الاثنين، 23 سبتمبر 2013

عن عامل النظافة الذى صفعته يد الدولة

‏18 سبتمبر، 2013‏، الساعة ‏07:12 مساءً‏

الواقعة تتلخص فى انه أثناء مرور محافظ البحيرة المفاجئ لمتابعة أعمال النظافة فى مدبنة دمنهور اكتشف ماأعتبره تقصيرا من عامل النظافة فى عمله فنهره .. ولماكان سيادة الوزير المحافظ متخفيا على طريقة هارون الرشيد المعروفة .. فرد عليه عامل النظافة مدافعا عن نفسه فقام المحافظ بالاعتداء عليه بالضرب .. هكذا .. وكأنه لايملك سلطة توقيع الجزاء على عامل النظافة الذى تجرأ ولم يقبل نهر الشخص ( الذى اتضح انه سيادة الوزير محافظ البحيرة ) ..
حدث ماحدث .. وأعلنت الصحف بعد ذلك ان المحافظ استقبل العامل وطيب خاطره ...
وبغض النظر عن ان سيادة الوزير المحافظ كان لايجب ان ينحدر أصلا الى درجة استخدام يده فى معاقبة عامل نظافة رأى فى حينها انه مهمل فى عمله (وقد يكون ذلك صحيحا ) ..ثم كان عليه باعتبار انه اخطأ فى حق مواطن يتساوى معه من حيث الكرامة الانسانية ان يعفر قدميه بتراب الطريق الى منزل هذا الانسان المواطن ليعتذر له فى وسط أولاده وأسرته (ناهيك انه لم يكن سيعتذر الا بعد ان فضحته الصحافة وضبطته متلبسا بفعلته ) .. أو على الأقل كان قد طلب حضور عمال النظافة فى المدينة والقيادات الشعبية فى المحافظة وأعتذر علنا للعامل امامهم ......
ناهيك عن كل ذلك ... ولأيجب ان نتعامل مع الموضوع بمنطق (أقرا الحادثه ) الذى لجأ اليه الكثيرون من ذوى الرؤى السطحية وصحفيوا السبوبة السياسية (البابراتزى )...
الموضوع هو موضوع عامل النظافة وعلاقته بالدولة والمجتمع وحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والقانونية .. موضوع تلك الفئات المهمشة من البشر التى لاينصفها الظرف الاجتماعى ولا الدولة فتبيت يوميا على سرير الفقر والاحباط وفقدان الامل فى حياة انسانية كريمة .. دعنا من هذا الكلام العام ولنحدد الموضوع كالاتى :
1- ان عمال النظافة لايحصلون على اجور تتوازن مع طبيعة أعمالهم .. وهى أجور شديدة التدنى ولاتضمن حياة كريمة انسانيا ... وهذا نموذج للاتساوى الغير مقبول الذى تمارسه الدولة على شرائح وفئات عديدة من المجتمع ..
2- ان عمال النظافة - مع التدنى الشديد فى دخولهم - محرمون من الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية هم وأولادهم شأنهم شأن الكثيرون من سكان العشوائيات وأطراف المدن الريفية ...
3- ان الغالبية الساحقة من هؤلاء العمال لايملكون تنظيما نقابيا يدافع عنهم ولا روابط تتحدث بأسمهم بالرغم من المخاطر الصحية الشديدة للتلك النوعية من المهن وكذا رداءة ظروف وشروط العمل ..
4- ان حالة القهر الاقتصادى والتهميش الاجتماعى التى تمارسها الدولة على هؤلاء الناس ساهمت فى ثقافة اجتماعية تتعالى عليهم وتشعرهم انهم مواطنين من الدرجة الأدنى وتشعرهم بأنهم (هم الحائط الواطئ بالنسبة للجميع ) وفى اطار هذا فأننى ارى تصرف المحافظ قد جرى فى نفس السياق ..
فيد المحافظ التى صفعت عامل النظافة هى يد الدولة التى تميز بين ابنائها على اساس الوضع الاجتماعى والاقتصادى للمواطن .. وهو احد انواع التمييز الذى يمارسه مجتمعنا للاسف ضمن اصناف اخرى من التمييز على اساس الدين والعقيدة والجنس والموضع الجغرافى داخل الوطن .... الوطن القاسى على ابنائه الا قليلا من المتنفذين اجتماعيا من الرأسماليين وأصحاب الوظائف العليا فى الدولة والبنوك وقطاع الاعمال ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق