الخميس، 21 نوفمبر 2013

استاذنا الراحل المعروف بقديس اليسار المصرى .. أحمد نبيل الهلالى .. كان وهو يعلمنا خبرات العمل الثورى وعلم الثورات .. كان يقول لنا ان عن شرط (التراكم الكمى )الذى لابد وأنه فى لحظة معينة يتحول الى ( تحول كيفى ) وكان يدلل على ذلك وهو يمسك بكوب الماء فى يده ويقول .. انه عند مائة درجة حرارية يبدأتحول هذا الماء الى بخار .. ثم يضيف قبل مائة درجة لايمكن أن يبدأ هذا التحول .. هكذا الثورات فقبل نضج الشروط الموضوعية والشروط الذاتية عند قدر معين لايمكن أن يتم التحول من سلطة ومحتمع الى سلطة ومجتمع آخر كثمرة لنضالات وثورة نطمح فيها .. أتذكر الآن تلك الجلسات الأرضية البسيطة فى مكان ما ( دائما ماكان سريا نتيجة لظروف المطاردات البوليسية التى كان اليسار يتعرض لها )والأستاذ بقامته الفارعة النحيفة متكئا على احدى الوسائد وهو يشرح لنا نحن الشباب الغض ( من ذوى الأسماء الحركية ) هذا الكلام .. أتذكره الآن وأرى فيه ما يجيب على تساؤلات هامة حول واقعنا اليوم ... عاشت روح الأستاذ أحمد نبيل الهلالى خالدة ...

-                                                  

                                              ( معه فى موسكو عام 1985 )         

الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

أسطورة الغناء الأنسانى العميق اديث بياف ... سمعتها لأول فى أحد الأفلام العربية .. من يومها نسيت فى أى فيلم كانت هذه الأغنية وكان هذا الصوت .. ولكن من يومها ظل هذا الصوت يتردد فى أركان كيانى .. رغم عدم اجادتى للفرنسية أو حتى اجادتى لأى لغة أجنبية .. وبحثت عنها فى جميع مصادر البحث عن الأغانى الأجنبية حتى وجدتها كان هذا منذ خمس سنوات تقريبا .. ومن يومها وأنا أسمع لأديث بياف حديثا يمتلك مساحة غير قليلة من روحى لايضاهيها فى هذه المساحة سوى الأسطورة العظيمة لويس أرمستورنج .. يالا جمال الأنسانية

فى شأن مسألة الفريق السيسى


أحد الأوهام الشعبوية الكبرى التى تجتاح شارعنا السياسى والأجتماعى هذه الأيام هو مايقال حول حاجة الناس ( المصريون ) الى قائد وكما يقولون دائما يعبر بسفينة الوطن الى بر الأمان ... 
كما لو كانت قد تأججت رغبتنا القديمة الموروثة فى خلق أبطال على طراز الشخصيات التى ورثناها من حكاياتنا و سيرنا الشعبية كالشاطر حسن وعنتر بن شداد والظاهر بيبرس وابو زيد الهلالى وغيرهما .. تلك الشخصيات التى تأتى بالخوارق وتهزم الأعداء وتجيد الحيل للخروج بالقوم أو القبيلة من مآزقها وامتتحاناتها الصعبة وكذلك تمتلك القدرة على حل أعقد الألغاز التى تواجه الأهل والعشيرة أو القبيلة أو عموم الناس .. تلك الثقافة التى تشكلت فى وجداننا عبر مئات السنين عبر ثقافة انتاج البطل الشعبى التى تظهر عادة فى فى المجتمعات العربية نتيجة الموروثات القبلية العربية الوافدة الينا عبر الصحراء التى لاتعرف كتابة سير وحكايات الشعوب قدر معرفتها كتابة سير وحكايات البطل الفرد فارس القبيلة أو الخليفة أو الأمام أو شيخ القبيلة وهكذا ... 

تلك الطريقة فى التفكير هى أحدى طرق وأدوات تزييف الوعى الكبرى التى يراد للعامة ومحدودى الثقافة والعلم ان يكونوا دائما من ضحاياها فيقعوا على الدوام ضحية الوهم القائل ان التغيير الحقيقى والخروج من أى مأزق وحل أى معضلة يمر بها الوطن لايتأتى ولايقدر عليه الا شخصية فذة ( بطل ) و ( كاريزما ) وهكذا فالمطلوب هو ألا يؤمن غالبية الشعب ( وهم دائما من الطبقات المستغلة - بفتح الغين ) بأنهم يستطيعون - اذا ماانتظموا ووحدوا صفوفهم وامتلكوا التنظيم والأرادة والوعى - ان يكون لهم دورا فى تحديد مصائرهم وفرض السياسات وطريقة الحكم التى تحقق مصالحهم وبالتالى المصالح العليا لسائر الوطن ... 

وهذه هى نفس قصة أو السيرة المزمع تأليفها وتأكيدها واللف والدوران حولها هذه الأيام وتصديرها بأعتبارها الحل والملاذ لنا من مشاكلنا وأوجاعنا التى لم نقدر على علاجها عبر انتفاضتين عظيمتين ( 25يناير 2011 - 30 يونيو 2013) ... 

البعض من هواة صنع أبطال السير الشعبية على المنوال القديم ( عن تآمر أو عن خوف أو عن ضعف أو عن سوء نية أو عن حسن نية وسذاجة ) وجد ضالته فى الفريق السيسى .. وأصبح نهارا وليلا يردد معزوفة انه لاحل الا مع قدوم هذا الرجل رئيسا لمصر .. هكذا دونما ان يكون لهذا الرجل تعريفا سياسيا محددا أو أن يطرح ملمحا سياسيا يدل عليه 

وبغض النظر عن الدور الذى قام به فى الأستجابة لمطالب الشعب المصرى فى 30 يونيه والتحرك لاسقاط حكم الأخوان الفاشستى وبغض النظر أيضا عن الحساسية المفرطة لدى الكثيرين تجاه تولى منصب الرئاسة لكل من يمت بصلة للجيش وبغض النظر تلك الحالة التى تنتاب البعض ( وهى نموذج للوعى المزيف ) والتى تجعله لايفرق بين مرشح للرئاسة وآخر سوى على أساس الفارق بين أن هذا (عسكر ) وهذا (مدنى ) وبغض النظر عن المشروع السياسى لهذا المدنى أو هذا العسكرى ... وبغض النظر عن ان هذا ( المدنى ) يحمل فكرا مدنيا أم لا .. ويعتنق ترسيخ المدنية أم يسعى لشئ آخر غير المدنية .. 

ولأن البطل الآن قد وجد , وسيبدأ بعضنا قصائد المديح لفروسيته وقدرته على صنع المعجزات فلنحصر حديثنا فى بطل السيرة الجديد ... 

لم يتحدث بطل سيرتنا الجديد حديثا سياسيا حتى الان خارج حديث أن الأخوان خانوا العهد مع الشعب وأن الجيش انحاز لشرعية الشعب المصرى( وهذا صحيح تماما ) ثم تحدث بعد ذلك عن دور الجيش فى حماية الشرعية وارادة الشعب ( وهذا أيضا صحيح ) , ولكن كل تلك الأحاديث التى تتصف بالعمومية وطابع أحاديث العلاقات العامة ليست حديثا فى جوهر الشأن الوطنى باعتباره حديثا فى السلطة ( بالمعنى المجرد ) وعلاقة الجيش بها .. واظن أن ذلك ليس حديثا نشتم منه محدد ما للمشروع السياسى لهذا الرجل الشريف والشهم والشجاع ... 

لم نسمع منه حديثا حول رؤيته لتقليص التبعية للمركز لدول المركز الرأسمالى العالمى وذلك هو جوهر الأستقلال الوطنى , ولم نسمع منه حديثا حول اتساع الفوارق الطبقية فى المجتمع المصرى مابين طبقة فى أعلى السلم الأجتماعى مازالت تحتكر السلطة والثروة ( منذ السادات ومرورا بمبارك والأخوان المسلمين ) , ولم نسمع منه طريقة لمعالجة ذلك .. لم نسمع عنه كلاما عن الديمقراطية الشعبية الحقيقية ولم نسمع رأيه بوضوح فى الكيفية التى يجب ان تكون عليها دولة المواطنة أو مدنية الدولة ولم نسمع منه أى كلام حول استراتيجية التنمية فى مصر .... 

بصراحة لم نسمع منه شيئا يبرر تلك الأندفاعة التى بات البعض عليها ليلا ونهارا ونهارا وليلا يؤكدون انه لا خلاص الا بالسيسى ...

البعض يردد ذلك عن سذاجة والبعض عن عدم دراية عميقة والبعض عن شعور بالأحباط من النخب والبعض خوفا من وثوب الأخوان المسلمون الى السلطة وعن عدم ثقة (كما ينبغى ) بالشعب المصرى والبعض يردد ذلك نتيجة عدم الثقة بنفسه وبدوره فى الفعل السياسى .... ولكن الأخطر فى هؤلاء البعض الذين يسعون الى استعمال سيرة البطل الملهم والكارزما السياسية فى تكريس أوضاع اجتماعية وأقتصادية وسلطوية تحتفظ بمقتضاها الطبقات المسيطرة بالسلطة والثروة معا ... وألا لما من بين أبرز من طالبوا بترشح السيسى للرئاسة - بل ومن بين المبادرين بذلك - هم فى الحقيقة من ينتمون لتلك الطبقات من انصار مبارك والسادات سياسيا ومن المستفيدين من عصرهما ...

الفريق السيسى قد يصبح مثل حصان طروادة الذى يأمل الساداتيون وأبناؤهم المباركيون فى أن يحملهم معه فينقضوا من باطنه على مواقع السلطة السياسية ثانيا لصالح الحفاظ على سيطرة تحالف الرأسماليات المصرية على الأوضاع الأقتصادية والأجتماعية فى مصر وتفريغ انتفاضتى 25 يناير , 30 يونيو من محتواهما من مطالب شعبية نحو تغيير حقيقى للأوضاع الأقتصادية والأجتماعية والسياسية فى مصر ... 
بعض من الناصريين و اليساريين - للأسف - لديهم أوهام بأن السيسى سيكون شبيها لبعبد الناصر .. وهم اذن وقعوا فى فخ تلك الأوهام التى تروج - من قبل دوائر أعلامية وسياسية ( ومن كهنة ودراويش الدولة المصرية الهرمية التى يعتليها نموذج البطل الملهم ) - حول رجل لم يعرف عنه حتى الان انه صاحب مشروع سياسى وطنى ما ..

الأحد، 17 نوفمبر 2013

أوهام مرحلية

منذ أن خرجت جماهير الشعب المصرى فى 25 يناير محيطة بكتلتها الأجتماعية من شباب وشابات فقراء المدن من أبناء بائعى قوة عملهم ومعهم أبناء الطبقات المتوسطة  وغالبيتهم الساحقة من شباب عاطل وشابات عاطلات .. هؤلاء الذين يعانون من الأنسحاق والتهميش الاجتماعى وماترتب عليه من تهميش سياسى فى ظل دولة بوليسية ضربتها الشيخوخة .. بتحالفها الطبقى المهيمن اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وفى ظل تناحر اجتماعى وصل الى أقصى مدى وتناقضات بلغت حدتها استحالة استمرار نظام الحكم على حالته هذه .. فكانت تلك الأنتفاضة الشعبية العظيمة والتى كانت وستكون بالغة الأثر على مجمل تاريخ الشعب المصرى ( وهو مالايتسع المجال الآن لبيانه ) ..

وقد كان أن سقطت رأس النظام ممثلة فى الرئيس المخلوع الأول (مبارك ) .. ولنقل صراحة ان ذلك لم يكن يرد -  فى يوم 24 يناير ولاحتى 25 يناير - فى خلد أغلب الشباب الذى بدأ أنتفاضة الشعب المصرى من 25 ثم 28 يناير 2011 ..  

وهكذا يظهر الوهم الأول منتج جميع الأوهام التى تلته منذ سقوط مبارك ومرورا بسقوط مرسى حتى الان وهو :  

1- وهم سقوط النظام الذى ظللنا نردده منذ سقط مبارك وحتى سقط مرسى ... رددناه كمايلى : سقوط نظام ميارك .. وماتلاه  سقوط نظام الأخوان . فى حين انه بالفعل سقط حسنى مبارك وسقط محمد مرسى ومن قبلهما اغتيل السادات ولم يسقط النظام بعد .... قبل ابداء الدهشة من هذا الكلام أبادر بسؤال : 

 أى نظام ؟ وما قيمة وهل كان اسقاط مبارك ثم مرسى أو حتى أغتيال السادات من قبلهما هو اسقط لثلاث انظمة حكمت مصر ؟ ..

 النظام كموضوع للثورة وبمعناه الشامل هو شكل العلاقات الأجتماعية ( والناجمة عن علاقات الانتاج السائدة فى المجتمع ) ومايترتب من ذلك من بناء فوقى يتمثل فى طبيعة و شكل وطريقة أداء المؤسسات السياسية وطريقة الحكم ومنظومة القيم السياسية ناهيك عن القيم الثقافية والأخلاقية التى هى ليست موضوعنا الآن .. وكل هذا فى جوهره يتحدد بطبيعة الطبقات المسيطرة على علاقات الأنتاج ( تحتيا ) وبالتالى تتعزز هذه السيطرة وتعبر عن نفسها فى آن واحد بالسيطرة على المؤسسات السياسية والاجتماعية للدولة .. والجميع يعرف كيف تحول النظام فى مصر كاملا الى النظام الرأسمالى ( الكمبرادورى ) التابع للمركز الرأسمالى ( ببساطة رأسمالية الوكالة ( التصدير والأستيراد ) التى نشأت منذ أن بدأ أنور السادات تعبيرا عن تحول جرى فى النظام الناصرى ( عملية استبدال طبقى تمت فى اطار جهاز الدولة ) فتح بها السادات وأعوانه من لصوص القطاع العام والدولة والمهربين وفلول ماقبل ثورة يوليو من كبار الملاك الهاربين وفى هذا النسيج أيضا كان اليمين الدينى المتطرف قد راكم أمواله فى دول الخليج التى كانت معادية للنظام الناصرى )  الطريق لانقلاب سيطر بمقتضاه هذا التحالف الطبقى على الأوضاع الأقتصادية والأجتماعية والسياسة وحتى الأعلامية والثقافية فى مصر .. وهذا التحالف ظل حتى الان هو المسيطر على تلك الأوضاع ربما تتطور ليصبح أكثر توحشا ونهبا وافقارا للمصريين لكنه مازال هو المسيطر حتى الان ومبارك لم يكن سوى الرأس السياسية التى تم استبدالها عقب اغتيال السادات لذلك التحالف الطبقى ( والذى كان رأس المال الدينى أو اليمين المتطرف أحد مكوناته ) وبالتالى فعندما سقط مبارك ونتيجة للفراغ الذى أحدثه غياب التنظيم الثورى المحمل بمشروع الثورة وبالأجابات المباشرة المتعلقة بالسلطة والثورة والدولة وبالتالى شكل النظام السياسى الثورى المأمول .. هذا التنظيم الذى يمثل العامل أو لنقل الشرط الذاتى لقيادة الأنتفاضة وتحويلها الى ثورة تحدث التغيير الحقيقى المعبر عن جماهير الطبقات المنتفضة ... فضلا عن ان ثورة حقيقية لم تكن ستنجح فى بلد مثل مصر دونما انضمام فقراء الريف من العمال الزراعيين وصغار الملاك والمستأجرين الزراعيين لجموع المنتفضين وهذا لم يحدث فى 25 يناير وان كان كبار الملاك الزراعيين وكبار موظفى الدولة قد نجحوا فى حشد بعضهم فى الخروج الكبير للشوارع والميادين فى 30 يونيو 2013   ... 

وبالتالى حدثت فى غيبة القوى الثورية المنظمة فى تنظيم ثورى مكنه القلب والقيادة لهذه الجماهير المنتفضة ان تقدم المجلس العسكرى فى حالة سقوط مبارك وأدار المرحلة منهيا أياها بعملية أستبدال رأس التحالف الطبقى الحاكم برأس سياسية أخرى ممثلة فى مرسى وأخوانه المسلمين ( راجع التفاصيل فى مقال سابق بعنوان - كهنة الدولة ودراويشها - الحوار المتمدن )  .. ونفس الأمر تكرر فى انتفاضة 30 يونيو وأعتقد ان الأستبدال يجرى الآن على قدم وساق للحفاظ على سيطرة نفس التحالف الطبقى مع استبعاد رأس المال الدينى من الحكم وليس من السوق .. 

 وبالتالى وفى غياب تلك الرأس الثورية لذلك الجسم الثورى الضخم الذى ظهر فى الميادين والشوارع ومنذ يناير 2011 وحتى الآن مرورا بظهور 30يونيو 2013 ظلت الأوهام هى ماتملأ غالب مكونات هذا الجسد الضخم الذى يفتقد الرأس وبالتالى بعض العقل وبعض الوعى ... وهذا ماينقلنا الى وهم آخر  

2- وهو ان البعض يتعامل مع الأحداث بمنطق استدعاء المعلبات التاريخية لأحلالها فى واقع لايمت بصلة لما يتوهمون ويروجون من أوهام ومنها :  

3- ن مصر تحتاج الى زعيم قوى له كاريزما مشابهة لكاريزما عبد الناصر ليخرجها من أزمتها .. بمعنى أصح اننا نحتاج الى اعادة انتاج عبد الناصر آخر لكى تكتمل ثورتنا ... وهذا غير حقيقى وألا لأكتمل مشروع عبد الناصر ولم يواجه هزيمته النهائية على يد أطراف من النظام الناصرى نفسه كانت قد تحالفت مع فلول كبار الملاك الزراعيين و كذلك الرأسماليين و الأخوان الهاربين الى الخارج وتمت دعوتهم للانقضاض على المشروع الناصرى الذى كان يفتقد للجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية فى الدفاع عنه لأنها كانت مكممة بفعل عدم الحاجة الى نضالها طالما ان الزعيم الفذ ( الكاريزما ) يناضل نيابة عنها .. 

وهذا الوهم قادنا بدوره الى الوهم التالى
  4- بدافع من الايمان بحلم عودة عبد الناصر الظافرة الحتمى ... فقد تم العثور على عبد الناصر جديد ممثلا فى الفريق السيسى وبالتالى انتج البعض نوع من الأستبدال الدلالى لعبد الناصر .. دونما وقوف على الأمكانيات السياسية والفكرية للرجل واعتمادا على موقفه الذى لاينكره أحد فى الأستجابة للخروج الشعبى الواسع فى 30 يونيو .. وكأن هذا كافيا لاعتبار ان السيسى هو عبد الناصر الجديد والغاء الفهم الواقعى الذى يقول ان السيسى ليس عبد الناصر ...
5- بدأ البعض ينظر الى الأتجاه نحو تعزيز العلاقات المصرية الروسية والتقارب الروسى المصرى على انه اتجاه سينهى التبعية للولايات المتحدة وحلفائها ... متناسين أن روسيا ليست هى الأتحاد السوفيتى ( مثلما ان السيسى ليس عبد الناصر ) وان روسيا ليست فى عداء اليوم مع أمريكا والغرب وان كانت فى أفضل الأحوال هى منافس لهما على توزيع المصالح فى المنطقة , وأن الفيصل فى تشكل سياسيتنا الخارجية هو مدى الفهم الأستراتيجى لمصالحنا نحن قبل التعامل مع الدول والتعاون مع بعضها بدرجة والاخرى بدرجة أخرى ...
3- بدأ البعض ينظر الى الأتجاه نحو تعزيز العلاقات المصرية الروسية والتقارب الروسى المصرى على انه اتجاه سينهى التبعية للولايات المتحدة وحلفائها ... متناسين أن روسيا ليست هى الأتحاد السوفيتى ( مثلما ان السيسى ليس عبد الناصر ) وان روسيا ليست فى عداء اليوم مع أمريكا والغرب وان كانت فى أفضل الأحوال هى منافس لهما على توزيع المصالح فى المنطقة , وأن الفيصل فى تشكل سياسيتنا الخارجية هو مدى الفهم الأستراتيجى لمصالحنا نحن قبل التعامل مع الدول والتعاون مع بعضها بدرجة والاخرى بدرجة أخرى ...



السبت، 16 نوفمبر 2013

عندما كانت الحكمة تنطق من صيحات حواة الشوارع

(( موسى نبى , وعيسى نبى , ومحمد نبى ... وكل من له نبى يصلى عليه )) ... كنت دائما أسمع ذلك الرجل البائس المنسحق الذى يتحايل على لقمة عيشه عبر ذلك الأستعراض الذى يقوم به وسط حلقة من الناس ( المتفرجين ) وهو يقوم بألعاب قد لاتقنع البعض من حيث المهارة المتوقعة فى هذا البائس .. وقديرى البعض فى ذلك لونا من ألوان النصب والأحتيال فينصرف متأنفا من هذا المشهد أو يعبره دون التفات ... وقد يرى البعض وخصوصا الصبية ذوى الأعين والرؤوس البكر ان هذا الرجل يمتلك نوعا من القدرات الخارقة كما يدعى هو عندما يردد ويتوعد (( بعون الله هاأعمل كذا )) ... دائما كنت أرى فى ذلك المشهد أنه احدى طرائق المنسحقين للبحث عن الرزق والتحايل علي جلب القليل منه .. ماعلينا .. ليس هذا هو المهم ... المهم هو أن الرجل البسيط قائل العبارة التى يفتتح بها عمله دائما ( فى أول سطر ) هو فى الحقيقة أكثر من بعض من يدعون التدين فهما للدين بل وصل الى جوهر التدين دونما لف ودوران ... وبعمق لم يصل له فهم أشد مدعى الحفاظ على الدين ونصرته من أولئك الكقرة من العلمانيين والليبرالين واليساريين وغيرهم .. هو قد نطق بالفهم الصحيح للتدين أكثر من هؤلاء الساعين الى تنصيب أنفسهم حكاما بتوكيل من الله ..وهو نطق بمعرفة أكثر تفقها من هؤلاء الذين يملأون الشاشات الدينية وغير الدينية بفتاواهم التى ما أنزل الله بها من سلطان ... 

ادركت فيما بعد كلما استرجعت تلك العبارة السحرية التى ينطق بها أمثال ذلك الرجل البسيط - والذى ربما كان لايعرف القراءة أو الكتابة - انه كان لاينطق هذه العبارة ألا كمخزون ذاتى تكون عبر تراكم حضارى تاريخى داخل المصريين وهو ماجعلهم متحصنين ضد ثقافة التطرف الدينى والفكر الصحراوى البدوى وان بدوا  فى بعض الأحيان تاريخيا ذاهبون الى الأنجراف فى غياهب هذا الفكر  الا انهم سرعان ماينتفضون ضده ويخلعونه كماتخلع الثياب غير اللائقة ... 

 دائما أدرك مدى ماتعبر عنه تلك العبارة من سماحة ورؤية أكثر اتساعا للأديان والتدين بل أتزيد وأقول انهم ( أى  هذا الرجل وأمثاله من المصريين الذين نطقوا بوعى أو دون وعى بهذه العبارة ) قد نطقوا  بحقيقة أكثر علمانية من فهم بعض العلمانيين للعلمانية ..تعرفون لماذا ؟ ..لأنه نطق كأنسان مصرى بالمخزون الذى يعبر عن حضارة ورقى هذا الأنسان عبر الاف السنين ... ربما لم يتعمد أو يدرى بمانطق به .. ولكنه عبر عن الرؤية المصرية الحقيقية للتدين والدين  عبر مئات بل والاف السنين ..  وأن هناك درسا مهما علينا جميعا ان نستوعبه وهو ان المصريين عبر تاريخهم -  وقد ترسخ داخلهم مخزونا حضاريا يرفض التطرف بكافة أشكاله وأنواعه ومظاهره وهو ماأتضح فى خروج ملايين المصريين فى 30 يونيو 2013 ضد حكم الأخوان المسلمين وحلفائهم بعد ان عرفوا حقيقة نواياهم فى الذهاب بالوطن الى غياهب وطرق فى الحكم والثقافة والسلوك الأجتماعى لاتصلح ألا للمجتمعات الصحراوية البدائية ولاتليق ببلد عريق كمصر .. 

المصريين هم أيضا الذين ترفض ثقافتهم ومخزونهم الحضارى أى شكل من أشكال الأزدراء للأديان وأنهم بأعتبارهم الشعب الذى عرف الدين قبل كل شعوب العالم وابتدعه وكان أحد أعمدة دولته التى تأسست فى فجر التاريخ الأنسانى كأول دولة ذات حكم مركزى فى العالم ترتكز على ذلك البناء الهرمى الذى يقف على قمته ( الحاكم الفرعون بأعتباره هو أبن الأله )  

وكذلك كان لهم النصيب الأوفر فى تأسيس كل الديانات السماوية الثلاث التى عرفتها المنطقة فالديانة اليهودية قد ظهرت فى مصر وكذلك فمصر هى التى احتضنت المسيح والأسرة المقدسة فى رحلتها الشهيرة فى غرة القرن الميلادى الأول وهى التى اسهمت بشكل رئيسى فى تحديد مسار الديانة المسيحية عندما قدمت للعلم المسيحى فكرة الرهبنة بل هى التى تمردت كنيستها على كنيسة العالم الرومانى القديم وتأسست بذلك الكنيسة الشرقية وظهر للعالم المذهب الأرثوذوكسى الذى ساد كنائس النصف الشرقى من كنائس العالم .. ولم ينكر أحد تأثير الحضارة الفرعونية على الديانات السماوية ومنها الأسلام .. بل ان مصر قد شهدت انقاذ العالم الأسلامى من السقوط على ايدى التتار الذين اجتاحوا كل العالم الأسلامى وأسقطوا عاصمة الخلافة العباسية فى بغداد وأحرقوا مكتبتها ولم يتم صدهم الا على أبواب مصر .. التى كانت قد أحتضنت آل البيت بعد محنتهم مع بنى أمية واحتضنت أرضها رفاتهم التى مازال المصريون البسطاء يزورونها ويتبركون بأضرحتها ويجتمعون فى ساحات تلك الأضرحة فى المناسبات الدينية المختلفة ....  

الدين كان له دائما مكانته سواء كانت مصر فرعونية تعبد الاله رع أو الآله آمون أوآتون .. وسواء كانت مصر فى العصر القبطى أو الأسلامى .. ولكن هذا لايعنى انهم يقبلون ان يمضون كالقطيع فى ركاب الفهم الصحراوى البدوى البدائى للأسلام والأديان .. فمخزونهم الحضارى أرقى من ذلك ... يالا عبقرية الشخصية المصرية .. يبقى ان يعى الشباب المصرى المعاصر ذلك جيدا ...

الجمعة، 15 نوفمبر 2013

خمسة ملاحظات حول مسألة وحدة اليسار

كثيرا ماتقترن كلمة ((اليسار )) فى كتابات النخب والمثقفين هذه الأيام بمرادفات تحمل دلالات مثل ( الأزمة - الضعف - الأنقسام والتشتت ) وخلافه من دلالات تعبيرية تعنى فى النهاية أن اليسار فى حالة أزمة ..  

وكما صاح أرشميدس صيحته المشهورة عندما أكتشف قانون الطفو  (( وجدتها )) يصيح العديدون اليوم من أهل اليسار وخاصة أولئك الشباب الذين يأملون فى استعادة فاعلية اليسار وحيويته ودوره القيادى بعد أن أظهرت الميادين والشوارع فى 25 يناير و 30 يونيو الحاجة الى دور فعال وقيادى لليسار المصرى  - الذى ربما لو كان حاله كذلك فى لحظة 25 يناير تحديدا لكان قد تغير وجه مصر والمنطقة الشرقية من العالم على الأقل بشكل جذرى ... 

يصيح لسان حال هؤلاء الشباب المخلص (( وجدناها )) وهم يتحدثون عن الوحدة باعتبارها الحل السحرى لأزمة اليسار المصرى ..  

ولاخلاف على الأهمية الأستراتيجية - بل والوجودية -  لمسألة الوحدة  ولكن هناك ملاحظات - خمسة على الأقل - على حالة المنادة بالوحدة والالحاح عليها هذه الأيام

 أولا : ان مايتردد الان حول المنادة والدعوة الى يسار موحد ينبع من نوايا حسنة وهى دعوة يطرحها المخلصين من أبناء اليسار بحماس وأخلاص شديدين , ورغبة أكيدة وصادقة ولكن هذا لايكفى ( وربما كان هذا فى حد ذاته اشكالية كبرى ) لأن ذلك الحماس والأخلاص الهائلين لن يبرران خطورة ماقد ينجم عن اندفاع شديد نحو انجاز وحدة ما (لم يحدد شكلها بعد )  بالقفز فوق الشروط الموضوعية والواقعية اللازمة لتحقق أى وحدة على أرض الواقع ومنها على سبيل المثال لا الحصر :

 1- تحديد أوجه الأتفاق الفكرى والسياسى والتنظيمى  والممارسات على الارض فيما يتعلق بأداوت النضال المختلفة والمتنوعة  بين كيانات اليسار المختلفة وكذلك تحديد أوجه الخلاف على هذه الأصعدة ذاتها للوقوف على المنطلقات وكذلك الامكانيات الحقيقية لأى وحدة منشودة وطبيعة هذه الوحدة وماهو مؤهل لها من كيانات وماهو غير مؤهل لذلك الان .. 

 2- بذل الجهد النقاشى اللازم المتعمق حول الوحدة وطبيعتها والاشكال المناسبة لتحققها كعملية لاتنجز بآلية الأعلان الوثائقى وبالقرارات الفوقية للكيانات الداخلة فيها بقدر ماهى عملية تصاعدية تبدأ بأختبار النوايا والأفكار على أرض الواقع عبر أداء تراكمى من النقاش والنضال المشترك - فى ان واحد - وترجمة ذلك فى خطوات بنائية على أسس مايتم كسبه وأختباره من القناعات وكذا تولد الثقة الرفاقية  بضرورة وشكل كل خطوة بنائية فى أسس وجدران هذه الوحدة على أرض الواقع 

3- استخلاص كل دروس كل محاولات الوحدة التى سرعان مافشلت فى فترات تاريخية سابقة والوقوف المشترك من كل الكيانات الراغبة فى الوحدة على أسباب الأنقسامات التى تضرب الحركة اليسارية المصرية دائما عبر تاريخها واسباب انهيار محاولات التوحد ومايمكن الوصول اليه من استراتيجية للقضاء على مرض ثنائية الوحدة والانقسام ..

ثانيا : أن موضوع الوحدة لايجب أن يناقش كبديل علاجى عن مناقشات جادة لأزمة اليسار المصرى ومايتوجب انتهاجه من استراتيجيات لعلاج تلك الأزمة حتى لاتتحول مسألة الوحدة فى حد ذاتها الى عامل لتفاقم الأزمة بدلا من حلها .. لأن الحقيقة الموضوعية تقول ان انقسام وتشتت اليسار هو أحد أعراض أزمته وهو نتيجة لاسبب وان الأزمة الحقيقية هى ليست فى تفرق وتعدد وتنوع تنظيمات اليسار المصرى بقدر ماهى أزمة تتمثل أسبابها الحقيقية فى تقلص وضعف وهامشية اليسار كله ليس كنتيجة لأنهيار الأتحاد السوفيتى - كما سيسرع البعض ويجيب بذلك - وانما قبل ذلك بالترابط مع انحسار وجوده الفعلى بين جماهيره الحقيقية على ارض الواقع .. وابتعاد اغلب كياناته عن العمل النضالى الحقيقى ( التحتى ) بين جماهير الطبقات الشعبية التى نزعم تاريخيا التعبير عنها ( ربما تكمن المشكلة فى كلمة التعبير عنها .. اذ كان من الافضل التعبير بها وعنها فى نفس الوقت ) .. تركت الكيانات الرئيسية لليسار المصرى ميدان النضال الطبقى وانشغلت تماما بساحة العمل السياسى النخبوى الطابع منذ ستينيات القرن الماضى وارتضت  أغلبها بالانضواء  فى تنظيمات الدولة مراهنة على البرجوازية الصغيرة فى القيادة ثم كررت نفس الخطأ فى مطلع الثمانينيات عندما تركت الرهان على جماهيرها الحقيقية وأستبدلته بالرهان على (( التناقض المتداخل )) فى سلطة مبارك طالما أن (( أسقف العمل السياسى قد أنخفضت )) ... 

ربما أيضا كانت المشكلة تكمن فى ان اليسار المصرى لوقت كبير منذ بداياته لم ينطلق من رؤية مصرية تخص الواقع المصرى شديد التعقيد بالقدر الذى يجعل من خطاب اليسار الكلاسيكى خطابا نظريا عاما يفتقد لمفاتيح وأسرار المسألة المصرية كتحد بدت محاولات التعامل معه - لصياغة خطاب يسارى يخص الواقع المصرى - بدت محدودة ومخنوقة بفعل هجوم اساطين اليسار الرسمى الأصولى المرتبط بمرض الأقتناء الفكرى للنصوص والأدبيات الكلاسيكية دونما بذل الجهد لاختبارها فى الواقع العملى المصرى وبناء الحل ( المصرى ) لتناحرات المجتمع ( المصرى ) 

ثالثا : ان معظم الدعوات التى تلح على الوحدة يعيبها عدم التحديد .. اذ أنها لاتجيب على السؤال أى توحد نريد ؟ وأى شكل للوحدة نطرح ؟  ومع من سيتوحد من ؟ وهناك أمثلة لما يجيبنا عنه الواقع الموضوعى وتجيبنا عنه تناقضات تلك الدعوات  :  

1- هناك وحدة اندماجية تكون بين كيانات فى كيان جديد يعبر عن الصياغة الفكرية والسياسية والتنظيمية لهذه الوحة , وهناك طريقة أخرى (طرحها البعض فعلا داخل حزب التجمع ) أن تتفق كل هذه الكيانات على الأنضمام لكيان  من بينها ( التجمع تحديدا ) تحت دعوى انه يمتلك ظروفا وامكانات مادية وقانونية تؤهله لذلك (( وبغض النظر عن اختلاف وتنوع المرجعيات المؤسسة له ولتتطورات التى طرأت على خطابه السياسى منذ الثمانيات )) وطبعا فان هذا الأنضمام سيعنى بالضرورة استقالة كل أعضاء الكيانات الاخرى لكى يتيسر الانضمام الجماعى الى (التجمع ) .. وقد يطرح التحالف الشعبى الأمر بطريقة ولما لايكون هذا الكيان هو التحالف ؟ فهو يملك وضعا قانونيا مماثلا للتجمع .. 

2- الدعوات للوحدة تقفز فى دعوتها للوحدة على اعتبار لايمكن تجاهله وهو ان بعض الكيانات المستهدفة لهذه الوحدة تعانى من اشكاليات مرجعية كالتجمع والتحالف الشعبى وان دخولها فى أى وحدة ( اندماجية ) سينقل هذه الاشكاليات المرجعية الى الكيان الموحد (الذى هو اليسار الموحد )  

3- لحالة الأنقسام الحالية مخاطرها بالتأكيد ولكن مخاطر الوحدة دون الأجابة على أسئلتها ستقود فى النهاية الى مخاطر وجودية بالنسبة للكيانات التى ستشارك فى هذه الوحدة قافزة على شروطها الموضوعية ..

 الملاحظة الرابعة : انه باستعراض ما طرح عمليا حتى الان من أفكار اجرائية نحو الوحدة نجد ان قسما هاما منها يدور حول خيار ان يكون حزب التجمع هو محور تحقق هذه الوحدة باعتباره ( لست انا الذى أعتبر ذلك ) أكبر الاحزاب اليسارية وأقواها وبغض النظر عن حقيقة ذلك فأن التصورات  الموجودة  داخل أروقة حزب التجمع - لفكرة اليسار الموحد - تتمحور فى خطاب عام معلن يعبر عن حسن النوايا وتمنى التوحد بل واستعجاله .. ولكن ماوراء هذا الخطاب من مناقشات تفصيلية تدور بين قياداته وبين الشباب الداعى للتوحد .. تنتهى الى طرح فكرة ان التجمع هو بيت اليسار وانه الحزب الذى يملك الادوات والامكانات المادية والمالية الأكبر وهو له شكل قانونى رسمى وبالتالى فما المناع من انضمام الجميع الى الحزب .. يقولون ذلك دونما ان يجهدوا انفسهم أو ان يلتفتوا الى أى شرط من شروط التوحد موضوعيا .. المهم أن يأتى الجميع الينا ... وهو جهد أقل مايمكن أن يطلق عليه أنه جهد غير جاد بما يوازى الآمال الحقيقية لدى الشباب اليسارى فى رؤية ( يسار موحد ) قد بزغت شمسه فى يوم ما ..

 خامسا وليس آخرا:  اننا حتى الان لم نضع أحتمالية أن نجرب لبعض الوقت الأستفادة من تنوع وتعدد تنظيمات اليسار بأفكارها ومدارسها المتنوعة فى اطار وحدة للعمل على أرض الواقع النضالى تتنامى فيها امكانات وحدة حقيقية - ونهائية لا انقسامات بعدها - فى المستقبل تتفاعل فيها الأختبارات الحقيقية الجادة لنوايانا حول الوحدة وتتفاعل فيها النقاشات المبدعة حول ادوات النضال فى الواقع وتتضح لنا من خلال استجابات هذا الواقع - لاغيرها - الأفكار الصحيحة حول نضالاتنا والتى تستطيع ان تصمد امام تحديات هذا الواقع وتخلق فيما بين الكيانات اليسارية المختلفة  أشكال تنسيقية تخلق تفاهمات على الارض وافكار ابداعية مشتركة تتولد من النضال المشترك بدأ بالمعارك الجماهيرية ذات الطبيعة الطبقية المشتركة وتصاعدا بالمعارك السياسية وارتقاءا بسلسلة من التنظيم المشترك لتلك النضالات وصولا الى أرادة مشتركة على الارض ... أرض الواقع لا أرض الوثائق والأعلانات والفرقعات الأعلامية وما قد يكلفنا أثمان باهظة لاندفاع نحو الخطأ التقليدى والوقوع فى فخ الوحدة ثم الانقسام ... ثم التشتت ..

