الاثنين، 4 نوفمبر 2013

فى معنى ان يقف الحاكم الثانى فى القفص

 عندما يقف مرسى غدا فى قفصه كثانى رئيس يدخله الشعب المصرى الى داخل قفص الاتهام .. نكون قد اقتربنا من انهاء ثقافة تقديس الحاكم وتنزيهه عن المحاسبة .وهو ما توارثناه عن أسلافنا المصريين عبر تاريخنا الطويل منذ ان وجدت أقدم دولة  مركزية فى التاريخ يجلس على رأسها الفرعون الذى يملك مفاتيح الرى وبالتالى مفتاح الرزق والحياة فى ذلك البناء الهرمى للدولة المصرية .. فكما بنينا الأهرامات على ذلك النسق الهندسى ذاته بنينا هرم الدولة المصرية على ضفاف نهر النيل الذى يصل شمالها بجنوبها ويلعب الدور  المركزى ( هو والدين ) فى تأسيس الدولة المصرية ولما كان الحاكم ( الفرعون ) هو حامل مفاتيح الرى والذى يزرع الفلاحون الارض لحسابه ( وظلوا يزرعونها لحساب الحاكم لمدة تقترب من 19 قرن من الزمان  وهو ابن الاله المعبود من قبل المصريين  حتى انهيار مصر الفرعونية .. فظل المصريون ينظرون الى الحاكم نظرة الى الجالس فى علاه  متواكلون عليه فى ادارة شئون حياتهم حتى أصبح الخروج على الحاكم خروجا على الملة ولم تؤثر  عملية الزرع الأصطناعى لليبرالية المصرية فى عهد محمد على وماتلاه من حكام فى تغيير هذه النظرة المجتمعية الا فى الهامش المدنى ( العاصمة والأسكندرية ) وفضلا عن تشوه الناتج الليبرالى الاصطناعى المشوه والمرتبط بحبل صرى لم يتم قطعه مع المنشأ الأجنبى للرأسمالية التجارية والصناعية وغلبته فى الزراعية وفشلها فى صياغة تتطور حقيقى لقضية العلاقة بين الحاكم والمحكومين فى اطار ذلك الفشل الشامل فى النهوض بمهمة البرجوازية فى تنوير وتحديث المجتمع المصرى حينها .. ثم أتت سلطة يوليو لتكرس لفكرة الزعيم والقائد الملهم الذى تتكل عليه الجماهير الشعبية فى تصفية مظاهر الأستغلال الطبقى الذى كان يمارس من كبار الملاك الزراعيين والاجانب والرأسمالية المتمصرة والمصرية فجاءت كهدية من الحاكم الجالس فى علاه الى المقهورين فى الأسفل المجتمعى قرارات الأصلاح الزراعى والتأميم .. ثم توالت ضربات الحاكم فى علاه ( جمال عبد الناصر ) للأستعمار الذى وقف فى طريق الاستقلال الوطنى ( كشعور قومى ) سواء بتأميم قناة السويس أو ببناء السد العالى أو بناء القطاع العام المصرى .. كل ذلك كان يتم بدون ان تفاعل سياسى من الطبقات التى تستفيد من تلك الخطوات الوطنية  بفعل اعتماد البناء الهرمى الفرعونى كبنية للمؤسسة السياسية المصرية التى يجلس اعلاها الحاكم الملهم  وماأستلزمه ذلك البناء من تأميم للصراع الطبقى وبالتالى تأميم العمل السياسى وحصره فى تنظيم الدولة المركزية العريقة ( هيئة التحرير ثم الأتحاد الأشتراكى العربى ) وجاء السادات واقام احزاب شكلية ليقيم حزب الدولة بديلا عن الاتحاد الاشتراكى ( حزب مصر العربى الاشتراكى ثم الحزب الوطنى الديمقراطى ) وظل حزب الدولة هو  مرتكز الحاكم الجديد (السادات وبعده مبارك ) وفى الهامش مجموعة أحزاب كديكور عصرى للتعامل مع الخارج باعتبار استيفاء الشكل السياسى لحرية السوق فى مصر لا أكثر والعالم الرأسمالى ( ذو الخطاب الديمقراطى )  كان يعرف ذلك ويغمض عينيه طالما ان مصالحه ومكاسيه الاستراتيجية فى المنطقة تتعاظم   ... وهكذا ظلت الفرعونية هى ثقافة الحاكم الجالس على رأس الدولة المركزية وثقاقة كهنتها من كبار الموظفين وقادة الجيش والشرطة والقضاة ومدعى الثقافة الليبرالية من نخب تطوف حول مركزية الدولة .. الى ان جاءت انتفاضة 25 يناير العظيمة ..فينهار ذلك البناء وتتآكل تلك الثقافة ( وهو مالم يعيه الأخوان عندما أمسكوا بالسلطة ) وجاءت انتفاضة 30 يونيو  استكمالا لذلك ولكن للأسف هناك مؤشرات على ان ماتلاها من أحداث يجرى فى اطار محاولات البعض من كهنة دولة ماقبل 25 يناير وممثلى الطبقات الرأسمالية الكبيرة المسيطرة لاستعادة زمام الأمور والايام والشهور القادمة ستجيب على سؤال اللحظة الراهنة ( الى اى طريق هم ذاهبون بحكم مصر ) والى أى مدى ستنكشف محاولات تزييف الوعى وخلط الأوراق لتكريس سيطرة الطبقات المسيطرة اجتماعيا على ارض الواقع حتى الان ...

