكتب فى ظلها الدستور المصرى الجديد هى لحظة بالغة التعقيد .. فهى لحظة تمر عبر إنتفاضتين ثوريتين فى 25 يناير 2011و30 يونيو 2013 ( وهى حلقتين ثوريتين فى إطار حلقات ثورته الوطنية الممتدة منذ ثورة عرابى ومرورا بثورة 23يوليو وحتى الآن ) لحظة لم يحقق فيها الشعب المصرى أهدافه كاملة فقد سرق الأخوان المسلمون جهود أبنائه ودماء شهدائه بعد مارس 2011 وحتى 30 يونيو 2013 واشتيكت وتعقدت الخيوط بعد 30 يونيو فالأخوان المسلمون لم ينتهى خطرهم بعد ولازالوا يقاومون بدعم دولى للإنقضاض على السلطة وبناء فاشيتهم التى سقطت بفعل خروج  الشعب المصرى أوسع أطيافه السياسية والمجتمعية  وإستجابة الجيش لتلك اللحظة ومساندته لمطلب إسقاط حكم الإخوان ..وماتمخض عن تلك اللحظة من تعقيدات سياسية تمثلت فى إنتعاش فرص عودة المباركيون الى ساحة العمل السياسى مجددا مع بقاء السيطرة للطبقة الرأسمالية الكبيرة المسيطرة إجتماعيا وإلى حد ما - قابل للتمدد - سياسيا فى ظل ضعف وتشتت القوى الثورية التى تملأ الشوارع والميادين بالإحتجاجات ولكنها لاتحقق تغييرا ملموسا على أرض الواقع وكذلك فإن القوى الإشتراكية مازالت لم تبرح بعد أزمتها ولم تتجاوز تلك الهامشية المجتمعية الى دائرة الفعل والتأثير السياسى فى لحظة إن لم تكن مؤهلة لها فمن الذى سيكون كذلك ؟  

لذلك جاءت وثيقة الدستور رغم إيجابياتها الغير مسبوقة وخاصة فى مواد الحقوق والحريات والمرأة والطفل والصحة والتعليم والبحث العلمى وإقرارها لنظام الضرائب التصاعدية وكذلك فى بعض مواد الحكم التى يتحقق فيها التعدد والتوازن بين السلطات بدأ بصلاحيات البرلمان وإنتهاء بإمكانية سحب الثقة من رئيس الجمهورية بل ومحاكمته وكذلك سحب الثقة من رئيس الوزراء أو الوزراء وإمكانية محاكمتهم .. وكذلك مانص عليه  من إلتزام بالإتفاقيات والمواثيق الدولية فى مجال حقوق الأنسان ومن تحصين دستورى يكفل عدم التراجع عن مواد الحقوق والحريات ومدة رئيس الجمهورية المحددة بدورتين فقط وعدم تعديل هذه المواد إلا بمايوسع من الحقوق والحريات ويعطى مزيدا من الضمانات ... 

وهذا لايمنع أن هذا الدستور قد حفل بالعديد من السلبيات منها مايتعلق ببقاء المادة 2 رغم أن الديباجة قد الزمت تفسيرها منوطا بأحكام المحكمة الدستورية العليا وكذلك المادة 3 مع المادة 64 التى تقصر حرية ممارسة الشعائر وتنظيم الأحوال الشخصية والدينية على الأديان الثلاث المسيحية واليهودية والأسلام ( فضلا عن الأسلام هنا قد عنى به المذهب السنى فقط وليس بقية المذاهب )  

وكذلك إسقاط الوثيقة للمبدأ الذى كان مقرا من دستور 64 المؤقت الى دستور 71 و71 المعدل والخاص بالحد الأقصى للملكية الزراعية وذلك للحفاظ على التوازن الإجتماعى فى الريف وكذا الحفاظعلى صغار الفلاحين والعمال الزراعيين من الإستغلال .. وهذا المبدأ بالمناسبة ليس مبدأ أشتراكيا بقدر ماهو مبدأ للحفاظ على توازن إجتماعى فى ظل أى نظام راسمالى .. 

ثم إغفال ذكر دعم أو تحفيز القطاع العام وكأن الدولة ستستطيع إحداث التنمية الصناعية بالقطاع الخاص فقط ( وهو الذى يعجز بطبيعته عن الدخول فى المشاريع الصناعية الكبرى ) وكأن الدولة لن تتدخل كعامل توازن وضبط لآليات السوق ..  

كذلك إعطاء رئيس الجمهورية الحق فى تعيين 5% من أعضاء مجلس النواب بمايعنى انه سيعين مالايقل عن 20 نائب , وهو عدد كبير ومرجح سياسى بل يعادل كتلة برلمانية لصالح رئيس الجمهورية إن أحب هو ذلك , وانتهاء بنص محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى وهو مانرفضه إذ من الممكن أن يتكفل القضاء العادى بمحاكمة كل مدنى يعتدى إعتداء مباشرا على جنود أو ضباط الجيش أثناء تأديتهم لعملهم وكذا الإعتداء على المنشأت العسكرية ومافى حكمها .. وغن تشددت العقوبات .. ولكن يجب أن يحاكم المدنى أمام قاضيه العادى وبالضمانات التى يكفلها القانون العادى , 

 وبالرغم من هذه السلبيات إلا أن هذا الدستور هو خطوة الى الأمام بماقرره من مواد غير مسبوقة فى تاريخ الدساتير المصرية وخاصة كما سبق أن ذكرنا فى مجال المرأة والطفل والرعاية الصحية والتعليم والبحث العلمى والحقوق والحريات .. 

وفى هذه اللحظة الراهنة فهذا الدستور هو إستفتاء على الطابع المدنى للدولة وسقوطه يعنى ضربة للقوى المدنية التى نحن جزء منها ويحكمنا تناقض مع قوى النيوليبرالية ولكن الخطر الرئيسى  المباشر الآن هو خطر اليمين الدينى الذى يسعى وبقوة الى الإنقضاض على السلطة بمعاونة قوى دولية معادية للتحرر الوطنى وذلك لإستكمال أهدافه فى إقامة دولة فاشية دينية تكون بداية لتفكيك الدولة المصرية والحاقها كجزء من مشروع دولة الخلافة الإسلأمية الأكبر .. 

لذا فالموقف الصحيح الآن هو التصويت بنعم مع التأكيد على تحفظاتنا التى ذكرت بل ودعوة الشعب المصرى للخروج الى الصناديق والتصويت لهذا الدستور ..

خالد محى الدين القائد الوطنى والزعيم التاريخى ... معه فى ثمانينيات القرن الماضى



حمدى عبد العزيز - ملاحظات على هامش مشروع دستور مصر 2014

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

سيظل محمود المليجى هو الممثل الأروع فى تاريخ السينما المصرية .. وسيظل هو أفضل من جسد شخصية الأنسان المصرى فى الثلاثية السينمائية الخالدة .. فقد جسد باقتدار شخصية الفلاح المصرى الذى لايفرق بين أرضه وشرفه وكرامته (محمد ابو سويلم ) فى فيلم الارض وجسد دور الأب المصرى رب الاسرة الحنون فى رائعة يوسف شاهين الأخرى إسكندريه ليه ولا أعتقد أن ممثلا أستطاع أن يؤدى مشهدا كمشهد وداعه لأبنه الذى قام بأدائه الفنان محسن محى الدين وهو يسافر على ظهر السفينة للدراسة فى أمريكا .. مشهد الوداع هذا هو من افضل المشاهد التى انتجتها السينما المصرية على مر تاريخها ... كذلك عندما مثل الشخصية المصرية عندما عصفت بها النكسة فى 67 ومشاعر الهزيمة المرة التى أعقبت انهيار المشروع الناصرى فى رائعة يوسف شاهين ( العصفور )







الاثنين، 16 ديسمبر 2013

لأعتقادى أن الدستور لن يمنع هذا (( مع أنى من أهل نعم )) أتمنى ان نكرس فى دولتنا ثقافة مايمنع أن يحدث السيناريو الآتى : -------------------------------- ------------ سيناربو البيه اللص الذى سرق ملايين الدولارات والرجل الحثالة الذى سرق وجبة من أحد المطاعم الكبيرة ... الأول سيقال له أتفضل حضرتك معانا أنت مطلوب للتحقيق وممكن تكلم محامى حضرتك .. أتفضل حضرتك غير هدومك .. وفى أثناء التحقيق .. تدخن سيجاره ؟ .. والجرس يرن .. شوف يابنى فلان بيه يشرب أيه ... أما بالنسبة لمن أختطف الوجبة من المطعم فالطريق من المطعم الى الأحتجاز ملئ بضربات الكفوف على مؤخرة الرقبة والرأس وكل ماتطول الأيدى الممسكة به وسينال جسده كل أنواع الركل بالأرجل وبالركب وغيرها , وتنهال عليه البصقات كل اللعنات من كل صوب ... الى أن يدخل القسم فتصبح أمه أسمها كذا .......ويحصل أبوه على لقب ورتبة حيوان من كل فصيلة من فصائل الحيوانات التى نستخدمها فى تنابزنا بالألقاب و فى حالة الرأفة به فهناك القاب ورتب أخرى .. ولو طلب فى القسم كوب من الماء سيقال له .. خد أطفح يا .(......) ويظل واقفا طوال ساعات التحقيق .. وفى النهايه .. خده ياشويش فلان أبن ال (..... ) من قفاه وأرميه ف الحجز ... --------------------------------------------------


الثلاثاء، 10 ديسمبر 2013

ما كان للسيد البدوى أن يمتدح حزب النور أمس .. فحزب النور لم يكن فى الموقف الذى يجعلنا نعتقد انه قد قدم تنازلات كبيرة من أجل الوطن كما أشار السيد البدوى 
1- حزب النور وكل تيارات الأسلام السياسى قد منيت بهزيمة فادحة على يد الملايين من الشعب المصرى والتى خرجت فى 30 يونيو ضد الأتجاه الى صبغ الدولة بالطابع الدينى وانتصارا لمدنيتها .. وبالتالى فمحاولة الأحتفاظ بالمادة 219 فى الدستور الجديد لم تكن ستعبر عن تلك الحقيقة ...
2- كلنا يعرف ان غالبية قيادات حزب النور هم من صناعة اجهزة الدولة وهم فى حقيقتهم كانوا من كهنة تلك الدولة ودراويشها منذ أوائل الثمانينيات وحتى الآن .. لذا حتى بافتراض انهم قد قدموا تنازلات فلم يكونوا فى ذلك يمنون على الوطنية فى شئ .. بل ان أغلب مواقفهم أصلا مشكوك فى دوافعها ..
3- انه كان الأجدر بالسيد البدوى - بدلا من أن يوجه التحية لحزب النور أمس - أن يكلف محاموا حزبه بالأعداد لرفع دعاوى حل لحزب النور والأحزاب المشابهة له بمجرد الموافقة على الدستور الجديد والعمل به استنادا الى ماتضمنه مشروع الدستور المعد للأستفتاء ..
4- تصريح السيد البدوى فى هذا الشأن يضاف الى تلك المواقف الركيكة المائعة التى ستكلفنا الكثير من الأبتزاز السلفى فيما بعد
---------------------------------------------------------
حمدى عبد العزيز 11دسمبر 2013

الى الذين كانوا يتوقعون أن يكون الدستور المعد للأستفتاء عليه دستورا أشتراكيا .. أو كانوا يطمحون الى ذلك ... أقول لهم بمحبة وتقدير وأحترام .. أختلف معكم .. 1- فالأشتراكية لاتتحقق بالدساتير والوثائق الورقية .. بل بالنضال السياسى والأجتماعى الشاق والعمل التراكمى ... 2- هل كانت الأشتراكية مطبقة وقت ان كان دستور 71 ينص على النظام الأشتراكى ؟ 3- اذا كنا نقبل الآن كأشتراكيين بالديمقراطية والتعددية السياسية فكيف نطالب بعقد اجتماعى (الآن) يعبر عن اتجاه واحد هو نحن ؟ -----------------------------------


x

هذا ما جنته الرأسمالية المتوحشة على هذا العالم ... تخيلوا .. ثمن ماينفقه أى ملياردير من منتفخى الكروش على طائرته (الشارتر) .. أو على ثمن فستان سهرة زوجته أو إحدى زوجاته ..أو حتى إحدى عشيقاته .. أو ثمن اقتنائه للوحة (سنييه ) أو (فازة سيرفر ) يعادل تكلفة حد معقول من حياة كريمة لأسرة كهذه لسنوات ...

الحق أقول لكم , وقد تندهشون لقولى ... 
أذا ما دققنا جيدا فى أوزان القوى السياسية المدنية ليبرالية كانت أو يسارية على أرض الواقع السياسي الفعلى ... لأعتبرنا ان الدستور الذى تم انجازه الآن هو أنسب وافضل مايمكن التوافق عليه ... على العكس فأنا أرى انه - لظروف تتعلق بطبيعة تعقيدات اللحظة الراهنة - قد أتى بما هو أكبر نسبيا من الأوزان السياسية للقوى المدنية الديمقراطية مجتمعة وأكبر من محصلة التنوير الذى تم انجازه من قبل النخب الفكرية والثقافية والسياسية منذ أوائل القرن التاسع عشر وحتى الآن ... وهذا ليس له علاقة بالدستور الذى أتمناه ويتمناه من على شاكلتى والذى لم تسمح طبيعة الظروف التى ذكرتها - بتحققه حتى الآن ... لذا فليس لدى كشخص خيار آخر سوى ان أقول نعم .. لأن لجنة الخمسين هذه أى لجنة خمسين ستجلس فى الوقت الراهن لن تنجز ماهو أفضل من هذا الدستور , ولأن اللحظة الحالية قد لاتسمح لنا برفاهية رفض هذا الدستور
----------------------

رغم كل مآخذنا على الدستور وعلى حالة النصب والتدليس السياسى التى صاحبت مشكلة الديباجة الركيكة للدستور الذى يمكن أصلاح عيوبه فيما بعد ووفقا للتطور الديمقراطى وماهو مرتهن بعمل سياسى جاد وتراكمى .... 
سأعطى لهذا الدستور صوتى وأدعوا الجميع أن يفكر فى اللحظة الراهنة جيدا قبل أن نتحمل مسئولية مالا تحمد عقباه .. 
---------------------------------------------------

الأحد، 8 ديسمبر 2013

عماد حمدى .. فى دوره الرائع فى (ثرثرة فوق النيل - قصة نجيب محفوظ انتاج سنة 1971) بقايا وعى وبقايا ضمير لأنسان منسحق الاحلام والامال نتيجة اصطدام مابين سقف توقعات دبت فى المجتمع بعد ثورة عظيمة وقيادة اخطئت تقدير جماهيرها وحلفائها وأعدائها وخصومها ..... كانت هذه البقايا على بؤس حالها استثناء بين رواد هذه العوامة الذين افتقدوا تماما الوعى والضمير الانسانى ... العوامة التى دائما ماكانت تتوه بنا .. عوامة مصر ..


هذا ما جنته الرأسمالية المتوحشة على هذا العالم ... تخيلوا .. ثمن ماينفقه أى ملياردير من منتفخى الكروش على طائرته (الشارتر) .. أو على ثمن فستان سهرة زوجته أو إحدى زوجاته ..أو حتى إحدى عشيقاته .. أو ثمن اقتنائه للوحة (سنييه ) أو (فازة سيرفر ) يعادل تكلفة حد معقول من حياة كريمة لأسرة كهذه لسنوات ...


الجمعة، 6 ديسمبر 2013

جملة إعتراضية



 رغم أعتناقى للفكر الأشتراكى منذ سن مبكرة فى صباى وانخراطى فى العمل السياسى قبل أن أبلغ الثامنة عشرة و قبل أن تكون لى بطاقة انتخابية  , لم أعتقد يوما فى امتلاكى ميزة أو مؤهلا يجعلنى أسمح لنفسى بأن أطلق على شخصى الغير مميز  لقب ناشط سياسى أو غيره من الألقاب التى استبيحت هذه الأيام وسهل تداولها كما سهل تداول العديد من العبارات والالقاب مثل ( ثورة ) و (ثوار ) و( ثورى ) ... لدرجة أنه فى بعض الأحيان كانت تكفيك مجرد التمشية فى ميدان التحرير وبعض المشاركة فى بعض الطقوس ( كرفع الأعلام أو تعليق بعض اللوجوهات على عروات الجواكت أو التلفع بكوفية تحمل عبارات ثورية ... الى آخره ..)

   لم  أحرص على أن أشاهد مثلا لابسا كوفية ورافعا أصبعى بعلامة النصر فى ميدان التحرير  ولا أمتلك مجموعة صور لى وأنا فى الميدان مع المشاهير من الثوار  أو الثائرين مشيرا بعلامة النصر إياها أو ملوحا بقبضتى أو رافعا عقيرتى بهتاف أمام  كاميرة  من جيوش الكاميرات التليفزيونية التى كانت تملأ الميدان 

وقد لا أعرف أين هو ميدان محمد محمود ألا بعد اشارة من أحدهم إليه , بل لم أنزل ميدان محمد محمود .. وربما مررت به دونما أن أدرى أنه ميدان محمد محمود ..  كل ذلك لأننى كنت فى الغالب الأعم مجرد جزء من المشاركة العامة فى فاعليات الميدان فى أحيان معينة كانت تتطلب ذلك وعندما يكون ميدان التحرير هو الميدان الرئيسى الذى يتعين الوجود فيه دونما باقى الميادين أو لمقتضيات لحظة كنا نرى فيها ان ميدان النحرير هو المشهد الأهم فى تلك اللحظة لإيصال رسالة ما ... 

ذلك لأننى كنت معنيا بميادين أخرى وشوارع أخرى لها علاقة بالحيز الجغرافى  الذى اتحمل مسئولية المشاركة وسط أهله وشبابه وناشطيه وبحكم انى أعيش وأعمل واناضل فيه ...   

ولهذا فأنا لم أكن أعتبر نفسى من سكان ميدان التحرير ولا أزعم أننى من ثواره ( اذا كان لقب ثوار يختص به من نزل ميدان التحرير فقط .. مثلما تم التعامل مع محمد مرسى الرئيس السابق فى انتخابات الإعادة الرئاسية على انه مرشح الثورة لمجرد انه كان من رواد ميدان التحرير فى الأيام التى أعقبت 28 يناير ) 

 لم أكن اتعامل مع ميدان التحرير على انه ميدانى الأساسى .. لأننى كنت أعرف ان هناك ميادين أخرى قد تكون لها أهمية مقاربة لميدان التحرير .. وان ذهابى الى ميدان التحرير فى بعض الأحيان هو استعراض لالزوم له مالم يكن فى اطار ان ميدان التحرير نفسه مجرد أداة من أدوات العمل الثورى وأن كافة الأحتجاجات والمظاهرات هى مجرد أساليب للعمل على تحقيق خطوات تنقلنا الى نقاط اطلاق فى اطار مشروع ثورى حقيقى للتغيير وتصور لما بعد هذا التغيير وامتلاك اليات واضحة متفق عليها لتحقيق ذلك عبر جماهير منظمة وعمل منظم واصطفاف سياسى منظم يعبر عن تلك الأرادة ..

طبعا أنا أشهد أن جماهير الشعب المصرى  وفى مقدمتها شبابه الثائر النبيل  قد صنعت ملحمة شعبية  تاريخية غير مسبوقة  فى 25 يناير 2011 وكررت ذلك فى 30 يونيو 2013 ...   وأن هناك دماء ذكية قد روت تلك الميادين , وشهداء لايكفى أن نقف لهم إجلالا وأحتراما كل يوم ... 

ولكن الشيطان يكمن بين ثنايا علامات الأستفهام التى تقفز الى رأسى اللحوح حول : وماذا عن المحصلة ؟ وهل أن اللحظة الراهنة تصلح كمحصلة تليق بنا (( نحن (الثائرين )  ولم أقل ( الثوار ) لعلة فى نفس يعقوب سأبينها فيما بعد ))  ؟ ..  

وأين كل ذلك مما تم على الأرض حتى الآن ؟  

والى أى مدى يعبر المشهد العسير لأخراج الدستور عن تلك الحالة الثورية ؟  

وهل جاء الدستور ملبيا لتلك الأمانى التى ترتبت على الحالة الثورية التى عشناها فى 25 يناير و30 يونيو  ؟  

الحق أقول .. أننا وبكل تضحياتنا  ومافعلناه  منذ 25 يناير وحتى الآن من جهد واحتجاجات وبذل دماء وأنفس لم نصل بعد الى النضج الثورى الذى يجعلنا نعتقد أننا أصحاب ثورة ولنا الحق فى تحديد مستقبل هذا الوطن .. 

وكيف ونحن لانملك عملا تراكميا ثوريا منظما حتى ألآن فى اطار مشروع ثورى تقدمى  محدد المعالم  للتغيير الحقيقى الذى يعطى للثورة معناها وجوهرها بل واسمها الحقيقى ..؟



الأربعاء، 4 ديسمبر 2013

أحمد فؤاد نجم .. نبل فى منتهى الشراسة

احمد فؤاد نجم (على اليمين ) مع صاحب المدونة عام 1981

فى النصف الثانى من السبعينيات كنا فى سن الصبا , وكان فيلم( العصفور ) ليوسف شاهين قد تم انتاجه وعرض لمدة أيام فى السنما ثم منع لأسباب سلطوية .. فعرفنا نحن الصبية تلاميذ المدارس الثانوية أغنية ( مصر ياامه يابهيه )  ووقعنا على أكتشاف تاريخى هائل لدرجة انه قد أثر فى مصائرنا وأفكارنا تأثيرا لايستطيع أحد منا حتى الآن انكاره .. 

عرفنا ان هناك غناء آخر لضفة أخرى غير الضفة التى يسكنها مريدى  النحيب العاطفى الذى ساد الغناء بعد يوليو وغير ضفة مريدى أغانى الحشاشين  والمهربين والمغامرين الجدد بعد بدأ سياسة الأنفتاح الأقتصادى والتى أسست لمايسمى خطأ اليوم ب (الشعبى )  

انه الغناء الذى يحمل هموم الوطن والفقراء ويدوس على دمامله وجروحه بأقصى مايمكن من وضوح فى مواجهة أقسى مايمكن من قمع ... 

غناء جديد على ضفة الأحساس الأنسانى الوطنى الصادق والذى يحمل فى جوهره هما طبقيا يسعى الى تحرر حقيقى للوطن ... عرفنا الشيخ أمام ومعه أحمد فؤاد نجم ... ولانستطيع حتى الآن ان نفك ارتباط أسم أحدهما بالآخر  

 ( فات عليكى ليل وميه ... 

 وأحتمالك هوه هوه ...

  وابتسامتك هيه هيه ...  

تتطلع الشمس تلاقيكى 

 معجبانيه وصبيه 

 مصر يامه يابهيه ) 

ومن يومها أصبحت تلك الأغنية وتلك الكلمات - ولسنوات - هى نشيد وجداننا وصوتنا الجماعى حين نلتقى فى أمسيات ليل المرحلة الساداتية التى شهدت قهرا عنيفا ليس فقط لليسار وأنما لكل من يصل الى حقيقة أن حرية الوطن لم تعد علما مرفرفا وحدودا ذات أسلاكا شائكة ومقعد فى الأمم المحدة فقط وأنما يعنى مقاومة مخططات التبعية للمركز الرأسمالى العالمى  والتى فضحتها توجهات السادات نحو عقد اتفاقيات سلام مع العدو الصهيونى  

أصبحت أنا ومن هم على شاكلتى فى مدينتنا الصغيرة - حينها - مجذوبين بتلك الأغنية التى عبرت عن وجداننا الذى كان يتشكل عبر جروح الوطن ومعاناة فقراءه ومظلوميه اجتماعيا .. كان البعض يميزنا بأننا (( الشله بتاعة مصر يامه يابهية )) ,

وبدأنا نرتحل وراء أغاني الشيخ أمام ونجم - كمريدين لهما - وتواصلنا مع ((جيفارا مات )) التى أججت جروحنا الثورية التى نجمت عن انكسارات حركات التحرر الوطنى العالمية والتى بدأت فى تظهر فى السبعينيات مع التحولات التى جرت فى بلادنا فقد بدأ تساقط انظمة التحرر الوطنى فى أفريقيا بعد سقوط (لومومبا ونكروما )  وسقط فى أمريكا اللاتينية سلفادور الليندى فى تشيلى برصاص عملاء المخابرات المركزية الأمريكية وبتدبيرها المعلن  , كان كل ذلك يفتح نزيف جيفارا - الذى لم نكن وعينا بعد على مشهد مصرعه وكان نجم يوقظ فينا هو الشيخ أمام هذا الحدث كما لوكان يحدث فقط عندما نسمعهم يقولون (( آخر خبر فى الرديوهات ... جيفارا مات )) .. 

مع تنامى وعينا والتحامنا بالنضال اليومى ... وكان منا من أكتفى بسماع نجم والشيخ أمام وأكتفى بالتفاخر بإقتناء شرائطهما التى كانت تهرب باعتبارها مواد محظورة ( كم هى سعيدة تلك الأجيال الحالية والقادمة لأنها توفرت لديها فرصة سماع نجم والشيخ أمام بلا عناء ولا أجراءات تأمين لمكان الأستماع ولاحظر لتلك الأغانى فى المسموعات والمرئيات والرقميات )  

 ونحن ذاهبون الى أداء مهمة أو اجتماع ,أو مؤتمر محاصر لفضح النظام نردد كلمات نجم على وقع خطونا   ((الجبان جبان والجدع جدع )) , وعندما ضيق السادات علينا كل شئ وسجن الرفيقين أمام ونجم .. سرب لنا ( الفاجومى ) كما أطلق عليه صلاح عيسى هذا اللقب قصيدته التى كانت مسامرتنا فى ليل السادات الحالك ((  هنا شقلبان ))  يالا هذه العبقرية الم يكن السادات تعبيرا حقيقيا عن حالة (الشقلبة ) التى ضربت مصر والمنطقة العربية ؟ , 

 وعندما كنا نقول ان التوجه الى التبعية هو أختيار طبقى فى الأساس كان صوت الشيخ أمام يأتينا بكلمات نجم (( عن موضوع الفول واللحمه  

صرح مصدر غير مسئول ..  ))

 ثم (( إحنا مين هما مين )) 

واستمر الثنائى فى إعطاء خطواتنا ايقاعها ... واستقرا داخل وجدان جيلنا والجيلان اللذان سبقانا ( جيل أحمد بهاء شعبان و زين العابدين فؤاد كمال خليل والمرحوم عبدالله رزه وصلاح عدلى وعبد المجيد أحمد والمرحوم عبد المجيد الشيخ  وغيرهم من جيل شباب طلاب  68 العظيم  ) , جيل (حمدين صباحى  وسيد عبد العال وهانى الحسينى واحمد سيد حسن ونبيل عتريس ومحمد فرج والهامى الميرغنى وحلمى سالم  ومجدى شرابيه ومحمد سعيد والمرحوم هانى عمار وكمال ابو عيطه وزهدى الشامى وغيرهم من جيل السبعينيات  ممن يحتاجون لصفحات لذكرهم جميعا  )  

الى جيلنا -  جيل الثمانينيات كما يطلقون عليه -  من أمثال ( مصطفى الخولى وتوحيد البنهاوى واحمد نصار ونبيل رشوان والمرحوم خالد عيد ومحمود قباوه وخالد الصاوى وغيرهم  ممن يطول المجال لتعداد أسمائهم

لم أكن أصدق نفسى عندما كنت أرى وجها لوجه الشيخ أمام وأحمد فؤاد نجم فى المؤتمرات والأمسيات التى كان ينظمها حزب التجمع ويشاركان فيها ..

تعرفت على أحمد فؤاد نجم شخصيا فى أوائل الثمانينيات كم كان شخصية جميلة ولكنه كان مؤلما فى وضوحه لدرجة الشراسة ( لذلك كان نظام السادات يعامله كما لوكان له خطورة التنظيم المسلح .. فدائما ماكان مصوغ اتهامه فى كل قضية هو العمل على قلب نظام الحكم بالقوة )  كنت اندهش .. كيف يأت الجمال والرقى من هذه الشراسة والوضوح الذى لايحتفظ بأى غلاف لغوى للمعنى ولا بأى حاجة للتأويل أو القراءة المتعددة الدلالات كماتعودنا ان نرى الجمال ؟ وصلت وقتها لنتيجة انها هى .. خلطة نجم العجيبة .. رجل يصل فى وضوحه لأقصى حدود الشراسة وفى نفس الوقت يتفجر النبل من عينيه حتى وهو يبصق على مصاصى دماء الشعب ويصفهم بكلمات لاتتسع للحياء ولامجال فيها للخجل    .. يومها اقتنعت ان الجمال الأنسانى ينبغى أحيانا أن يكون شرسا وقويا .. وفادح الوضوح إذا ماأقترن بالنبل الأنسانى ... هكذا كانت عبقرية  أحمد فؤاد نجم الخاصة به هو لاغيره .. فقد صنع قانونه الخاص

... سنلتقى دائما فى أعمق مكان فى قلب الذاكرة  ياأنبل أعمامنا وابائنا واساتذتنا العظام فأنت جزء من ذاكرتنا الوطنية خالدا فيها ...


الثلاثاء، 3 ديسمبر 2013

احمد فؤاد نجم ... أن تكون جميلا بشراسة


فى النصف الثانى من السبعينيات كنت فى سن الصبا , وكان فيلم( العصفور ) ليوسف شاهين قد تم انتاجه فعرفنا نحن الصبية تلاميذ المدارس الثانوية أغنية ( مصر ياامه يابهيه ) وكانت أيقونتنا من يومها واصبحت أنا ومجموعة من أصدقائى مجذوبين بتلك الأغنية التى عبرت عن وجداننا الذى كان يتشكل عبر جروح الوطن ومعاناة فقراءه ومظلوميه اجتماعيا .. كان البعض يميزنا بأننا (( الشله بتاعة مصر يامه يابهية )) ,

وبدأنا نرتحل وراء أغانيهم - كمريدين لهما - وتواصلنا مع ((جيفارا مات )) التى أحيت جروحنا الثورية , ((الجبان جبان والجدع جدع )) , (( شحاته المعسل )) , (( والدكتور محسن بيقول )) , (( إحنا مين هما مين ))وعرفنا أحمد فؤاد نجم الشاعر واستمر يلهمنا هو والشيخ امام حتى الآن ...

لم أكن أصدق نفسى عندما كنت أرى وجها لوجه الشيخ أمام وأحمد فؤاد نجم فى المؤتمرات والأمسيات التى كان ينظمها حزب التجمع ويشاركان فيها ..

تعرفت عليه شخصيا فى أوائل الثمانينيات كم كان شخصية جميلة وشرسة فى نفس الوقت .. يومها اقتنعت ان الجمال الأنسانى ينبغى أحيانا أن يكون شرسا وقويا .. وفادح المصارحة كأحمد فؤاد نجم .... سنلتقى دائما فى الذاكرة ياأنبل أعمامنا وابائنا واساتذتنا العظام فأنت جزء من ذاكرتنا الوطنية خالدا فيها ...

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

---------------------------------------------------
(الصورة معه تاريخها يرجع لعام 1981)

ماجرى بعد تنحى مبارك .. نموذج لاستبدال الرأس السياسى لنفس التحالف الطبقى المسيطر

تصريحات ياسر برهامى التى خلال الشهر الحالى  ( منتصف نوفمبر 2013 ) والتى نشرتها أكثر من جريدة مصرية نقلا عن المذاع على مواقع اليوتيوب الشهيرة والتى تضمنت حديثا جرى بينه وبين الفريق السيسى أيام كان مديرا للمخابرات الحربية ( وكان وقتها أحدث وأصغر رتبة فى المجلس العسكرى الذى تولى السلطة عقب تنحى الر ئيس مبارك فى فبراير 2011 .. وكان ذلك عشية أعلان فوز مرسى بالرئاسة والتى تمكن الأخوان المسلمون عبرها من القفز الى السلطة دونما منازع ودونما شريك على حساب الوضع الثورى الذى نشأ عقب 25 يناير وتنحى مبارك ووجود ذلك الفراغ الثورى الذى تمثل فى عدم وجود كتلة ثورية صلبة تمتلك مشروعا سياسيا لما بعد تنحى مبارك للاستيلاء الثورى على السلطة واعادة ادارة جهاز الدولة على نحو يحقق مصالح الغالبية المنسحقة التى شكلت الأساس البشرى للزخم الذى كان يملأ الميادين والشوارع منذ 25 يناير ومابعدها .. 

فى الحديث الذى جرى بين الفريق السيسى وبرهامى حسب رواية الأخير سأله الفريق السيسى حول الضمانات التى يمكن ان يقدمها ياسر برهامى كممثل للتيار السلفى عن ان مرسى سيلتزم باحداث استقرار اجهزة الدولة ( وطبعا هذا الأستقرار يعنى عدم احداث تغييرات هيكلية تقلب أوضاعا كانت قد استقرت العقود الماضية  ) ورد برهامى حسب تعبيره بأنه لايضمنهم ( أى الأخوان )  

وبالتالى حسب كلام برهامى فقد حدث اتفاق على صياغة مبادرة بضمان الدعوة السلفية وحزب النور ( ذراعها السياسى ) تضمن استقرار البلاد  وأن من يخالف شروطها تنزل باقى القوى ضده ( هذه القوى هى المجلس العسكرى - الأخوان - السلفيون )  

ووفقا لكلام برهامى فأن المبادرة التى حضرها أطراف عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة والدعوة السلفية وحزب النور والأخوان وحزبهم ( الحرية والعدالة ) ورءيس ووكلاء مجلس الشعب والمخابرات العامة والتى انتهت بالتعهد على ضمان عدم مساس الأخوان بجميع مؤسسات الدولة وتقديم تعهدات من الرئيس الجديد تفيد ذلك ..

 كل ذلك يعنى ببساطة ان هناك اتفاق حدث بين ثلاث قوى هى .. قوة الدولة (ممثلة فى المجلس العسكرى والمخابرات العامة - ذلك الجزء الوحيد من جهاز الدولة الذى كان لايزال متماسكا ومحتفظا بقوته القاهرة ) والقوة الثانية وهى الأخوان المسلمون الذين كانوا قد استعادوا حيويتهم وطموحاتهم فى المنافسة على الحكم كبديل سياسى له قاعدته الأجتماعية كجزء من التحالف الطبقى المسيطر منذ اواخر سبعينيات القرن الماضى وحتى اليوم ومن وجهة نظر الدوائر الغربية الأمريكية (يمثل بديلا يمينيا أكثر شعبوية من يمين مبارك الحاكم منذ عقود وقد اصابته الشيخوخة فى وقت تضرب أزمات الرأسمالية الأقتصادية بتأثيراتها المجتمعية منطقة الشرق الأوسط .. ولامناص - حسب فوكوياما - من مواجهة مأزق كراهية الشعوب لأنظمة اليمين الحاكم والتى نفذت فى نفس الوقت قدرتها على  الأحتواء وتزييف الوعى والظهور بمظهر ديمقراطى والأستغناء عن القهر البوليسى والقمع السياسى كطرقة للحفاظ على هيمنة تلك التحالفات الطبقية المرتبطة برباط من التبعية للمركز الرأسمالى العالمى ورأسه المتمثل فى الولايات المتحدة الأمريكية .. والحل اذن يكمن فى ذلك القسم من تلك التحالفات الطبقية وهو تيار الأسلام السياسى المتمثل فى الأخوان المسلمين وحلفائهم وهو التيار الذى مازال يحتفظ بقدرته الفائقة على تزييف الوعى والأيهام بالشعبوية السياسية واللعب على أوتار الديمقراطية وأختيارات الصناديق ... وجد الغرب اذن ضالته وقدرته على ابقاء وضع التبعية عن طريق هؤلاء )  

والقوة الثالثة التى كانت طرفا فى تلك الضمانات اذن كان السلفيون ..  

وما لم يقله برهامى ان هناك قوة أعظم لم تكن بعيدة عن تلك الترتيبات وهى الولايات المتحدة الأمريكية وأى متابع للشئون المصرية منذ اتفاقية السلام الاسرائلية المصرية الأمريكية يعرف ان ترتيبات نقل أى سلطة سياسية لابد وأن تتم برعاية واشنطن ولابد ان تكون واشنطن على خط الاتصال اللازم لذلك .. 

الغنائم السلطوية اذن توزعت على الأطراف الثلاث برعاية ومباركة أمريكية ( لاتحتاج لأدلة تقام لتأكيدها ) بحيث يحتفظ المجلس العسكرى بوضعه الخاص فى السلطة السياسية يتوائم مع وضع خاص للجيش المصرى داخل جهاز الدولة يتضمن احتفاظه بملفاته الخاصة ( كشأن خاص بعيد عن الأشراف والمتابعة أوالتدخل من السلطة السياسية ) وعلى رأس هذه الملفات الميزانية والتسلح والمشروعات الأقتصادية التى يمتلكها الجيش وعلى الجانب الآخر يتولى الأخوان السلطة السياسية مع التعهد بعدم المساس بأجهزة الدولة وان يحصل السلفيون على نصيبهم من النفوذ عبر المشاركة فى التنافس على أغلبية البرلمان والمشاركة فى الوزارات ومؤسسة الرئاسة وماسيستتبع ذلك من سلطات ونفوذ فى المحافظات المختلفة 

 جوهر هذا الأتفاق اذن كان الأحتفاظ على النظام الاجتماعى والأقتصادى دون تغيير .. كماهو .. وبالتالى يتم استبدال الرأس السياسى للسلطة السياسية برأس سياسية ( كانت تتنافس معها فى الماضى - وتتناحر أحيانا - من أجل الفوز بتمثيل هذا التحالف الطبقى المسيطر منذ أواسط سبعينيات القرن الماضى ) ويبدوا ان هذا هو المقصود فى كلمات برهامى من دلالات لكلمة ( استقرار البلاد ) والتى كان يرددها طوال حديثه عن ذلك الأتفاق الذى انقلب عليه الأخوان المسلمون فيمابعد بنزوعهم نحو أفكار التمكين والتحالف مع جماعات تهدد الأمن القومى المصرى ( القاعدة وتنظيم فتح الأسلام و كتائب القسام فى سيناء )  

 ياسر برهامى والسيسى والأخوان ومرسى ومن قبلهم مبارك والسادات وحزبهم (الحزب الوطنى المنحل )  استخدموا كلمة ( استقرار البلاد ) وهى الكلمة التى كان مرادا للبسطاء ان يبتلعونها , وأن تلوذ بها طبقات البرجوازية الصغيرة من خوف ... هى الكلمة التى  تستخدم دائما للعب على مشاعر المروعين من الأحداث ومطالب التغيير الشعبية .. على اعتبار ان استقرار البلاد يعنى استقرار العباد والهدوء والسكينة والتوقف عن الصخب والأعلاء من شأن وهم السلام الاجتماعى فى ظل استقرار سيطرة نفس التحالف الطبقى الحاكم وان تغيرت الوجوه والأشكال السياسية .

 لم نكن فى حاجة للتأكد من أن هناك صفقة واتفاق بين المجلس العسكرى وبين الأخوان وحلفائهم لصياغة حكم جديد للبلاد بعد تنحى مبارك ... فقط يجب علينا ألا ننسى  - ومنذ عقد معاهدة السلام مع الكيان الصهيونى بمباركة وترتيب أمريكى ضامن - ان الأوضاع السياسية فى مصر قد أصبحت من وقتها شأنا أمريكيا ( وأحيانا اسرائيليا ) وأصبح تنظيم المرور السياسى والأجتماعى فى مصر لايمر الا وكانت واشنطن على الخط  بحكم التبعية التى كرست لها سلطة السادات المعبرة سياسيا عن تحالف الطبقات الرأسمالية التابعة (كوكيلة فى جوهرها ) للمركز الرأسمالى العالمى  

وبالتالى فان الجيش المصرى - منذ وقتها - قد وضع تحت قيود تلك الاتفاقيات بملاحقها المتعددة ( السرية أو العلنية ) وأصبح تسليحه وتدريبه يخضع لاعتبارات تلك المعاهدات التى أبرمت تحت هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية والتى تضمن أمن اسرائيل ضمن ماتضمن بالدرجة الأولى  , ولايجب أن ننسى أن الأنف الأمريكية كانت توضع فى الأستراتيجيات العسكرية للجيش المصرى (عبر مناورات النجم الساطع سنويا ) , بل ووصل الأمر بأن درجت الولايات المتحدة الأمريكية على المطالبة بتغيير العقيدة القتالية للجيش المصرى على أعتبار ان العدو لم يعد هو اسرائيل ( على الحدود ) بل ان استرتيجيات الحرب اصبحت مرتبطة بالحرب على الأرهاب ( الأرهاب التى تحدده أمريكا دائما وفقا لمستجدات مصالحها ) وعلى الجيش المصرى ان يتخلى عن التدريب والتسلح وفقا لحروب الصحراء عليه ان يتدرب فقط فى مواجه الأضطرابات الداخلية ومطاردة العناصر الأرهابية وخلافه ...

 المجلس العسكرى والأخوان والسلفيون كنوا يعرفون ذلك جيدا وكانت اتصالات الأخوان  المباشرة مع الأمريكان قد بدأت منذ عام 2004 والمجلس العسكرى منذ مقتل السادات يمتلك مايشبه قنوات الأتصال المفتوحة الخدمة طوال الوقت مع الامريكان ..

اذن لم يكن أحد الأطراف التى تضمنها حديث برهامى يتحرك بعيدا أو باستقلالية عن واشنطن ... وكما تمت  عملية استبدال الرأس السياسية للتحالف الطبقى المسيطر - عقب اغتيال السادات - تحت سقف جهاز الدولة المركزية بمتابعة ومراقبة واشنطن .. تمت عملية الأستبدال السياسى للرأس السياسية لنفس التحالف الطبقى تحت سقف جهاز الدولة المركزية  وبمباركة ومتابعة وأشراف أمريكى