الجمعة، 8 نوفمبر 2013

دائما تعودت منذ الصغر أن أذهب الى الكنيسة فى أعياد أخوتى وأخوانى من المسيحيين فى أعيادهم ... تعودت على ذلك منذ الطفولة عندما كنا نسكن فى مدينة امبابه وكان لنا جيران أعزاء من المسيحيين أذكر منهم جارتنا أم وديع وأبنها وديع صديقى لم نكن نفترق كأسرتين .. وكان لوالدى صديق ترزى بأمبابة كانت بناته تدرس فى كنيسة امبابة دروس فى الحساب واللغة العربية للمرحلة الأبتدائية مجانا لأولاد المنطقة وكنت أذهب للكنيسة لتلقى دروسى .. وظلت علاقتى بكنيسة امبابة حتى رحلنا فى أوائل السبعينيات الى مسقط رأس أمى فى المحمودية بحيرة فكان لنا علاقتنا بكنيسة المحمودية نظرا لصداقة أحد الأسر المسيحية لنا عن طريق جدى لأمى .. وكان الشيخ كامل سعد ( المسيحى ) صديق جدى .. وزميله فى المجالس العرفية التى تنعقد فى القرى المختلفة لفض المنازعات بين الأهالى بالطرق العرفية .. وارتبطت بأحفاده فى صداقات ثم كانت صداقتى للقس ارثانسيوس قس كنيسة المحمودية .. كذلك كانت لى زياراتى لكاتدرائية دمنهور ومازالت .. قابلت البابا تواضروس قبل ان يتم تنصيبه كبابا لكنيسة الأسكندرية وللكرازة المرقسية .. عندما كان هو الأنبا تواضروس كمسئول عن ابراشية البحيرة ( وأعتبر نفسى محظوظا وفخورا بذلك ).. صدقونى كلما كان هناك عيد للأخوة المسيحيين أشعر شعورا صادقا وتتلبسنى حالة العيد فأرتدى أفضل ثيابى لأذهب الى كاتدرائية دمنهور فى ليلة العيد .. وفى الصباح الباكر أذهب الى كنيسة المحمودية .. شعور جميل هو نفس شعورى بأعياد الفطر والأضحى المباركين ..








الثلاثاء، 5 نوفمبر 2013

السيسى

الفريق السيسى قد يصبح مثل حصان طروادة الذى يأمل الساداتيون وأبناؤهم المباركيون فى أن يحملهم معه فينقضوا من باطنه على مواقع السلطة السياسية ثانيا لصالح الحفاظ على سيطرة تحالف الرأسماليات المصرية على الأوضاع الأقتصادية والأجتماعية فى مصر وتفريغ انتفاضتى 25 يناير , 30 يونيو من محتواهما من مطالب شعبية نحو تغيير حقيقى للأوضاع الأقتصادية والأجتماعية والسياسية فى مصر ... 
بعض الناصريون لديهم أوهام بأن السيسى سيكون شبيها لبعبد الناصر .. وهم اذن وقعوا فى فخ تلك الأوهام التى تروج - من قبل دوائر أعلامية وسياسية ( ومن كهنة ودراويش الدولة المصرية الهرمية التى يعتليها نموذج البطل الملهم ) - حول رجل لم يعرف عنه حتى الان انه صاحب مشروع سياسى وطنى ما .. 
وقد يدفع حمدين صباحى - للأسف - الثمن المباشر لذلك ..

الاثنين، 4 نوفمبر 2013

فى معنى ان يقف الحاكم الثانى فى القفص

 عندما يقف مرسى غدا فى قفصه كثانى رئيس يدخله الشعب المصرى الى داخل قفص الاتهام .. نكون قد اقتربنا من انهاء ثقافة تقديس الحاكم وتنزيهه عن المحاسبة .وهو ما توارثناه عن أسلافنا المصريين عبر تاريخنا الطويل منذ ان وجدت أقدم دولة  مركزية فى التاريخ يجلس على رأسها الفرعون الذى يملك مفاتيح الرى وبالتالى مفتاح الرزق والحياة فى ذلك البناء الهرمى للدولة المصرية .. فكما بنينا الأهرامات على ذلك النسق الهندسى ذاته بنينا هرم الدولة المصرية على ضفاف نهر النيل الذى يصل شمالها بجنوبها ويلعب الدور  المركزى ( هو والدين ) فى تأسيس الدولة المصرية ولما كان الحاكم ( الفرعون ) هو حامل مفاتيح الرى والذى يزرع الفلاحون الارض لحسابه ( وظلوا يزرعونها لحساب الحاكم لمدة تقترب من 19 قرن من الزمان  وهو ابن الاله المعبود من قبل المصريين  حتى انهيار مصر الفرعونية .. فظل المصريون ينظرون الى الحاكم نظرة الى الجالس فى علاه  متواكلون عليه فى ادارة شئون حياتهم حتى أصبح الخروج على الحاكم خروجا على الملة ولم تؤثر  عملية الزرع الأصطناعى لليبرالية المصرية فى عهد محمد على وماتلاه من حكام فى تغيير هذه النظرة المجتمعية الا فى الهامش المدنى ( العاصمة والأسكندرية ) وفضلا عن تشوه الناتج الليبرالى الاصطناعى المشوه والمرتبط بحبل صرى لم يتم قطعه مع المنشأ الأجنبى للرأسمالية التجارية والصناعية وغلبته فى الزراعية وفشلها فى صياغة تتطور حقيقى لقضية العلاقة بين الحاكم والمحكومين فى اطار ذلك الفشل الشامل فى النهوض بمهمة البرجوازية فى تنوير وتحديث المجتمع المصرى حينها .. ثم أتت سلطة يوليو لتكرس لفكرة الزعيم والقائد الملهم الذى تتكل عليه الجماهير الشعبية فى تصفية مظاهر الأستغلال الطبقى الذى كان يمارس من كبار الملاك الزراعيين والاجانب والرأسمالية المتمصرة والمصرية فجاءت كهدية من الحاكم الجالس فى علاه الى المقهورين فى الأسفل المجتمعى قرارات الأصلاح الزراعى والتأميم .. ثم توالت ضربات الحاكم فى علاه ( جمال عبد الناصر ) للأستعمار الذى وقف فى طريق الاستقلال الوطنى ( كشعور قومى ) سواء بتأميم قناة السويس أو ببناء السد العالى أو بناء القطاع العام المصرى .. كل ذلك كان يتم بدون ان تفاعل سياسى من الطبقات التى تستفيد من تلك الخطوات الوطنية  بفعل اعتماد البناء الهرمى الفرعونى كبنية للمؤسسة السياسية المصرية التى يجلس اعلاها الحاكم الملهم  وماأستلزمه ذلك البناء من تأميم للصراع الطبقى وبالتالى تأميم العمل السياسى وحصره فى تنظيم الدولة المركزية العريقة ( هيئة التحرير ثم الأتحاد الأشتراكى العربى ) وجاء السادات واقام احزاب شكلية ليقيم حزب الدولة بديلا عن الاتحاد الاشتراكى ( حزب مصر العربى الاشتراكى ثم الحزب الوطنى الديمقراطى ) وظل حزب الدولة هو  مرتكز الحاكم الجديد (السادات وبعده مبارك ) وفى الهامش مجموعة أحزاب كديكور عصرى للتعامل مع الخارج باعتبار استيفاء الشكل السياسى لحرية السوق فى مصر لا أكثر والعالم الرأسمالى ( ذو الخطاب الديمقراطى )  كان يعرف ذلك ويغمض عينيه طالما ان مصالحه ومكاسيه الاستراتيجية فى المنطقة تتعاظم   ... وهكذا ظلت الفرعونية هى ثقافة الحاكم الجالس على رأس الدولة المركزية وثقاقة كهنتها من كبار الموظفين وقادة الجيش والشرطة والقضاة ومدعى الثقافة الليبرالية من نخب تطوف حول مركزية الدولة .. الى ان جاءت انتفاضة 25 يناير العظيمة ..فينهار ذلك البناء وتتآكل تلك الثقافة ( وهو مالم يعيه الأخوان عندما أمسكوا بالسلطة ) وجاءت انتفاضة 30 يونيو  استكمالا لذلك ولكن للأسف هناك مؤشرات على ان ماتلاها من أحداث يجرى فى اطار محاولات البعض من كهنة دولة ماقبل 25 يناير وممثلى الطبقات الرأسمالية الكبيرة المسيطرة لاستعادة زمام الأمور والايام والشهور القادمة ستجيب على سؤال اللحظة الراهنة ( الى اى طريق هم ذاهبون بحكم مصر ) والى أى مدى ستنكشف محاولات تزييف الوعى وخلط الأوراق لتكريس سيطرة الطبقات المسيطرة اجتماعيا على ارض الواقع حتى الان ...

سيقف الحاكم الثانى فى القفص للمحاكمة لتسقط ثقافة الحاكم فى بأمره فى علاه ... ولكن هناك من يحاول الان عبر صخب شعبوى هادر اعادة الحاكم النموذج القائد الملهم  

ولا يجب ان نندهش من حالة الحماس المفرط التى تنتاب الكثيرين لترشيح الفريق السيسى رئيسا للجمهورية .. فى الوقت الذى لا يعرف فيه أحد على وجه التحديد .. ماهو المشروع السياسى لذلك الجنرال الأثير  . .. فذلك هو دأب كهنة الدولة المركزية ودراويشها من النخب المثقفة والتى تمارس المزيد من تزييف الوعى استغلالا  لحالة الأضطراب المجتمعى والسياسى العاصف نتيجة مايقترفه الاخوان وحلفاؤهم من ارهاب للمجتمع وتهديد مستمر لأمنه واستقراره ... 

يجب ان نضع على جدول أعمالنا أن تنتهى ثقافة انتظار ان يأتى التغيير من أعلى .. من رجل فرد نتوسم فيه الزعامة ( الكاريزما ) فنلقى عليه امالنا فى التغيير الى حيث تتحقق امانينا فى العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية .. وخلافه من مطالب نزلنا بها الى الميادين والشوارع ...

ولنضع أيضا على جدول أعمالنا ان تتحلى الأغلبية المنسحقة من الشعب المصرى بثقافة جديدة مؤداها ان التغيير يأتى من أسفل وليس من أعلى حيث يقف القائد الملهم .. ونكتفى نحن بالدعاء له والاستماع الى الأغانى الحماسية التى تكرس زعامته من نوعية .. (عدينا ياريس ), (عاش اللى قال ) , ( ياروح الأمه العربيه ) , وأخيرا ( تسلم الأيادى ) ...
ويجب على القوى الثورية التى تريد التغيير الحقيقى ... ان تعكف على مشروع حقيقى للتغيير يتضمن طريقة نضال ناجعة وحقيقية بين صفوف البسطاء والمنسحقين وكل بائعى قوة عملهم (الجسدية والذهنية ) تعمق عبرها وعيهم بمصالحهم الأقتصادية والاجتماعية والسياسية .. وتكسبهم الثقة فى القدرة على انتزاع التغيير الحقيقى - الذى تكمن فيه مصالحهم هذه - بأيديهم ... لا أنتظارا للقائد الهمام , المغوار , الملهم ....

التغيير الحقيقى الذى لايستلهمه هؤلاء الناس من مجرد ابتسامة هذا القائد أو من مجرد كلمات عامه حماسية أو وعود بلاغية وحماسية تدغدغ عواطف الجماهير المحتشدة للتصفيق الحاد ...ويجب على القوى الثورية التى تريد التغيير الحقيقى ... ان تعكف على مشروع حقيقى للتغيير يتضمن طريقة نضال ناجعة وحقيقية بين صفوف البسطاء والمنسحقين وكل بائعى قوة عملهم (الجسدية والذهنية ) تعمق عبرها وعيهم بمصالحهم الأقتصادية والاجتماعية والسياسية .. وتكسبهم الثقة فى القدرة على انتزاع التغيير الحقيقى - الذى تكمن فيه مصالحهم هذه - بأيديهم ... لا أنتظارا للقائد الهمام , المغوار , الملهم .... التغيير الحقيقى الذى لايستلهمه هؤلاء الناس من مجرد ابتسامة هذا القائد أو من مجرد كلمات عامه حماسية أو وعود بلاغية وحماسية تدغدغ عواطف الجماهير المحتشدة للتصفيق الحاد ...

الجمعة، 1 نوفمبر 2013