سيقف الحاكم الثانى فى القفص للمحاكمة لتسقط ثقافة الحاكم فى بأمره فى علاه ... ولكن هناك من يحاول الان عبر صخب شعبوى هادر اعادة الحاكم النموذج القائد الملهم  

ولا يجب ان نندهش من حالة الحماس المفرط التى تنتاب الكثيرين لترشيح الفريق السيسى رئيسا للجمهورية .. فى الوقت الذى لا يعرف فيه أحد على وجه التحديد .. ماهو المشروع السياسى لذلك الجنرال الأثير  . .. فذلك هو دأب كهنة الدولة المركزية ودراويشها من النخب المثقفة والتى تمارس المزيد من تزييف الوعى استغلالا  لحالة الأضطراب المجتمعى والسياسى العاصف نتيجة مايقترفه الاخوان وحلفاؤهم من ارهاب للمجتمع وتهديد مستمر لأمنه واستقراره ... 

يجب ان نضع على جدول أعمالنا أن تنتهى ثقافة انتظار ان يأتى التغيير من أعلى .. من رجل فرد نتوسم فيه الزعامة ( الكاريزما ) فنلقى عليه امالنا فى التغيير الى حيث تتحقق امانينا فى العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية .. وخلافه من مطالب نزلنا بها الى الميادين والشوارع ...

ولنضع أيضا على جدول أعمالنا ان تتحلى الأغلبية المنسحقة من الشعب المصرى بثقافة جديدة مؤداها ان التغيير يأتى من أسفل وليس من أعلى حيث يقف القائد الملهم .. ونكتفى نحن بالدعاء له والاستماع الى الأغانى الحماسية التى تكرس زعامته من نوعية .. (عدينا ياريس ), (عاش اللى قال ) , ( ياروح الأمه العربيه ) , وأخيرا ( تسلم الأيادى ) ...
ويجب على القوى الثورية التى تريد التغيير الحقيقى ... ان تعكف على مشروع حقيقى للتغيير يتضمن طريقة نضال ناجعة وحقيقية بين صفوف البسطاء والمنسحقين وكل بائعى قوة عملهم (الجسدية والذهنية ) تعمق عبرها وعيهم بمصالحهم الأقتصادية والاجتماعية والسياسية .. وتكسبهم الثقة فى القدرة على انتزاع التغيير الحقيقى - الذى تكمن فيه مصالحهم هذه - بأيديهم ... لا أنتظارا للقائد الهمام , المغوار , الملهم ....

التغيير الحقيقى الذى لايستلهمه هؤلاء الناس من مجرد ابتسامة هذا القائد أو من مجرد كلمات عامه حماسية أو وعود بلاغية وحماسية تدغدغ عواطف الجماهير المحتشدة للتصفيق الحاد ...ويجب على القوى الثورية التى تريد التغيير الحقيقى ... ان تعكف على مشروع حقيقى للتغيير يتضمن طريقة نضال ناجعة وحقيقية بين صفوف البسطاء والمنسحقين وكل بائعى قوة عملهم (الجسدية والذهنية ) تعمق عبرها وعيهم بمصالحهم الأقتصادية والاجتماعية والسياسية .. وتكسبهم الثقة فى القدرة على انتزاع التغيير الحقيقى - الذى تكمن فيه مصالحهم هذه - بأيديهم ... لا أنتظارا للقائد الهمام , المغوار , الملهم .... التغيير الحقيقى الذى لايستلهمه هؤلاء الناس من مجرد ابتسامة هذا القائد أو من مجرد كلمات عامه حماسية أو وعود بلاغية وحماسية تدغدغ عواطف الجماهير المحتشدة للتصفيق الحاد ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق